تحذير إيراني جديد.. رسائل الفرصة الأخيرة قبل الرد على مقتل نصر الله؟
تحذير جديد ودعوة لاجتماع طارئ لمجلس الأمن، رسائل إيرانية وجهتها طهران بعد مقتل الأمين العام لحزب الله في غارة إسرائيلية على ضاحية بيروت الجنوبية، وسط تساؤلات حول ما إذا كانت مقدمة للرد الإيراني على مقتل حسن نصر الله.
في الرسالة التي وجهها المبعوث الإيراني لدى الأمم المتحدة أمير سعيد عرفاني إلى المجلس المكون من 15 عضوا، دعا إلى عقد اجتماع لمجلس الأمن التابع للأمم المتحدة بشأن تصرفات إسرائيل في لبنان وفي مختلف أنحاء المنطقة.
الدبلوماسي الإيراني أضاف في رسالته «تحذر إيران بشدة من أي هجوم على مقارها الدبلوماسية وممثليها في انتهاك للمبدأ الأساسي المتمثل في حرمة المقرات الدبلوماسية والقنصلية، وتؤكد أنها لن تتسامح مع أي تكرار لمثل هذا العدوان».
وقال عرفاني إن «إيران لن تتردد في ممارسة حقوقها المتأصلة بموجب القانون الدولي في اتخاذ كل الإجراءات للدفاع عن مصالحها الوطنية والأمنية الحيوية».
ودعا سفير إيران في الأمم المتحدة أمير سعيد عرفاني في هذه الرسالة المجلس إلى «اتخاذ إجراءات فورية وحاسمة لوقف العدوان الإسرائيلي ومنع جر المنطقة إلى حرب شاملة».
وقتل الأمين العام لحزب الله حسن نصر الله في غارة جوية إسرائيلية على ضاحية بيروت الجنوبية، في ضربة وصفها رئيس الوزراء الإسرائيلي السبت بأنها «منعطف تاريخي» لبلاده في الحرب ضد «أعدائها».
فهل ترد إيران؟
قبل محاولة اغتيال نصر الله كان الخط الرسمي لإيران هو أن حزب الله قادر على الدفاع عن نفسه، حتى مع اعتراف المرشد الإيراني آية الله علي خامنئي يوم الأربعاء بأن قتل إسرائيل لقادة المجموعة كان «خسارة بالتأكيد».
لكن في أعقاب الغارة الجوية التي وقعت يوم الجمعة أشارت السفارة الإيرانية في لبنان إلى أن حسابات طهران ربما تتغير الآن.
وقالت السفارة، في بيان لها على موقعها الإلكتروني «لا شك أن هذه الجريمة النكراء والسلوك المتهور يمثل تصعيداً خطيراً يغير قواعد اللعبة، وسيتم معاقبة مرتكبها وتأديبه بالشكل المناسب».
وحول ذلك، قالت تريتا بارسي، نائب الرئيس التنفيذي لمعهد كوينسي ومقره العاصمة واشنطن، إن المنطق الإيراني لتجنب التورط في الصراع ربما لم يعد صالحا.
وأضافت: إذا اتضح (لإيران) أن حزب الله لا يستطيع في واقع الأمر الدفاع عن نفسه بعد التفجير في بيروت، فإن مبررات إيران للبقاء خارج الحرب قد انهارت (..) عند هذه النقطة، فإن مصداقية إيران مع بقية شركائها في المحور (الجماعات المسلحة الإقليمية) سوف تتعرض لخطر الانهيار إذا لم ترد طهران».
بدوره، قال الزميل البارز في معهد واشنطن فرزين نديمي إنه من المرجح أن تكون إيران «مرعوبة من فعالية وكفاءة» الهجمات الإسرائيلية، لكن على الرغم من استهداف القيادة العليا لحزب الله فإن طهران قد لا تزال تعتقد أن المجموعة قادرة على الدفاع عن نفسها وإملاء شروط وقف إطلاق النار في نهاية المطاف، الأمر الذي من شأنه أن يساعد المجموعة على التعافي.
