نذر حرب تلوح في الأفق بلبنان، يذكيها تحذيرات لرعايا الدول وإلغاء للرحلات، ووعيد شديد اللهجة من رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو، بـ"رد قاس" على هجوم مجدل شمس.
وآخر تلك الدول التي نصحت رعاياها بمغادرة لبنان وتجنّب السفر إليه، كانت بريطانيا، رغم الجهود الدبلوماسية من عدة دول لاحتواء أي تصعيد بين إسرائيل وحزب الله.
وجاء في منشور لوزير الخارجية ديفيد لامي على منصة إكس "ننصح الرعايا البريطانيين بمغادرة لبنان وبعدم السفر إليه. الوضع في تغيّر سريع".
إضافة تصريحات لأحد سكان مجدل شمس ولماكرون وتصريحات نازح في البريج ونصيحة المملكة المتحدة لرعاياها بمغادرة لبنان
تعهّد رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو الاثنين بـ"رد قاس" على قصف أودى بحياة 12 من الفتية في بلدة مجدل شمس في الجولان المحتل، فيما تُبذل جهود دولية لتجنب مزيد من التصعيد بين إسرائيل وحزب الله اللبناني.
على مدى أشهر، ظل المجتمع الدولي يشعر بقلق من تفجر نزاع إقليمي مرتبط بالحرب المستمرة في غزة بين إسرائيل وحماس والتي اندلعت إثر الهجوم غير المسبوق للحركة الفلسطينية على جنوب إسرائيل في السابع من تشرين الأول/أكتوبر.
وألقت الحكومة الإسرائيلية باللوم في الهجوم الصاروخي الذي وقع السبت على حزب الله الذي نفى أي علاقة له بالواقعة.
وقال نتنياهو الاثنين من مجدل شمس "لن تدع دولة إسرائيل هذا يمر ولا يمكنها ذلك. ردنا سيأتي وسيكون قاسيا".
وأدى الهجوم على ملعب لكرة القدم في وسط البلدة إلى مقتل 12 صبيا وفتاة تتراوح أعمارهم بين العاشرة والسادسة عشرة.
واحتج عشرات من سكان مجدل شمس وعددهم نحو 11 ألفا على زيارة نتنياهو، وتجمعوا خلف حواجز معدنية في ظل مراقبة الشرطة.
وقال أحدهم ويدعى كميل خاطر "في الجولان نريد السلام فقط. وليعد نتنياهو إلى بيته لأنه السبب بالحرب".
خلال زيارته، وضع رئيس الوزراء الإسرائيلي إكليل زهر في ملعب كرة القدم المتضرر، والتقى أحد أفراد الطائفة الدرزية.
منذ الأحد، حذر نتنياهو من أنه سيجعل حزب الله يدفع "ثمنا باهظا"، بعدما حصل مع وزير دفاعه يوآف غالانت على تفويض من المجلس الوزاري المصغر "لتقرير سبل الرد وتوقيته".
حزب الله يبادر
وفي انتظار "الرد القاسي"، أعلن الحزب اللبناني، الإثنين، أنه أطلق "عشرات صواريخ الكاتيوشا" على موقع عسكري إسرائيلي، "ردا" على "اغتيال" اثنين من مقاتليه.
وقالت خبيرة شؤون حزب الله في المعهد الإسرائيلي لدراسات الأمن القومي أورنا مزراحي إن الرد سيكون "أكثر تدميرا مقارنة بما فعله (الإسرائيليون) حتى الآن، لكنه سيكون ردا يمكن لحزب الله احتواؤه ويمنع تدهور الأمور إلى حرب شاملة".
لكن في وسط بيروت، لم يُبدِ لبنانيون تحدثت إليهم فرانس برس قلقا كبيرا.
وقال إيلي ربيز وهو صاحب متجر يبلغ ستين عاما "الحالة التي نعيشها طبيعية تعوّدنا عليها.. منذ فترة طويلة ونحن نعيش في هذه الظروف، وماذا سيحصل أكثر من هذا؟".
وبينما ألقت الولايات المتحدة باللوم على حزب الله في القصف على الجولان، قال البيت الأبيض إنه "واثق" من إمكان تجنب حرب أوسع بين إسرائيل والحزب.
من جهته، حذّر الرئيس الإيراني مسعود بزشكيان خلال اتصال هاتفي مع نظيره الفرنسي إيمانويل ماكرون الاثنين من أن إسرائيل سترتكب "خطأ فادحا" إذا هاجمت لبنان.
