كارت فرنجية يقلب السياسة اللبنانية.. تصدع تحالف التيار وحزب الله؟
تحالفات جديدة تصاغ على الأرض في لبنان، بحثا عن انتخاب رئيس جديد، لكنها تضرب في نفس الوقت، تكتلات قائمة استمرت سنوات.
وهذا الأسبوع، انتقلت المعركة الرئاسية في لبنان إلى مرحلة "جديدة" مع إعلان رئيس مجلس النواب، نبيه بري، دعم "الثنائي الشيعي"؛ أمل وحزب الله ترشيح النائب السابق رئيس تيار المردة سليمان فرنجية، للرئاسة.
ووفقا لوسائل إعلام محلية، أعلن بري: "مرشحنا معروف، وهو سليمان فرنجية، والورقة البيضاء سمته من دون أن تكتب اسمه، مرشحنا جدي وأكدنا عليه مراراً، أما مرشحهم فليس سوى تجربة أنبوبية"، في إشارة إلى النائب ميشال معوض مرشح بعض قوى المعارضة.
وفي تعقيبه على إمكانية "حلحلة أزمة الاستحقاق الرئاسي" بعد إعلان فرنجيه مرشحا للثنائي الشيعي، قال الخبير السياسي اللبناني الدكتور محمد سعيد الرز، في حديث خاص لـ"العين الإخبارية"، إن "المواقف أصبحت فوق الطاولة، وتؤشر إلى مرحلة قريبة خلال أسابيع لانتخاب الرئيس".
وأكد أن "معظم القوى السياسية باتت تخشى من استمرار الأزمة حتى شهر مايو/أيار؛ لأنها إذا استمرت ستؤدي إلى انفجار البلد عامة".
ونبه إلى أن "استمرار الفراغ الرئاسي في لبنان سوف يؤدي إلى انهيار كامل لمقومات الدولة اللبنانية وسط تصاعد في وتيرة الفوضى على كل المستويات الأمنية والسياسية والاجتماعية والمالية".
فيما يقول مصدر سياسي إنه عقب تصريح رئيس مجلس النواب، يدخل الاستحقاق الرئاسي "المربع الجدّي" لانتخابات رئاسة الجمهوريّة، ويعبر عن وجود خطوات منتظرة قريبا، لحسم هذا الاستحقاق الدستوري.
غير أن هذا المصدر نبه إلى أنه إذا ما تمسك الثنائي الشيعي بترشيح سليمان فرنجية، والذي أعلنه رئيس المجلس "صراحة" للمرة الأولى، وإذا صمدت المعارضة على رفضها لأي مرشح من فريق حزب الله، فإن البلاد ستكون فعلا أمام أزمة كبيرة ستطول أمدها لحين التوصل لتسوية داخلية ما.
ولم تفضِ جلسات الانتخاب الـ11، بمجلس النواب، منذ منتصف شهر أكتوبر/تشرين الأول الماضي، إلى نتيجة، ولم يجري انتخاب رئيس جديد رغم انتهاء ولاية الرئيس السابق ميشال عون في ٣١ أكتوبر/تشرين أول الماضي.
ردود أفعال
وفي السياق ذاته، قطع بري الطريق أمام قائد الجيش جوزيف عون للترشح للرئاسة، بعد أن رأى في حديثه الصحفي أن "انتخاب قائد الجيش يتطلب تعديلاً دستورياً.. أعتقد أن حصوله في الوقت الحاضر متعذر".
في المقابل، رد ميشال معوض على تصريحات بري بعنف، اتهم رئيس حركة أمل (نبيه بري) بمصادرة رئاسة مجلس النواب منذ أكثر من 30 عاماً، وقال "أتحفنا بكلام أقل ما فيه أنه لا يليق برأس المؤسسة البرلمانية إنما يليق به كمليشياوي (أي عنصر في مليشيات)".
واعتبر معوض أن وصفه بالتجربة الأنبوبية فيه محاولة الإساءة إلى رئيس جمهورية راحل، هو الرئيس رينه معوض، والإساءة تطال أيضاً وبالمباشر مناطق الزاوية والشمال.
فيما أعرب رئيس حزب "القوات اللبنانية" سمير جعجع عن عدم تفاجئه بتبني بري ترشيح رئيس "تيار المردة"، فرنجية للرئاسة، مؤكدا في تصريحات صحفية أنه "كان على علم منذ بدء المهلة الدستورية لانتخاب رئيس للجمهورية منذ ستة أشهر، بأن المرشح الجدي والفعلي لحزب الله وبري وحلفائهما هو سليمان فرنجية".
وقال "انطلاقا من ذلك، كانت ردة فعلنا برفض الدعوات إلى الحوار المصطنعة، على خلفية أنها ستكون مضيعة للوقت طالما الفريق الآخر متمسك بمرشحه.. وأكبر دليل هو ما صدر عن بري".
تصدع
ورفض حزب القوات اللبنانية، الكتلة المسيحية الأكبر في البرلمان، ترشيح فرنجية، يقابله أيضا رفض للرجل من التيار الوطني الحر؛ التكتل المسيحي الآخر المهم في البلاد، وحليف حزب الله الأساسي منذ سنوات طويلة.
وقبل أسابيع، كشف رئيس التيار الوطني الحر النائب جبران باسيل، أنّ "التيار بات قريباً من إعلان اسم مرشّح ثالث غير رئيس تيار المردة سليمان فرنجية وقائد الجيش اللبناني جوزيف عون"، مشيراً إلى "بدء النقاش في هذا الشأن داخل التيار الوطني".
وتابع في تصريحات صحفية "ترشيح فرنجية لا يتناسب مع المشروع الإصلاحي الذي يحتاج إليه لبنان"، داعياً إلى "توسيع النقاش خارج الأسماء والتفاصيل، في وقتٍ يمرّ لبنان بأزمةٍ اقتصادية كبيرة".
ووفق تقارير لبنانية، لم تنجح محاولات للتوصل لتوافق بين التيار وحزب الله حول فرنجية خلال الأيام الماضية، ما يجعل المرشح للرئاسة بعيدا عن حاجز الـ65 صوتا التي يحتاجها لحسم المنصب من الجولة الثانية.
كما أن حدوث هذا الانهيار في العلاقة والتنسيق بين حزب الله والتيار الحر، بسبب ترشيح فرنجية، يؤشر على انهيار تحالف استمر طويلا في الساحة اللبنانية، وهندس فترة رئاسة ميشال عون للرئاسة خلال السنوات الماضية، وفق مراقبين.