باسيل يشهر سيف الطائفية.. ومسيحيون: حزب الله ليس المخلّص
يرتدي غطاء الطائفية متقمصا دور الزعيم المسيحي، ويقدم أوراقه الممهورة لدى أمين عام حزب الله وكأنه تطويب له كمرشد أعلى للموالين له.
إنه رئيس التيار الوطني الحر جبران باسيل، الذي يمعن في حديثه عن حقوق الطائفة المسيحية في لبنان، في التخلي عن كل شيء؛ احتماء بحزب الله الإرهابي.
احتماء يكسر فيه صهر الرئيس ميشال عون كل "المحرمات"، ويشهر فيه دون مواربة سيف الطائفية، لكنه في هذه الحالة يغضب أبناء المكون المسيحي، بارتمائه المجاني في حضن حزب الله، وتسليم زعيم الحزب حسن نصرالله مفاتيح "الحل" من منظوره هو، كما أعلن مؤخرا.
ويلاحظ مراقبون للشأن اللبناني، وسياسيون تحدثوا لـ"العين الإخبارية" أن باسيل يتعمد في الفترة الأخيرة إظهار نفسه على أنه حامي حقوق المسيحيين، راكبا بذلك موجة الطائفية؛ لاستعادة ما خسره منذ "تحركات 17 تشرين" التي حملته بالاسم مسؤولية الانهيار، منذ وصول والد زوجته ميشال عون إلى رئاسة الجمهورية والخيارات السياسية التي اتخذها "العهد" عبر الذوبان بحزب الله، ما أدى الى عزل لبنان سياسياً واقتصادياً.
خرجة أفاضت "كأس الطائفية"
وفي آخر اطلالاته التي خرج فيها باسيل ليدافع عن خياراته في عرقلة تشكيل الحكومة، متهماً رئيس الحكومة المكلف سعد الحريري بالانقضاض على الحقوق، ذهب أبعد بكثير مما تصوره كثيرون في الداخل والخارج في اللحظة الحالية، حين أعلن جهرا تسليمه الكامل لمشيئة حزب الله حسن نصر الله في الملف الحكومي
وما زاد غضب اللبنانيين، خاصة الطائفة المسيحية، إعلان باسيل جهراً وعمداً أنه يطلب من نصرالله تولى الحسم في الخلاف الحكومي؛ مسقطاً بالضربة جميع المبادرات الحكومية، متذرعاً بالقول إن: "أزمة التشكيل كشفت أزمة النظام والدستور والممارسة والنوايا، وهذا الأبشع، وكشفت أن معركة الدفاع عن الحقوق التي نقوم بها، ليست من باب المزايدة ولا العرقلة، بل من باب حماية وجودنا الحر".
الردّ المسيحي الحزبي على كلام باسيل جاء عنيفاً من حزب "القوات" الذي تساءل في بيان سابق: "هل من المسموح لرئيس أكبر كتلة مسيحية ولديه رئاسة الجمهورية أن يستعين بنصرالله ويجعله حكماً في موضوع الحكومة؟ ما هو المثال الذي يعطيه باسيل؟ هل الحكم هو السلاح أم الدستور؟"، معتبرا أن "ما وصل إليه لبنان اليوم هو بسبب الاستقواء بسلاح حزب الله".
البيان تساءل بصراحة كبيرة: "أي مسيحي في لبنان يملك العزة والكرامة والشهامة يقبل بأن يكون نصرالله أو غيره مؤتمناً على حقوق المسيحيين؟، إن أكبر استباحة لحقوق المسيحيين تكمن في جعلهم في ذمة سلاح غير شرعي، وإيصالهم إلى الذل الذي يعيشونه بسبب سياسة المصلحة والسمسرة والفساد".
محاولة للفهم
ومحاولة لفهم سياق عزف باسيل على وتر الطائفية، والارتماء في وحل حزب الله؛ يقول المسؤول الإعلامي لحزب القوات اللبنانية شارل جبور إن رئيس التيار الوطني الحر حاول إقناع المسيحيين أن تحالفهم مع "حزب الله"، يؤدي إلى تمكينهم وتعزيز نفوذهم على مستوى الدولة، مشيراً الى أن هذا المشروع الذي حاول صهر عون الترويج له، "وصل إلى حائط مسدود وفشل، وأفشل اللبنانيين والدولة في لبنان وأفقر شعب وجوّع الشعب اللبناني".
ورأى جبور في حديث لـ"العين الإخبارية" أن "المسألة اليوم هي مسألة مشروع سياسي وهذا أساس خلافنا، فهو يسعى إلى تغطية دور وسلاح حزب الله، مقابل أن يمكّن الحزب التيار الوطني الحر على مستوى السلطة والنفوذ لكن هذا المشروع وصل إلى نهايته بدليل الحالة الانهيارية التي يعيشها لبنان".