وشدّد ماكرون لبزشكيان على "ضرورة بذل كل الجهود لتجنب تصعيد عسكري"، داعيا طهران إلى "وقف دعمها الجهات المزعزعة للاستقرار"، وفق الرئاسة الفرنسية.
وحذّر من أن اندلاع حرب جديدة "ستكون له عواقب مدمرة على المنطقة".
ويتمتع حزب الله، المسلح والممول من إيران، بنفوذ كبير في لبنان ويتهمه منتقدوه بأنه دولة داخل الدولة.
وقف الرحلات
وقررت شركات طيران عالمية تعليق رحلاتها إلى لبنان في ظل تصاعد التوتر بين إسرائيل وجماعة حزب الله، الذي تسبب في إلغاء أو تأخر بعض الرحلات في مطار بيروت.
وخشية حدوث مزيد من التصعيد الإقليمي، أعلنت شركات طيران عدة، بينها الخطوط الجوية الفرنسية ولوفتهانزا الألمانية والخطوط الملكية الأردنية، الاثنين تعليق الرحلات إلى بيروت.
وقالت مجموعة لوفتهانزا إنها علقت خمسة مسارات جوية من بيروت وإليها تشغلها شركات الخطوط الجوية الدولية السويسرية ويورو وينجز ولوفتهانزا حتى 5 أغسطس/آب "إمعانا في الحذر".
قالت الخطوط الجوية الدولية السويسرية، التابعة لمجموعة لوفتهانزا، اليوم الإثنين إنها ستعلق رحلاتها من وإلى العاصمة اللبنانية بيروت حتى الخامس من أغسطس /آب بسبب الوضع في الشرق الأوسط.
وقال متحدث باسم الشركة في رسالة بالبريد الإلكتروني إلى رويترز إن القرار يؤثر على رحلتين من وإلى زيوريخ في 30 يوليو/تموز والثاني من أغسطس/آب.
وأعلنت الخطوط الجوية الفرنسية في بيان اليوم، تعليق رحلاتها بين مطار باريس شارل ديجول وبيروت يومي 29 و30 يوليو/تموز.
كما ألغت شركة طيران صن إكسبرس للرحلات منخفضة التكاليف، ومقرها تركيا، وشركة إيه. جيت التابعة للخطوط الجوية التركية وشركة طيران إيجه اليونانية والخطوط الجوية الإثيوبية وشركة طيران الشرق الأوسط رحلات كان من المقرر وصولها إلى بيروت اليوم الاثنين، بحسب موقع فلايت رادار 24.
وفوض مجلس الوزراء الأمني الإسرائيلي الحكومة برئاسة بنيامين نتنياهو بالرد على الهجوم. ونفى حزب الله مسؤوليته عن الهجوم الذي أوقع أكبر عدد من القتلى سواء في إسرائيل أو في الأراضي التي ضمتها إليها وذلك منذ أن أشعل هجوم حركة (حماس) في السابع من أكتوبر/تشرين الأول على إسرائيل فتيل الحرب في غزة.
وأظهرت شاشة عرض معلومات الرحلات بمطار بيروت وموقع فلايت رادار 24 الإلكتروني لتتبع الرحلات أن الخطوط الجوية التركية ألغت أيضا رحلتين الليلة الماضية.
ومطار بيروت الدولي أو مطار رفيق الحريري هو المطار الوحيد في لبنان. وكان قد جرى استهدافه في الحرب الأهلية في البلاد وفي حروب سابقة مع إسرائيل منها آخر حرب دارت بين حزب الله وإسرائيل في عام 2006.
وقالت شركة طيران الشرق الأوسط، الأحد، إنها أرجأت إقلاع بعض رحلاتها التي كان من المقرر وصولها إلى بيروت ليلا في ذات اليوم. وجرى بعد ذلك الإعلان عن تأخيرات إضافية للرحلات المقرر هبوطها اليوم نتيجة "أسباب فنية تتعلق بتوزيع مخاطر التأمين على الطائرات بين لبنان ووجهات أخرى".
وتزايد تبادل إطلاق النار بين حزب الله والجيش الإسرائيلي عبر الحدود منذ اندلاع حرب غزة.
وأدى الصراع الذي تردد صداه في المنطقة إلى تعطيل الرحلات والشحن في المنطقة، بما في ذلك خلال هجوم متبادل بين إسرائيل وإيران بطائرات مسيرة وصواريخ في أبريل/نيسان.
وعلّقت لوفتهانزا بالفعل الرحلات الليلية من بيروت وإليها في يوليو/تموز بسبب "التطورات الحالية" في الشرق الأوسط.