باسيل وأزمات لبنان.. سهام تضرب الفرقاء وتتفادى "الصديق" نصر الله
محملا الرئيس المكلف تعطيل الحكومة، ومطلقا النار على مبادرة بري، وزّع رئيس التيار الوطني الحر سهام النقد على فرقاء لبنان دون نصر الله.
وفي خطاب حادّ اليوم الأحد، عن أزمة تشكيل الحكومة، جدد صهر الرئيس ميشال عون، تمسك تياره بنصيبه من التأليف، مطالبا بأن تكون هناك "مناصفة فعلية" بالتوازي والتساوي بين المسيحيين والمسلمين، على حدّ تعبيره.
سهام باسيل، طالت أيضا رئيس البرلمان نبيه بري، وسمير جعجع، زعيم القوات اللبنانية، فيما اتهم رئيس الحكومة المكلف سعد الحريري بالمماطلة، لكنه تناسى أشواك حزب الله واستحضر صورة له كما يتخيلها هو لا اللبنانيون، واصفا أمينه العام حسن نصرالله بـ"الصديق".
في كلمته لخصمه السياسي في الشارع المسيحي سمير جعجع، قال متسائلا: "هل تعتقد يا جعجع أنّك تخفي جريمتك بسكوتك، إذا تحجّجت أنّنا لا نقوم بمعركة حقوق، بل مصالح؟ طيّب (إذن) ليش. (لماذا) ما عملتها بالطائف بالـ 90، وليش ما عملتها بالقانون الأرثوذكسي وليش ما بتعملها اليوم؟ أو أنّك ملهي بتعمير القلعة من الخوات والـFundraising والمال السياسي وبيع الكرامة والحقوق؟".
وللحريري دون أن يسميه أضاف: "رئيس الحكومة يقوم بمداورة كاملة باستثناء وزارة واحدة هي المالية وكأنّها صارت حقا مكتسبا! هذا وحده كاف ليسقط الطائف، ونحن لا نقبل به".
مستطردا: "شو (ماذا) بتتوقعوا منّا لمّا يطوّب البعض لحاله وزارة المال ويستثنيها من أي مداورة، ويفرض أعرافا ما لها وجود بالدستور ويعتبرها حقا دستوريا! بيعمل المداورة بالـ 2014 ليأخذ هو المالية ويمنع عن غيره غير وزارات مثل الطاقة، ثم يعمل مداورة مجدداً في 2021 ليسحب الطاقة".
هجوم على بري ورصاصة على "المبادرة"
وهاجم باسيل رئيس حركة أمل نبيه بري قائلا: "نحنا نواب، كيف بيكون ممنوع علينا نلفظ كلمة مجلس النواب إلاّ للمديح؟ شو هو ملكيّة خاصة فيها سند، أو ماركة مسجّلة لصاحبها؟! لا يا أعزائي، مجلس النواب كلّنا لنا فيه، بقدر شغلنا وأحجام كتلنا".
وفي نقد مباشر أكمل "رئيس المجلس مش (ليس) دوره يفسّر الدستور ببيان صحفي باسم الشعب؛ يمكن تكون شغلة (دور) مجلس النواب مجتمعاً يفسّر الدستور، مع العلم إنّو (أنه) لازم (يجب) هالصلاحيّة تكون برأينا للمجلس الدستوري".
وأضاف: "مع احترامنا لمقام رئاسة المجلس، نطالب بتعديل النظام الداخلي لتحديد المهل، وإلغاء كل استنسابية بموضوع طرح القوانين وإقرارها وغيره. تحديد المهل لازم يشمل الجميع، رئاسة الجمهورية والمجلس والحكومة والوزراء".
وأردف: "رئيس المجلس عنده صلاحيّات أكثر منا كنواب ولكن عليه التقيّد بها، وعليه بموجب النظام الداخلي واجبات، مثل إسكات كل من يتطاول على رئيس الجمهورية من على منبر مجلس النواب".
ومقللا من شأن مبادرة رئيس البرلمان ومتهما إياه بالانحياز قال باسيل: "السيد حسن (نصرالله) استعان بدولة الرئيس برّي كصديق له ليقوم بمسعى حكومي، وليس بمبادرة، لأن لا عناصر لها أو على الأقل لا نعرفها أو تبلّغناها، ولكن نعتبره مسعى وجهدا مشكورا إذا كان متوازنا وعادلا، أي إذا كان هناك "وسيط نزيه"، ويصير غير مرغوب فيه إذا طلع منحازا ومسيئا لنا مثل ما ظهر مؤخراً.
