«إرباك الساحات».. مقتل نصر الله يرتد صداه في غزة والعراق واليمن
"وحدة الساحات" مصطلح استحدثته ما تُسمى بفصائل "محور المقاومة"، في إشارة إلى جماعات مسلحة توالي إيران بالأساس، وتتوزع في أكثر من دولة.
وتلك الوحدة تشير إلى التنسيق والدعم بين تلك الساحات، لكنها في نفس الوقت يمكن أن تتبادل الخسائر، وأكبرها خلال السنوات الأخيرة، مقتل الأمين العام لحزب الله حسن نصر الله.
واتفق خبراء ومحللون على أن مقتل نصر الله سيترك تأثيرا كبيرا على المليشيات الحوثية في اليمن، والفصائل المسلحة في العراق، وحركة حماس في غزة.
وأكدوا أن الضربة التي تلقاها حزب الله -هي الأكبر منذ عقود- ستسبب ارتباكا في كل تلك الساحات، خاصة أن حزب الله هو القوة الضاربة الأكبر والذراع الأقوى لإيران في المنطقة.
تعطل وحدة الساحات
وقال الدكتور بشير عبدالفتاح، الخبير بمركز الأهرام للدراسات السياسية والاستراتيجية، في حديث خاص لـ"العين الإخبارية" إن مقتل نصر الله سيسبب حالة من الارتباك الشديد، خاصة أن حزب الله هو أداة الإسناد الرئيسية لحركة حماس الفلسطينية، مضيفا: "تقوم فصائل سوريا والعراق ومليشيات الحوثي بدور ثانوي يقتصر على المناوشات فقط، بينما القوة الضاربة كانت لحزب الله، وضعف هذه القوة سيكون له تأثير مباشر على كل تلك الساحات".
وأعرب عبدالفتاح عن اعتقاده أن إيران ستقلص من دعم أذرعها في المنطقة، لأن هناك احتمالات بوجود صفقة بين إيران والغرب وإسرائيل، لذا فإن استراتيجية "وحدة الساحات" ستتعطل إلى حين اتضاح معالم مشهد العلاقة بين إيران وإسرائيل والغرب عقب الانتخابات الأمريكية.
وأضاف: "إيران على الأرجح ستمتنع عن مواصلة دعم أذرعها، وتوظيفها للضغط على إسرائيل وابتزاز أمريكا في المنطقة إلى حين انتهاء الانتخابات الأمريكية حتى تتضح ملامح المشهد، فإما أن تحصل طهران على ما تريد، وتقبض ثمن هذا التراجع، مع انكماش فصائلها بالمنطقة، وإما إنها ستكون قد خُدعت وتم التلاعب بها، وهنا ستعاود الكرة مجددا لإيجاد بدائل للقيادات التي تمت تصفيتها، وستعيد هيكلة أذرعها لممارسة نفس السياسة مرة أخرى، إذا ما خاب أملها في تفاهمات مع أمريكا وإسرائيل".
ورأى أن "الأمر سيتوقف على الثمن الذي ستحصل عليه إيران جراء تخليها عن دعم أذرعها، لأن إسرائيل ما كان لها أن تنجح في ضرب حركة حماس، وحزب الله بهذه السرعة والكفاءة لولا تفاهم ضمني مع إيران عبر الولايات المتحدة بعدم التدخل".
آثار كبيرة
من جانبه، يرى الدكتور محمود علوش، المحلل السياسي التركي، أن مقتل حسن نصر الله، يشكل تحولا كبيرا في مسار الحرب في المنطقة، وسيكون له آثاره الكبيرة على الصعيدين اللبناني-الإسرائيلي، أو الفلسطيني-الإسرائيلي.
وأشار علوش، في حديث خاص لـ"العين الإخبارية"، إلى أن غارات إسرائيل الأخيرة وتفجيرات بيجر واللاسلكي قضت تقريبا على جيل كامل من القادة الكبار في حزب الله، وهو ما سيضع الحزب في أزمة صراع خطيرة على مستوى القيادة السياسية والعسكرية في لحظة مصيرية بالنسبة له.
وأوضح أن الحرب ستعيد نتائجها ليس فقط تشكيل الصراع الفلسطيني-الإسرائيلي، بل أيضا تشكيل مستقبل حزب الله ودوره اللبناني والإقليمي.
وحول دخول إيران على خط الحرب بشكل مباشر، قال علوش "طهران لديها أولويات، بينها تجنب التورط المباشر في الحرب، والمخاطر التي تشكل تهديدا وجوديا لنظامها، إضافة إلى الحفاظ على حزب الله وإخراجه من هذه الحرب بأقل الأضرار".
