هوكشتاين في لبنان.. فجوة تفاوضية وإشارة إيجابية ومقترحات حل
ألقت الولايات المتحدة حجرا في مياه لبنان المتحركة، بمقترحات حملها مبعوثها للبلد الآسيوي، لكن السيولة الحالية تحتاج إلى أكثر من ذلك بكثير.
ولم تحدث زيارة المبعوث الأمريكي الخاص إلى لبنان عاموس هوكشتاين، واللقاءات مع عدد من المسؤولين، نتائج مباشرة، لكنها قدمت بعض المؤشرات على الموقف الأمريكي وما يمكن فعله لوقف الحرب.
ووفق عدد من الخبراء تحدثوا لـ"العين الإخبارية"، فإن الموفد الأمريكي تداول مع المسؤولين اللبنانيين، مجموعة من المقترحات والأفكار المرتبطة بطريقة تنفيذ القرار 1701، وليس تعديل القرار، بهدف "إنهاء الصراع الحالي للأبد".
والتقى هوكشتاين في بيروت، خلال اليومين الماضيين، رئيسي المجلس النيابي نبيه بري والحكومة نجيب ميقاتي، وقائد الجيش العماد جوزف عون،
وخلال تلك اللقاءات، حرص المبعوث الأمريكي الخاص إلى التأكيد على أن الولايات المتحدة تعمل مع كل من إسرائيل ولبنان على التوصل إلى صيغة لـ"إنهاء الصراع إلى الأبد".
وأضاف هوكشتاين خلال محادثاته مع مسؤولين لبنانيين: "التزام الجانبين ببساطة (بقرار الأمم المتحدة) 1701 ليس كافياً"، مضيفاً: "نعمل مع حكومة لبنان ودولة لبنان وكذلك حكومة إسرائيل للتوصل إلى صيغة تنهي هذا الصراع فوراً وإلى الأبد".
في المقابل، أشار المعاون السياسي لرئيس البرلمان بري، النائب علي حسن خليل، في حديث تلفزيوني، إلى حدوث تفاهم على بعض الأمور التي تشكل قاعدة للتفاهم من أجل الغاية المرجوة لوقف إطلاق النار، والمباشرة فوراً من أجل تطبيق القرار 1701، خلال اللقاء مع الموفد الأمريكي.
وينص قرار الأمم المتحدة رقم 1701، الذي أنهى آخر جولة من الصراع بين إسرائيل و"حزب الله" في عام 2006، على أن يكون جنوب لبنان خالياً من أي قوات أو أسلحة غير تلك التابعة للدولة اللبنانية.
"احتلال مقنع"
وفي تعقيبه على زيارة هوكشتاين، قال العميد ناجي ملاعب، الخبير الاستراتيجي اللبناني لـ"العين الإخبارية": "وفقا للمعلومات المتوفرة، فإن الموفد الأمريكي نقل للمسئولين اللبنانيين عددا من الشروط الإسرائيلية تتعلق بمنح الطيران الإسرائيلي والقوات البحرية، حق القيام بعمليات استطلاع للتحقق من عدم إعادة بناء حزب الله قواته وتجهيزاته، أو ترتيب صفوفه، خلال تنفيذ القرار 1701".
لكن ملاعب يرى أن ذلك يعني من الناحية العملية "احتلال مقنع، وهذه شروط بالتأكيد لن يوافق عليها لبنان، وأحدثت ما يشبه الفجوة بين المسؤولين في لبنان والموفد الأمريكي".
الخبير الاستراتيجي اللبناني يرى أن الطرح الأمريكي الذي حمله هوكشتاين، "يتمثل أيضا في وضع آلية لتنفيذ 1701، وفي جانب منه القرار 1559 الذي يطالب بنزع السلاح غير الشرعي، أي سلاح حزب الله، وعدم تهريب سلاح من الخارج إلى لبنان".
قرار إيراني
المقترح الأمريكي "يحمل إشكالية تتعلق بتنفيذ القرار 1701، بشأن كيفية وآلية سحب سلاح حزب الله، وهو أمر خطير يهدد بتدشين اقتتال داخلي بين الجيش اللبناني وحزب الله"، وفق ملاعب.
ملاعب قال أيضا، "تبرز مخاوف لبنانية أخرى من أن يكون قرار بقاء سلاح حزب الله خارج سلاح الدولة، قرارا إيرانيا، ولم يعد بيد الحزب"، مضيفا "لذا سيكون من الصعب تطبيق القرار، حيث إن الأمر قد يصل لنزاع مسلح والحل الصحيح (للوضع الراهن) أن يكون هناك انسحاب إسرائيلي للحدود الدولية".
موضحا "إذا انسحبت إسرائيل من أراضينا المحتلة لن يكون هناك مبرر لمقاومة وسلاح خارج سلاح الدولة ولن تدخل إيران على الخط، وحينها حيث لن يكون هناك أي ذريعة لتدخلها" من الأساس".
