غياب علم لبنان عن لقاء "ميقاتي - رئيسي".. تبرير حكومي وغضب شعبي
في المساحة الغائمة للعلاقات اللبنانية الإيرانية التي يختبئ شبح حزب الله في هامشها تكتسب كل تفصيلة أهمية خاصة وتفسر ضمن حقل دلالي لتقاطعات السيادة والتبعية.
على هامش أعمال الجمعية العامة للأمم المتحدة التقى رئيس حكومة تصريف الأعمال نجيب ميقاتي، مع الرئيس الإيراني إبراهيم رئيسي، وقرأ اللبنانيون المشهد ضمن قاموس العلاقات الشائكة بين البلدين، ليكتشفوا غياب علم لبنان عن اللقاء في سقطة بروتوكولية لا تحتملها الهواجس الكامنة في الصدور.
ويرى طيف واسع من اللبنانيين أن إيران تمد جذور سيطرتها على البلد المأزم اقتصاديا عبر حليفها حزب الله وسلاحه الذي يفرض معادلات المشهد السياسي في البلد العربي.
وأثار غياب العلم اللبناني عن اللقاء ضجة واسعة، خاصة أن أعلام الدول الأخرى لم تغب عن لقاءات الأخير الثنائية الرسمية في نيويورك.
وبررت الحكومة اللبنانية غياب العلم قائلة في بيان صدر عن وزارة الخارجية الجمعة، إن "الموعد مع الرئيس الإيراني قد تم ترتيبه قبل وقت قصير من انعقاده، وجرى تأخيره نصف ساعة إلى حين إحضار العلم اللبناني من مقر بعثة لبنان لدى الأمم المتحدة".
وأضاف البيان: "لم يكن ممكنا إيصال العلم إلى مقر البعثة بسبب الإجراءات الأمنية الاستثنائية التي واكبت حضور الرئيس الأمريكي جو بايدن أعمال الجمعية العامة للأمم المتحدة".
وأثارت واقعة غياب العلم اللبناني ضجة واسعة عبر مواقع التواصل الاجتماعي وردود فعل غاضبة من لبنانيين باعتبار ما جرى يمس بالسيادة اللبنانية، وأنه كان من الأجدى عدم الجلوس مع رئيس إيران في ظل غياب العلم اللبناني.
النائب جهاد بقرادوني عضو تكتل الجمهورية القوية (التكتل النيابي لحزب القوات اللبنانية)، استنكر عبر حسابه الرسمي على "تويتر"، غياب علم لبنان خلال اللقاء، قائلا: "ما جرى هو مساس بصورة الدولة اللبنانية وكرامة شعبها".
وأعربت ديما الصادق الإعلامية اللبنانية عن دهشتها من تبرير الخارجية اللبنانية لغياب العلم، قائلة عبر حسابها على موقع "تويتر": "يعني رئيس حكومة مسافر كرئيس وفد وما معه علم الدولة؟.. هذه ألف باء البروتوكول".
وكتبت المشاركة اللبنانية رانيا الخليلي عبر حسابها على "تويتر": "من ليس مؤتمنًا على وطن، لن يكون مؤتمنًا على علم".
وفي المقابل، برر لبنانيون آخرون الواقعة بأنها "أمر بروتوكولي" بحت بعد أن نشروا صورا من لقاءات ثنائية سابقة لجلوس رؤساء حكومات سابقين في لبنان، مع رؤساء دول أخرى غير إيران ولم يكن العلم موجودا.
وتتزامن الواقعة، مع وجود وفد لبناني رسمي في العاصمة طهران لبحث سبل التعاون في مجال الطاقة، وملف الهبة الإيرانية للبنان وتتعلق بتزويد بيروت بـ600 ألف طن من المواد البترولية على 5 أشهر.
وأعلنت السفارة الإيرانية في بيروت، أن "الوفد اللبناني يجري مباحثات مع المسؤولين المعنيين في وزارتي الطاقة والنفط الإيرانيتين".
كما أكدت في تغريدة سابقة أن إيران مستعدة لإرسال سفن محملة بالفيول (منتج نفطي يستخدم في محطات توليد الكهرباء) إلى لبنان، خلال أسبوع أو اثنين، للمساعدة في تشغيل محطات توليد الكهرباء.
وفي تعقيبه، قال نجيب ميقاتي في تصريح له اليوم: "لقد أعلنت إيران عن تقديم 600 ألف طن، ولكن هناك مشكلة بسيطة قيد المعالجة تتعلق بالمواصفات، وهي هبة مجانية من دون شروط، وإذا تذللت العقبات فنحن نرحب بالأمر، لأننا بحاجة الى هذا الدعم".