«الخط الأزرق» يشتعل.. هل دقت ساعة الحرب بين إسرائيل ولبنان؟
هل دخل التصعيد على حدود لبنان وإسرائيل نقطة اللاعودة وباتت الحرب على الأبواب؟ أم أن ما يحدث قد يدفع نحو المفاوضات وإغلاق جبهة مستعرة؟
ويشهد جنوب لبنان وشمال إسرائيل تصعيداً دامياً مع شنّ تل أبيب سلسلة غارات جوية على بلدات عدة، تبعد إحداها نحو 25 كيلومتراً من الحدود.
واليوم، ذكرت وكالة الأنباء اللبنانية أن 3 أشخاص قتلوا جراء غارات إسرائيلية على بلدات في الجنوب، فيما يستمر الطيران الإسرائيلي بإطلاق القنابل المضيئة فوق القرى الحدودية المتاخمة للخط الأزرق.
وبحسب المصدر نفسه، تعرضت أطراف بلدة عيتا الشعب لقصف مدفعي مباشر، مشيرا إلى أن الطيران الاستطلاعي الإسرائيلي يحلق، حتى صباح الجمعة، فوق قرى القطاعين الغربي والأوسط وصولا حتى نهر الليطاني.
وفي تطور لافت، أعلنت إسرائيل مقتل مجندتين وإصابة 8 عسكريين في قصف بالصواريخ شنه حزب الله، واستهدف قواعد عسكرية بمحيط مدينة صفد بالجليل الأعلى.
وردت إسرائيل بقصف مواقع الحزب والقرى ما أسفر عن مقتل 5 من عناصر الحزب بينهم مسؤول الملف الفلسطيني علي الدبس، إضافة إلى 7 مدنيين بينهم نساء وأطفال، وذلك في مدينة النبطية البعيدة نسبيا عن خط الاشتباك.
لكن اللافت هذه المرة أن حزب الله لم يتبن قصف مدينة صفد، وهي العملية الأخطر التي استدعت ردا إسرائيليا واسعا، فيما استمر بإصدار بيانات تبني عمليات تستهدف مواقع عسكرية إسرائيلية على الحدود مع لبنان.
باب للتفاوض؟
ويرى مدير معهد الشرق الأوسط للشؤون الاستراتيجية الدكتور سامي نادر أن "عدم تبني هذه العملية يأتي لتلافي التصعيد، فالواضح من كلام أمين عام حزب الله حسن نصر الله أنه فتح باب التفاوض رغم أنه رفع شروطه".
ويقول نادر، في حديث لـ"العين الإخبارية"، إن "هدف الضغط الإسرائيلي في الجنوب هو إقفال الجبهة، وتحويل الدفة لصالح تل أبيب، لأن بقاء موازين القوى على ما هو عليه لا يفتح مجالا للتفاوض".
واستبعد نادر قبول إسرائيل بهدنة أو تهدئة في الجبهة الشمالية، معتبرا أن "تل أبيب لن تقبل هذه المرة سوى بإزالة تهديد حزب الله للحدود الشمالية وتطبيق كامل للقرار الدولي 1701" بشأن وقف القتال في لبنان.
"معادلة غريبة"
يتفق العميد رياض قهوجي، رئيس مركز "الشرق الأوسط" والخليج للتحليل العسكري "أنيجما"، مع رأي نادر حول تستر حزب الله على العملية.
ويرجح قهوجي، لـ"العين الإخبارية"، أن يكون عدم إعلان حزب الله عن العملية بسبب سقوط قتلى في القاعدة العسكرية الإسرائيلية، وبالتالي الإيحاء بمسؤولية غيره لتلافي رد كبير من إسرائيل".
وقال: "نحن أمام معادلة غريبة، فحزب الله يقول إن جبهة الجنوب مرتبطة بغزة وهو يستطيع إبقاءها مضبوطة، مقابل رفض إسرائيل ربط الجبهتين مع بعضهما، وتأكيد مسؤوليها أن جبهة الشمال لن تهدأ قبل انسحاب مقاتلي حزب الله عن الحدود بـ10 كلم على الأقل، كما تطرح فرنسا".
وأضاف: "الحكومة اللبنانية لا تستطيع التأثير في قرار الحرب والسلم، وهي بمواقفها الأخيرة أصبحت تتماهى مع موقف حزب الله وفي الوقت ذاته تدعو الوفود الأجنبية للتدخل وحلّ الموضوع".
من هنا، يرى أنه من "الواضح أن الحرب في غزة مستمرة مع إصرار إسرائيل على دخول رفح والتشبث الأمريكي والغربي بعدم منح حماس النصر، وإلى حين قبول حماس بالشروط، لن تتوقف الحرب على غزة".
وبحسب الخبير، فإن "حزب الله وإيران يعتبران أن جبهة الجنوب وما يجري في البحر الأحمر مع الحوثيين يساعد حماس، لكن انفصال هذه الملفات بعد التطورات الحالية يشير إلى أن استراتيجية وحدة الساحات فشلت، وهذا ما لم تعترف به إيران بسبب السقف الموجود".
وختم: "بناء عليه، فإن الأمور ستستمر، وإذا ارتفع عدد القتلى الإسرائيليين فسترتفع وتيرة الرد، والجميع عالق في هذه الدائرة، ويبقى الخوف من أنه في حال استمرار الوضع على ما هو عليه فقد يدفع نحو الانزلاق باتجاه حرب شاملة لا يريدها أحد".
سببان لعدم تبني "عملية صفد"
أما الخبير الاستراتيجي العميد المتقاعد ناجي ملاعب فيعتبر من جانبه أن "حزب الله رسم معركته ضمن مدى قواعد الاشتباك مع إسرائيل وبمساحة محددة، وهو يتوسع بالتوازي مع القصف، أي إذا وسّعت إسرائيل المسافة فإنه يقوم بالمثل".
وأرجع ملاعب، في حديثه لـ"العين الإخبارية"، عدم الإعلان عن استهداف قاعدة صفد إلى عاملين: "الأول هو أن هذه القاعدة تبعد 15 كيلومترا عن الخط الأزرق (الفاصل بين لبنان وإسرائيل)، وبالتالي هي خارج خط الاشتباك الذي التزم به حزب الله".
والثاني: "لترك إسرائيل حائرة أمام نوع الصاروخ ومن الواضح أنه من الصواريخ الدقيقة، وهو بالتالي لا يريد كشف هذا السلاح الذي أربك إسرائيل".
ولفت إلى أن التطورات ترسم المعادلة التالية، وهي "رغبة إسرائيل بتوسعة الجبهة للخلاص من التهديد الذي يأتيها من حدودها الشمالية، لكنها غير مستعدة لهذا الأمر طالما لا تزال جبهة غزة مفتوحة".
وفي المقابل، يختم الخبير، فإن "حزب الله -كما جميع اللبنانيين- لا يرغب في توسيع نطاق هذه الحرب، وبالتالي سيفتح المجال أكثر للعمل الدبلوماسي".