بدوره، يشير الباحث السياسي اللبناني، طارق أبو زينب، في حديث خاص لـ"العين الإخبارية"، إلى أن هوكشتاين، "طرح على نبيه بري تطبيق القرار 1701 لكن مع إضافات في صلب القرار 1559، بحيث يكون بمثابة تفاهم يتضمن آلية تطبيق القرار بشكل جدي".
لكنه نوه إلى أن المعضلة في تطبيق لبنان القرار الدولي، ونشر الجيش اللبناني على كافة الأراضي اللبنانية، "هي المخاوف من ألا تلتزم إسرائيل بأي توافقات تحدث لاحقا بين المبعوث الأمريكي ولبنان".
"لا نتائج"
ويذهب الكاتب والباحث السياسي اللبناني، ميشال الشماعي، إلى أن "الزيارة لن تحقق نتائج حقيقية على الأرض على صعيد وقف الجرب أو حلحلة ملف انتخاب الرئيس؛ لأن إيران لا زالت تدير الأمور في لبنان، وتقوم بالإيعاز للمسؤولين برفض المقترحات الأمريكية كافّة، بحجّة أنها إذعان لإرادة العدو".
وأضاف "ستستمر عملية تعطيل ملفّ الرئاسة، تماشيًا أيضا مع الأجندة الإيرانية، مع استمرار الحرب وارتفاع وتيرتها؛ استنادًا إلى ما صرّح به قادة إسرائيل، وفحواه أن المرحلة الجديدة هي تدمير حزب الله".
وأوضح: "تدرك إيران أنّ الوقت الضائع قبل نتائج الانتخابات الأمريكية المرتقبة قد يمكنها من تسجيل نقاط على الإدارة (الحالية)، ما قد يرفع رصيدها التفاوضي في العهد الجديد".
ماذا يمكن أن يفعل لبنان؟
ويؤكد الدكتور خالد العزي المحلل السياسي، وأستاذ العلاقات الدولية، في حديث لـ"العين الإخبارية"، أن "ما طرحه هوكشتاين ليس مبادرة، ولا يمكن التعويل عليه حاليا لبدء مفاوضات غير مباشرة بين لبنان وإسرائيل، بل مقترحات أبلغها للمسؤولين اللبنانيين".
هوكشتاين يسعى، والحديث لـ"العزي"، إلى التأكيد على "ضرورة تنفيذ القرار 1701 بالكامل دون تجزئته، مع الرغبة في إضافة بنود على هذا القرار وليس تعديله".
لكنه ينبه إلى أن "هناك فجوة بين بعض الأفكار التي حملها هوكشتاين وموقف الجانب اللبناني"، موضحا "ترى واشنطن أنه لا يمكن تنفيذ القرار 1701 بشكل كامل إلا إذا تم انتخاب رئيس جمهورية يتابع تنفيذ القرارات، ومناقشة الإجراءات المطلوبة لدعم الجيش اللبناني".
"تفاوض تحت النار"
العزي قال أيضا، "وضع الموفد الأمريكي الكرة في سلة رئيس مجلس النواب نبيه بري، بينما يرى الأخير أنه يجب الذهاب أولا لهدنة مدتها 21 يوما، يجرى خلال الأسبوع الأول منها انتخاب الرئيس، فيما ترفض إسرائيل ذلك، وترى أن أي تفاوض لوقف الحرب نهائيا يجب أن يكون تحت النار".
لكن، وفي كل الأحوال، "لا يمكن الحديث عن حلول وأفكار حقيقية قبل انتهاء الانتخابات الرئاسية الأمريكية، في نوفمبر/تشرين الثاني المقبل، ومعرفة الإدارة الأمريكية الجديدة التي ستكون في موقع اتخاذ القرار"، وفق المحلل اللبناني.
وأضاف العزي "حتى ذلك الحين، فنحن أمام مرحلة صعبة جدا تحت وقع غارات وقصف سوف يتواصل على الضاحية الجنوبية ومناطق أخرى مختلفة في البلاد".
والأزمة الحقيقية، في تقدير العزي، تتعلق بالموقف الإيراني الذي "يحتجز لبنان لصالحه كورقة للتفاوض".
"إنهاء دور إيران"
بدوره، قال شارل جبور، رئيس جهاز الإعلام والتواصل بحزب القوات اللبنانية، في حديث خاص لـ"العين الإخبارية"، إن التصريح الأبرز لهوكشتاين هو قوله إن "هذا الصراع يجب أن يكون الأخير في لبنان، وإن الولايات المتحدة نعمل على صيغة لإنهاء الصراع للأبد".
وأوضح "تأكيد الموفد الأمريكي على إنهاء الصراع للأبد، يشير إلى البحث عن ترتيبات لإنهاء الدور العسكري والأمني لإيران في لبنان، وتطبيق القرارات الدولية بشكل كامل، حتى لا تتكرر الحرب الحالية".
وأضاف أن "حل الصراع الحالي يتمثل في ألا يبقى لبنان ساحة إيرانية وأن يعود لبنان دولة ذات سيادة، وأن يعود سلاح حزب الله ضمن الاستراتيجية الدفاعية للدولة اللبنانية".