ولاتفاق الطائف خصص جبران باسيل جزءا من خطابه، قائلا: "جوهر الأزمة الوجود والدور والشراكة في دولة تقوم على الإصلاح، وحتّى الطائف الذي ارتضيناه ونطالب بتنفيذه وتطويره، وقدّمنا مشروعا متكاملا بهذا الخصوص، صار المتمسّكون فيه هم من يسيء إليه، بسوء تطبيقه وعدم احترام نصوصه ورفض تطويره، وبسببهم صار الطائف بخطر".
"بترفضوا وضع مهلة للوزير لتوقيع المرسوم، بينما رئيس الجمهورية ملزم بتوقيعه خلال 15 يوم وإلاّ يعتبر نافذا – هيك بيكون الحفاظ على الطائف، وهيك بيكون النظام شغال؟"، يتساءل باسيل.
"الصديق" حسن
لكن اللافت كان هدوء النبرة مع نصرالله الذي وجّه إليه باسيل الخطاب قائلا: "أنا اليوم بدّي أستعين بصديق هو سماحة السيد حسن نصر الله، لا بل أكثر، أريده حكما وأئتمنه على الموضوع... أنا لا أسلّم أمري ومن أمثّل إلى السيّد حسن بل ائتمنه على الحقوق. هو بيعرف انّو نحنا مستهدفين، وكل شيء عم يصير هو للنيل منا، ويعرف أننا تنازلنا بموضوع الحكومة عن كتير من الأمور".
وموغلا في الإطراء لزعيم الحزب "الإرهابي" أضاف باسيل: "يا سيّد حسن، أنا أعرف أنّك لا تخذل الحق. أنا جبران باسيل، من دون ما كون عم حمّلك أي عبء، أقبل بما تقبل به أنتَ لنفسك. هذا آخر كلام لي بالحكومة".
واعتبر أن "أزمة التشكيل أظهرت أن المشكلة ليست بالنصوص الملتبسة للدستور الذي يفتقد للمهل، ولكنّها للأسف بالنوايا الدفينة التي تفضح أصحابها بلحظة تأزم أو غضب؛ فبهكذا لحظة "يفضح اللسان ما تضمره النوايا"، حسب تعبيره.
ورأى باسيل أن أزمة الحكومة "كشفت أزمات أخطر وأعمق: كشفت أزمة النظام والدستور والممارسة والنوايا، وهذا هو الأبشع، وكشفت أن معركة الدفاع عن الحقوق التي نقوم بها، ليست من باب المزايدة ولا العرقلة، بل من باب حماية وجودنا الحرّ".
ودافعا عنه تهمة الطائفية اعتبر باسيل أن "وجودنا مرتبط بدورنا، ودورنا يجب أن يكون كاملا وليس طائفيا بل وطنيا، وهذا ما يجعل لبنان صاحب رسالة فريدة، تماماً كما أراده الآباء المؤسسون، ولذلك المعركة هي بمستوى الوجود".
تهديد بالكثرة
ولم يخلٌ الخطاب من لغة التهديد، بقوله "هم يستعملون ضيقة الناس ليكسرونا ويستعينون كالعادة بالخارج، ويخيّروننا بين جوع الناس وخسارة وجودنا السياسي.. يخيروننا بين الكرامة الوطنية والعيش الكريم ويريدون أن نختار واحدة من الاثنين، ونحن نريدهما معا... ومن ينصحوننا بواحدة منهما، نقول لهم "يا ويلكم" من الناس إذا خسرنا الاثنين".
وفي هذا السياق تابع باسيل: "طالما ناسنا صامدون، نحنا صامدون؛ أنا لا أستسلم إلاّ إذا أراد الناس الذين نمثّلهم هذا الأمر، وأنا أريد أن يعرفوا أنّ كلفة الاستسلام اليوم ستكون كبيرة غدا؛ وما نخسره اليوم قد لا نقدر أن نستعيده غدا".
ومشهرا سيف الكثرة في سياق استعراض القوة، قال باسيل: "بلحظة التأزم او الغضب تسقط كل معاني الشراكة والعيش المشترك ووقف العد، ويحلّ محلّها التذكير بالعدد,,, واضح أنّ هناك من لم يبلع استعادتنا للدور الذي "شلحونا" (أخذوه منا) إياه بين 1990 و2005، واليوم يعتبرون أنّ عندهم فرصة جديدة ليستعيدوا زمن التشليح والتشبيح".