وأضاف "نحن اليوم أمام تراجع كبير في الانخراط الإيراني بالوكالة في هذه الحرب، وهو ما اتضح خلال الأشهر الماضية خصوصا عقب اغتيال رئيس المكتب السياسي لحركة حماس إسماعيل هنية في طهران، والرسائل الواضحة التي وجهتها إسرائيل والولايات المتحدة إلى إيران من أن أي هجوم أو أي رد فعل إيراني مباشر على إسرائيل يمكن أن يؤدي إلى ضربة كبيرة لطهران".
وأوضح أن إيران باتت تستشعر المخاطر بشكل كبير، وتعيد تموضعها في هذا الصراع، لكن المشكلة التي تواجها طهران أن إسرائيل نجحت في فرض إيقاعها على حرب الاستنزاف مع حزب الله، وفرضت الحرب الشاملة كأمر واقع.
وأكد أن فرض الحرب الشاملة على حزب الله يقوض الخيارات المتبقية أمامه للخروج من هذه الحرب بأقل الأضرار، وأيضا يقوض الخيارات المتبقية أو الهامش المتبقي أمام إيران للموازنة بين إعادة التموضع من أجل تجنب المخاطر، وما بين الحفاظ على وحدة حلفائها في هذه الحرب.
الحرب الشاملة اقتربت
ومن جانبه، توقع الكاتب والمحلل السياسي الأردني عادل محمود أن تشتعل الحرب الشاملة خلال الفترة المقبل، التي ستشهد مفاجآت منها دخول دول أخرى على خط القتال والاشتباكات.
وقال محمود، في حديث لـ"العين الإخبارية"، إن المقاومة العراقية سوف تصعد في الفترة المقبلة ضد إسرائيل، مما سيدفع الولايات المتحدة إلى الرد، وزيادة الوجود الأمريكي في المنطقة مع احتمالية تعرضه لهجمات من المليشيات العراقية تحديدا.
من جهته، قال الكاتب والمحلل السياسي اليمني عادل الأحمدي إن مقتل نصر الله سيكون له تأثير على الحوثيين، مضيفا في حديث لـ"العين الإخبارية" أن نصر الله كان بالنسبة لتلك الفصائل الملهم، وبعد مقتله ستهتز ثقتهم بأنفسهم.
وأضاف الأحمدي أن الحوثيين أمام مفترق الطرق بعد هذا التحول الكبير، مشيرا إلى أنهم إما أن يمدوا أيديهم بالسلام بشكل حقيقي وهذا مستبعد لأنهم مليشيات مأمورة من إيران، وإما يستمروا فيما هم عليه، وهذا هو المتوقع، ولكن بروح معنوية مهزوزة لأن مقتل زعيم حزب الله سوف يشجع الشعب اليمني الرافض للحوثيين والواقع تحت سيطرتهم على الثورة عليهم.
واتفق مع الأحمدي وكيل محافظة ريمة اليمني محمد حيدر العسل، الذي أكد إصابة كل من الحوثيين في اليمن والعراق بالهشاشة.
وقال العسل في حديث لـ"العين الإخبارية" إن الجبهة اليمنية ستتأثر بشكل أكبر من العراق، حيث ستصيب الهشاشة مليشيات االحوثي في الفترة المقبلة.
صاروخ باليستي من اليمن
ميدانيا، هزت أصوات اعتراض صاروخ أرض-أرض أطلق من اليمن، وسط إسرائيل، بالتزامن مع انفجار كبير تسبب به قصف إسرائيلي للضاحية الجنوبية في بيروت.
ودوت صافرات الإنذار في منطقة تل أبيب الكبرى والعديد من المدن المحيطة بعد رصد صاروخ باليستي أطلق من اليمن.
وهرع عشرات الإسرائيليين الذين كانوا في الشوارع إلى الملاجئ في مدينة تل أبيب.
وقال الجيش الإسرائيلي، في بيان تلقت "العين الإخبارية" نسخة منه: "تم تفعيل إنذارات في منطقة وسط البلاد في أعقاب إطلاق صاروخ من اليمن نحو الأراضي الإسرائيلية"، مضيفا: "تم اعتراض الصاروخ أرض-أرض ما تسبب بسماع دوي انفجار كبير في وسط إسرائيل".
وقالت هيئة البث الإسرائيلية إنه تم اعتراض الصاروخ باستخدام منظومة "سهم" أو "حيتس" المخصصة لاعتراض الصواريخ الباليستية.
وبالتزامن مع اعتراض الصاروخ كان انفجار كبير يهز الضاحية في العاصمة اللبنانية بيروت.
وقالت إذاعة الجيش الإسرائيلي "حاول الجيش تصفية مسؤول كبير في حزب الله في منطقة الضاحية في بيروت، وهو أحد كبار المستوى المتوسط في الذراع العسكرية للمنظمة"، دون ذكر اسمه.
وقال الجيش الإسرائيلي، في بيان مقتضب: "يهاجم الجيش بشكل موجه بدقة في الضاحية الجنوبية في بيروت".