قوى لبنانية ترفض "استدعاء" الحرب الأهلية وانقلاب حزب الله
رفضت قوى سياسية لبنانية استدعاء مظاهر الحرب الأهلية، وانقلاب مليشيات حزب الله على المؤسسات، إثر تطورات الأوضاع في بيروت.
وأجمعت المواقف في لبنان على رفض ما شهدته منطقة الطيونة في بيروت، وأدت إلى سقوط قتلى وجرحى، محذرة من العودة لـ"الحرب الأهلية".
واتهمت القوى السياسية حزب الله بالتسبب في تدهور الوضع الأمني، بعد أن دعا مع حليفه "حركة أمل" إلى التحرك الشعبي صباح اليوم الخميس، للضغط باتجاه إقالة المحقق العدلي في قضية انفجار مرفأ بيروت طارق البيطار.
وتأتي هذه الدعوة إثر إصداره مذكرة توقيف بحق الوزير السابق والنائب الحالي في حركة أمل علي حسن خليل، ورفض محكمة التمييز طلب "كف يد" المحقق العدلي في القضية.
وفي بيان له، دعا مفتي الجمهورية اللبنانية الشيخ عبداللطيف دريان "قيادة الجيش والقوى الأمنية اللبنانية كافة إلى ضبط الأوضاع الأمنية، وإيقاف الاشتباكات في منطقة الطيونة".
وأكد أن "ما شهدته بيروت مرفوض ومدان، والاعتداء على المواطنين وإزهاق أرواحهم وإنزال الإضرار بممتلكاتهم يزيد من مآسيهم، ويعمق الجراح" بدلا من معالجتها.
وطالب الحكومة اللبنانية بـ"عقد اجتماع عاجل وطارئ للحد من التفلت الأمني الخطير، قبل أن يتطور".
وأوضح أن "لبنان يمر بمرحلة خطيرة تحتاج إلى وقفة وطنية جامعة للبنانيين جميعا دون استثناء، من أجل إنقاذه، والقضاء على الفتنة والتركيز على وحدة الموقف اللبناني لمواجهة المخاطر الداهمة التي تتهدد البلاد".
بدوره استنكر رئيس حزب "القوات اللبنانية" سمير جعجع "الأحداث التي شهدتها منطقة بيروت، وبالأخص محيط منطقة الطيونة بمناسبة المظاهرات التي دعا إليها حزب الله، مشيرا في بيان إلى "أن السبب الرئيسي لهذه الأحداث هو السلاح المتفلِّت والمنتشر والذي يهدِّد المواطنين في كل زمان ومكان".
ودعا "رئيس الجمهورية ورئيس الحكومة ووزيري الدفاع والداخلية إلى إجراء تحقيقات كاملة ودقيقة لتحديد المسؤوليات عما جرى في العاصمة اليوم"، لافتا إلى أن "السلم الأهلي هو الثروة الوحيدة المتبقية لنا في لبنان، ما يتحتِّم علينا المحافظة عليه برمش العيون، ولكن ذلك يتطلب منا جميعا التعاون للوصول إليه".
من جهته، وصف "الحزب التقدمي الاشتراكي" ما حدث بـ"المؤسف والخطير"، وقال في بيان له: "مؤسف وخطير جدا أن تعود إلى بيروت من جديد مشاهد إطلاق النار والقنص التي تذكر اللبنانيين بحقبات مضت وتم طيها إلى غير رجعة".
وفيما أكد "الاشتراكي" على أحقية التظاهر السلمي في إطار حرية التعبير عن الرأي ضمن الأصول والقوانين، رفض المظاهر المسلحة وإطلاق الرصاص جملة وتفصيلا من أي جهة كانت، مشددا على ضرورة إيلاء الجيش والقوى الأمنية الدعم الكامل لضبط الوضع واستتباب الأمن.
ودعا إلى أعلى درجات الهدوء وضبط النفس ومنع الفوضى، وتفويت الفرصة على المتربصين بأمن البلاد، وأن يبقى الحوار وحده الطريق لمعالجة كل القضايا المطروحة مهما كانت تعقيداتها، لكي لا يقع لبنان في المحظور".
انقلاب حزب الله
ووصل موقف النائب في حزب القوات اللبنانية زياد حواط إلى اعتبار ما حدث بـ"الانقلاب" من جانب حزب الله على الدولة، وكتب على حسابه على تويتر": "حزب الله ينفذ انقلاباً على الدولة، نطالب القوى الأمنية بتحمل مسؤولياتها ووقف العملية الانقلابية وإلا فليتحملوا عواقب أفعالهم".
ورأى الوزير اللبناني السابق ميشال فرعون أن ما حدث في بيروت، هو رسالة من حزب الله وحلفائه، وكتب على حسابه بـ"تويتر": "تبلغنا الرسالة لمن يهمه الأمر من كبار أو صغار. تقول الرسالة إنه مهما كانت قضيتكم محقة، عندما تصل الأمور لشخصيات من جماعتنا أو لمن وقف معنا، لا حق ولا سلطان ولا قانون، فنحن فوق القانون وسنحميهم مهما عظمت الجريمة".
ولم تختلف المواقف الخارجية والمجتمع الدولي عن الداخلية التي رفضت سقوط الدماء في لبنان، وعلّق الاتحاد الأوروبي على الاشتباكات داعياً إلى ضبط النفس، ملوحا بالعقوبات بالقول "نحتفظ بآلية عقوبات على لبنان ويمكن تفعيلها".
من جانبها، أعربت المنسقة الخاصة للأمم المتحدة في لبنان يوانا فرونتسكا عن قلقها من أحداث العنف التي شهدتها بيروت اليوم، ورأت أنه "في هذا المنعطف من المهم ممارسة أقصى درجات ضبط النفس وضمان عودة الهدوء وحماية المواطنين".
واستحوذت الاشتباكات في الطيونة محور الاهتمام من قبل النشطاء على وسائل التواصل الاجتماعي، حيث تصدر هاشتاق "الطيونة" و"الحرب الأهلية"، إضافة إلى "العدالة أقوى من ترهيبكم".
وكتب النائب المستقيل إلياس حنكش قائلا "لن يسمح الشعب اللبناني باستخدام الشارع من أجل ترهيب القضاء ولا بتنحية القاضي البيطار ولا بعرقلة التحقيق في جريمة انفجار المرفأ".
ومع نشره صورة الأطفال المختبئين في مدرستهم، كتب المحلل السياسي مصطفى فحص قائلا: "كأنه فرض على هذا الجيل أن يعيش الخوف الذي عشناه زمن الحرب الأهلية"، مضيفا "مشهد من إحدى مدارس بيروت في صباح يوم بدأ بصوت الرصاص لا بصوت فيروز".
كذلك قال المخرج اللبناني ناصر فقيه على تويتر قائلا: "طوال عمري كنت أدعي وأصلّي أن لا يعيش أولادنا ما سبق أن عشناه.. للأسف اليوم ابني المرعوب بمدرسته يعيش نفس لحظات الخوف التي عشتها بالحرب".
ومع نشرها مقطع فيديو لإطلاق الرصاص، كتبت الناشطة اللبنانية زينة بزي: "مشهد مخيف لعناصر من حزب الله وحركة أمل مدججين بسلاح "المقاومة" المصوب نحو صدور اللبنانيين".