وتابع صهر الرئيس عون" "أي ردّة فعل تنتظرون منا، أن تستشهدوا بالبابا وبالبطريرك لتكذبوا عليهما بالمناصفة، وترجعو لنا بالمثالثة المقنّعة وبصيغة ثلاث ثمانات بالحكومة؟... يمكن معتقدين إنّو وجودنا بالحكم بيخلّينا نخاف على مصالحنا أو نسكت أو نساوم على شراكة هي بأساس تكوين هيدا (هذا) الوطن وبلاها (بدونها) ما في وطن!".
دفاع عن عون
واسترسل الرجل باللهجة اللبنانية، قائلا: "ما رح (لن) تأخذوا منا بالضغط وبوجع الناس وأزماتهم، ولا بعقوبات من العالم كلّه، يلّي (الذي) ما أخدتوا منا من الـ 2005 لليوم... مزعوجين من الشراكة، وما بدّكم (لا تريدون) تحترموا الصلاحيّات! وكمان (أيضا) ما بدّكم إصلاحات! طيّب شو بدّكم (ماذا تريدون) غير إنّو تخلصوا منّا؟ ومش رح تظبط معكم.. أحدهم يستشهد بقداسة البابا وغبطة البطريرك لناحية أنه أخبرهما عن تمسّكه بالمناصفة... فما الأهم، القول أو الفعل؟".
ودون أن يسمي هذه المرة أضاف باسيل: "شخص آخر، يذكّر بأن رئيس الجمهورية ليس عنده لا صوت بمجلس الوزراء ولا كلمة باختيار رئيس الحكومة، ولا يجب أن يكون عنده أي وزير! أي أن رئيس البلاد "صورة على الحيط... ومنكسّرها وقت بيلزم".
ودافع باسيل عن عون قائلا: "نقول لكم أن رئيس الجمهورية سيوقّع، ونحن لن نأخد وزراء لنا، وأنتم ستأخذون ثقة المجلس من دوننا، ونحن نقبل ولا نمنع الحكومة... لكنكم تقولون: غصب عنكم بدّنا ثقتكم لنغطّسكم ونحملّكم مسؤولية وتسبّكم الناس".
وفي نفس الاتجاه تابع باسيل: "وصلت إنو تقولوا لرئيس الجمهورية: ما بيحقلّك (لييس من حقك) تسمّي أي وزير، وما إلك (لا يوجد لك) كلمة بتسمية رئيس الحكومة، ولا حتّى بيحق (يحق) لكتلة تفوّضك تسمّي باسمها مثل ما إنت بتريد، وما إلك صوت بمجلس الوزراء، وبعد ناقص تقولوا له شغلة واحدة!"
وتابع متسائلا: "شو بتنتظروا منا، لمّا تقولوا خلافاً للدستور إنّو تشكيل الحكومة بأسمائها وتوزيع حقائبها هو من صلاحيّة رئيس الحكومة المكلّف، وأن رئيس الجمهورية له حق بس [(فقط) بإصدار مرسوم التشكيل، أو الامتناع وبهالحالة ( في هذه الحالة) يتحمّل مسؤوليّة الفراغ والتعطيل"
وأردف في السياق ذاته"شو بتتوقعوا منا لمّا تقوم القيامة على رئيس الجمهورية إذا ما حدّد استشارات نيابية خلال أيّام، وبعد 8 أشهر من مماطلة رئيس الحكومة المكلّف وعدم إجرائه لا مشاورات مع الكتل ولا تشاور فعليا مع الرئيس، بتعتبروا خرق للدستور إذا حدا (أحد) طالبه أو ساء له!".
ويأتي خطاب باسيل في وقت تراوح الأزمة اللبنانية مكانها، بعدما سقطت جميع المبادرات التي سعى مسؤولون لبنانيون لتقديمها للمساعدة في تشكيل الحكومة.
وزاد التوتر بين الحريري والرئيس ميشال عون سياسيا، فيما ارتفع سعر صرف الدولار بشكل هستيري، وفقدت العملة أكثر من 100% من قيمتها، وسط شح في جميع المواد الأساسية من الدواء والمحروقات وغيرها.
وشهد الأسبوع الماضي خلافاً علنياً بين رئاسة الجمهورية، ورئاسة مجلس النواب، حيث تبادل الطرفان الاتهامات بخرق الدستور، وتجاوز الصلاحيات، ما جعل المبادرة التي حاول القيام بها نبيه بري، لتقريب وجهات النظر بين عون والحريري بحكم الميتة، ما أعاد أمور تشكيل الحكومة اللبنانية إلى نقطة الصفر.