تعطيل التوافق" أم "توافق حول التعطيل".. لبنان في انتظار بري
تترقب الساحة اللبنانية مآلات مبادرة طرحها رئيس مجلس النواب اللبناني لحوار القوى البرلمانية بشأن انتخاب الرئيس قبل الفرصة الأخيرة.
وتحولت جلسات البرلمان الفاشلة لانتخاب رئيس جديد في البلاد في تسع محاولات سابقة إلى سيناريو مثير للضجر في بلد على شفير انهيار اقتصادي.
أمام حالة الجمود اقترح بري عقد جلسة حوارية بحضور رؤساء الكتل الوازنة في المشهد اللبناني فيما لم تبد أي جهة رفضها للمقترح.
وفشل مجلس النواب الخميس الماضي، مجددا، في انتخاب رئيس جديد للبلاد، في تاسع جلسة من نوعها حيث تتصدر الورقة البيضاء ترشيحات النواب في ظل خلافات بين حزب الله وحليفه رئيس "التيار الوطني الحر" النائب جبران باسيل بشأن دعم مرشح الأول غير المعلن حتى الآن؛ رئيس تيار "المردة" سليمان فرنجية.
وإزاء الفشل المتكرر لجلسات مجلس النواب في انتخاب رئيس جديد، قال نبيه بري في تصريحات له عقب الجلسة التاسعة، إن جلسة الخميس القادم هي الأخيرة والمخصصة لانتخاب رئيس جديد للبلاد لهذا العام.
وأضاف بري "الجميع يعلم أنني وقبل انتهاء ولاية الرئيس ميشال عون (31 أكتوبر/تشرين الأول الماضي)، وأنا أحاول وأؤكد على ضرورة أن يكون هناك حوار من أجل الوصول إلى حل وتوافق"، مشيرا إلى أنه يأمل في أن يقتنع الجميع بهذا الأمر.
وقال مصدر سياسي مطلع، إن الحوار النيابي الذي يريده بري ينطوي على احتمال تحويل جلسة الخميس المقبل (وهي العاشرة لانتخاب الرئيس) إلى جلسة حوار بين رؤساء الكتل النيابية، في حال موافقتهم على هذا الأمر.
وأشار المصدر إلى أن رؤساء الكتل عليها الرد على بري، قبل مساء غد الثلاثاء، حتى يتسنى له تحديد إما توجيه الدعوة مجددا لانتخاب الرئيس في جلسة يوم الخميس، حال جاءت ردود فعل الكتل الوازنة سلبية، وإما تحويلها إلى جلسة تشاورية وحوارية بين رؤساء الكتل حول مآل الاستحقاق الرئاسي، في حال الموافقة على طرح رئيس المجلس النيابي.
كما أكدت أوساط مواكبة للمسعى الحواري الذي يقوده بري لوسائل إعلام محلية، اليوم الإثنين، أن الأخير، يربط انعقاد الحوار حول الاستحقاق الرئاسي بحضور رؤساء كل الكتل النيابية، خاصة الكتلتين المسيحيتين الأكبر، "التيار الوطني الحر" و"القوات اللبنانية" وإلا إذا غابت إحداهما فإن الحوار يفقد كثيراً من جدواه، وبالتالي قد يدفع رئيس المجلس إلى العدول عنه.
ورأت أن الساعات القليلة القادمة ستكون حاسمة لتحديد إمكانية السير في جلسة حوارية مفتوحة، أو العودة إلى جلسات الانتخاب التي ستنتهي على شاكلة سابقاتها من الجلسات.
واليوم، قال علي حمدان مستشار رئيس مجلس النواب نبيه بري ، في حديث إذاعي، سيكون هناك جلسة لانتخاب رئيس للبلاد الخميس، وإذا اكتمل عقد الكتل المشاركة بالحوار فسنكون أمام بداية الجلسات الحوارية في المجلس.
وتشير المعطيات الحالية ومواقف الكتل النيابية إلى عدم وجود تحفظات واضحة – حتى الآن - ترقى لرفض عرض بري للحوار، فيما لم يعلن تكتل الجمهورية القوية (التكتل النيابي لحزب القوات الذي يترأسه سمير جعجع)، موقفه النهائي والرسمي من دعوة بري، بيد أن النائب فادي كرم عضو التكتل أبدى، موافقة مشروطة.
وقال كرم في حديث خاص من بيروت لـ"العين الإخبارية" : نرحب بالحوار إذا كان ضمن الجلسة الانتخابية، بأن يفتتح رئيس مجلس النواب الجلسة، وتبدأ العلمية الانتخابية، وبالطبع لن يكون هناك انتخاب رئيس من الدورة الأولى، ليعود المجلس لاحقاً وفي نفس اليوم لاستكمال انتخابه في دورة ثانية، ثم تنعقد جلسات حوار ما بين الجلسات الانتخابية".
وأضاف: "نريد أن تبقي الجلسات الانتخابية مفتوحة، إفساحا في المجال أمام انطلاق الحوار، وإذا نتج اتفاقات خلال جلسات الحوار مع رئيس مجلس النواب وتحت قبة المجلس، فننتخب رئيساً وننتهي من موضوع الاستحقاق الرئاسي، أما أن يحل الحوار محل جلسة الانتخاب فهذه المسألة لن نوافق عليها؛ لأنها ستصرف الاهتمام عن الانتخابات، وسنبدأ بحوار لن ينتج عنه جديد، وسيصبح دوامة، ونكون قد أنهينا التركيز على موضوع الانتخابات الرئاسية.
وبدوره، أعلن "التيار الوطني الحر" موافقته على المشاركة في الحوار، وقال رئيس التيار جبران باسيل في حوار تلفزيوني أمس: "سنشارك في الجلسة التشاورية الحوارية، ولا نريد مشاكل مع أحد خصوصا مع حزب الله؛ لأننا دفعنا الكثير للوصول إلى الاتفاق مع حزب الله".
كما أعلن تكتل اللقاء الديمقراطي موافقته على دعوة بري للحوار، وقال النائب تيمور جنبلاط: "لطالما كنا ولا نزال من دعاة تسريع الحوار، وبعد الوصول إلى المأزق وحالة الجمود والتعطيل للاستحقاق الرئاسي، فإنه لا مفر من الاتفاق على شخصية قادرة على تطبيق الدستور والالتزام باتفاق الطائف ومواجهة التحديّات المقبلة من خلال برنامج إصلاحي واضح".
وأردف في حديث تلفزيوني اليوم : "الحوار يجب أن يضمن انتظام المؤسسات لكي تعمل للتخفيف عن كاهل المواطن مما يعانيه في لقمة عيشه ومقوّمات صموده الاقتصادي والاجتماعي والاستشفائي وأزماته المتفاقمة".
وعن دعوة بري للحوار، قال رئيس حزب الكتائب سامي الجميل في حديث إذاعي:" لم نرفضها، وإن دعينا إلى أي حوار حول الانتخابات الرئاسية سنلبي الدعوة فنحن لسنا ضد التوافق بالمطلق، وإن تمكنا من التوافق على الرئيس المثالي القادر على إنقاذ البلد لمَ لا؟".
وتابع : "لا نرفض دعوة رؤساء الكتل النيابية للنقاش الرئاسي وعلى المعارضة وضع استراتيجية مشتركة للمعركة للرئاسية".
ونبه إلى أن : "التوافق ليس أمرا عاطلا، إنما تعطيل البلد وربط كل شيء بالتوافق هو المشكلة".