وأوضح أن طهران تساعد حزب الله بالفعل على إعادة بناء هيكل قيادته العسكرية وتقديم المشورة التكتيكية والعملياتية لقيادته، إلا أنه مع ذلك إذا اقتربت المجموعة من الانهيار فقد «يدفع ذلك إيران إلى تدخل أكثر حزما»، ربما في شكل ضربات صاروخية وطائرات دون طيار، كما حدث في أبريل/نيسان عندما ألقت إيران باللوم على إسرائيل في مهاجمة مبنى دبلوماسي لها في دمشق.
نديمي أضاف أنه في حين أن شن هجوم أكبر أمر غير مرجح، فإنه ليس مستبعدا تماما.
هل تتدخل أمريكا؟
يقول سعد، الخبير في شؤون حزب الله من جامعة كارديف، إن تدخل إيران من المرجح أن يجر الولايات المتحدة إلى الحرب، مشيرا إلى أن طهران هي «الحلقة الأضعف» في الصراع.
وأضافت أن «إيران هي العضو الوحيد في المحور الذي يمثل دولة فعلية، أما بقية الدول فهي جهات غير حكومية أو شبه حكومية، لذا فإن إيران هي التي ستخسر الكثير إذا شاركت».
وأشار إلى أن «إيران قوة مسلحة تقليدية، وربما لن تحقق نتائج جيدة مثل حزب الله في الحرب لأنها تشكل بنية تحتية عسكرية مختلفة تماما، وحزب الله يعرف تضاريسه وخصومه بشكل أفضل من أي طرف آخر».
تحسين العلاقات مع الغرب
لكن إيران لديها أيضاً اعتبارات داخلية، فالتصعيد بين حزب الله وإسرائيل يأتي في وقت حساس بالنسبة للرئيس الإصلاحي الإيراني الجديد، الذي خاض حملته الانتخابية على أساس تحسين العلاقات الخارجية لرفع طهران من العزلة التي شلت اقتصادها.
في هذا الأسبوع، قال الرئيس مسعود بزشكيان في الأمم المتحدة إن بلاده مستعدة للتعامل مع الغرب بشأن برنامجها النووي المتنازع عليه، وقد عين جواد ظريف، الدبلوماسي المخضرم الذي تلقى تعليمه في الولايات المتحدة والذي أصبح وجه الاتفاق النووي الإيراني لعام 2015 مع القوى العالمية، نائبا له.
وقالت بارسي، من معهد كوينسي، إن هجمات حماس على إسرائيل في السابع من أكتوبر/تشرين الأول والتصعيد اللاحق مع حزب الله «كانا في توقيت سيئ للغاية بالنسبة لطهران، لأنها تخاطر بجلب المواجهة بين إيران وحزب الله وإسرائيل قبل الأوان في وقت أكثر ملاءمة استراتيجيا لإسرائيل من المحور».
وفي الداخل، يتعين على بزشكيان أن يتنقل بين دائرته الانتخابية الإصلاحية، التي تفضل الانفراج مع الغرب، والعناصر المتشددة داخل النظام التي تريد إظهار القوة ضد إسرائيل.
ويوم الإثنين، وهو اليوم الذي قُتل فيه نحو 500 لبناني في الغارات الجوية الإسرائيلية صرح بزشكيان أمام الجمعية العامة للأمم المتحدة في نيويورك بأن إيران مستعدة «لإلقاء السلاح إذا فعلت إسرائيل الشيء نفسه».
وأثارت هذه التصريحات ردود فعل عنيفة من المتشددين في الداخل بسبب «ظهورهم ضعفاء أمام العدو»، كما أثار تصريحه، إلى جانب عرضه للمصالحة مع الغرب في خطابه أمام الجمعية العامة للأمم المتحدة في اليوم التالي، انتقادات في بعض وسائل الإعلام اللبنانية.
بارسي قالت إنه في ضوء «عدم الرضا العميق الذي يشعر به جزء كبير من الجمهور الإيراني» تجاه النظام، فإن أولوية بزشكيان هي المصالحة الوطنية.
ومع ذلك، إذا تم إضعاف حزب الله بشكل جدي «فإن طهران قد تواجه وضعا تستنتج فيه أن الحرب على عتبة بابها سواء اختارت ذلك أم لا، وأنها نتيجة لذلك من الأفضل لها أن تستجيب قبل أن يضعف حزب الله أكثر».