وأضاف: "هنالك مخاوف جدية وكبرى وواسعة لدى حزب الله ولدى التيار من الانهيار الشعبي لهذا الفريق المسيحي وهو ما بدا واضحاً بعد التحركات الشعبية منذ تشرين 2019 إلى اليوم، والدليل أنهم يخشون اليوم الذهاب إلى انتخابات نيابية مبكرة رغم التوتير المذهبي".
ولفت المسؤول الحزبي إلى أن المسيحيين الذين وعدهم جبران باسيل بـ"المن والسلوى" أوصلهم إلى الذل والوقوف بالطوابير لطلب الوقود والخبز والدواء، مشيراً إلى أن أولوية المواطن المسيحي في لبنان كانت نمط عيشه وهي مسألة ترتقي بالنسبة إليه إلى مرتبة القدسية، وهذا ما تم ضربه بالفعل".
حزب الله "المختطف"
وأكد أن المشروع الذي تحمله "القوات اللبنانية" والذي يتمثل بالمطالبة بالدولة القادرة، والتمسك بالدستور والقوانين، والحياد، وعلاقات الدولة؛ العربية والغربية، أعاد التأييد المسيحي لها، لأن هذا المشروع يريحهم، وهذا خطهم التاريخي، مضيفاً، أن "عون نجح بفترة بأخذ المسيحيين باتجاه خيار بعيد عن ثوابتهم ولكن اليوم تمت إعادتهم".
أما أمين عام حزب الكتائب سيرج داغر، فرأى أنه عندما يتكلم جبران باسيل عن حقوق الطائفة فهو يتكلم عن حقوق حزبه فقط، مؤكداً أن معركته السياسية اليوم ليست معركة طائفية أو مسيحية، إنما معركة بقاء في السلطة لا أكثر ولا أقل.
وقال داغر لـ"العين الإخبارية": "كفى جر المسيحيين إلى معارك وهمية واستعمالهم وقوداً من أجل التمسك بالكرسي، الذي رأينا إلى أين أوصل الوطن والمسيحيين... عطلنا تأليف الحكومات لسنوات، كما أوقفنا انتخابات رئاسة الجمهورية وجميعها كانت من أجل الحصول على حقوق جبران".
ولفت داغر إلى أن "جميع اللبنانيين اليوم منتهكة حقوقهم وليس المسيحيين، والقضية ليست قضية مسيحية أو دينية"، متسائلاً: "هل منع أحد المسيحيين من أداء صلاتهم مثلاً؟".
ومضى المسؤول الحزبي يقول: "عندما عقد باسيل التسوية مع سعد الحريري لم يهتم لحقوق الطائفة، وحصل على ما يريد شخصياً فلم يعد يتكلم بالحقوق، وعندما اختلف معه عاد لنغمة الحقوق".
وتساءل داغر في هذا السياق: "هل التحالف مع حزب الله يؤمن الحقوق للطائفة المسيحيين؟ أو يؤمن جهة يستقوي بها على غيره من أفراد الطائفة"؟
وإذ اعترف داغر أن النظام الحالي لا يعطي ضمانات للطوائف وخصوصاً للمسيحيين اللذين يخسرون جزءا من امتيازاتهم، أكد أن عمليات تطويره ممكنه ضمن أطر معنية، تستند على مركزية وضمانات للطوائف وتأتي ضمن نقاش هادئ، بعد انتخابات نيابية.
وختم الأمين العام للكتائب حديثه قائلا: "طبعاً أركان السلطة الحالية ومن ضمنهم باسيل ليسوا مؤهلين ولا مكلفين للخوض بهكذا نقاش".
بدوره علّق عضو المجلس السياسي لحزب الوطنيين الأحرار سامي شمعون على اعتبار باسيل نفسه حامي حقوق المسيحيين وقال لـ"العين الإخبارية": "لقد عوّدنا السيد باسيل على استراتيجية الهروب من الفشل باتجاه معركة الدفاع عن الوجود".
وتابع في دعم وجهة نظره: "هذا الفريق الذي قدّم له المسيحيون الوكالة منذ العام 2005 ماذا كانت نتيجة أعماله؟ تسليم الأزلام غير الأكفاء الوزارات والإدارات، فزادت الفوضى وعمّ الفساد".
وتوجه شمعون لباسيل بالقول: "خلقتم عداوات على مساحة الوطن ومع كل الطوائف ما عدا ولي أمركم حزب الله. تحاولون التلاعب بالدستور باختلاق أعراف جديدة وتطالبون بتعديلات دستورية في ظل اختلال بالتوازن الوطني ويحلو لكم السكوت على وجود مليشيات مسلحة تسيطر على الدولة بكل مفاصلها".
"أما مقولة الرئيس القوي التي وضعتموها فأصبحت مبتذلة أمام معاناة الناس التي تموت جوعا، أو تستجدي الدواء والاستشفاء وبأحسن الأحوال تذل إثر شح المحروقات"، يختم شمعون حديثه.
aXA6IDMuMTQ1LjE2MS4xOTQg جزيرة ام اند امز