لبنان يسقط في "العتمة".. تركيا تتخلى عن بيروت
كان لبنان يقاوم الظلام البعيد، لكنه سيسقط في العتمة فعليا خلال أيام بعد أن تخلت تركيا عن بيروت المأزومة.
وأعلنت شركة كارباورشيب التركية، التي تزود لبنان بالكهرباء من باخرتين عائمتين، الجمعة، أنها أوقفت الإمدادات بسبب متأخرات السداد.
وقال ناطق رسمي باسم الشركة "إننا نأسف بشدة لإطفاء مولدات بواخر الطاقة بعد أن بذلنا قصارى جهدنا لتفادي اتخاذ قرار مماثل".
- الجوع يفترس "كلاب لبنان".. حيوانات أليفة تسدد فاتورة الفقر
- لبنان ينزلق للظلام.. تعطيل "سلفة" الكهرباء
أضاف:" لقد تعاملنا لمدة 18 شهرًا بمرونة وليونة كليتين مع الدولة اللبنانية، وواظبنا على توفير الطاقة من دون أن نتقاضى مستحقّاتنا ومن دون أي خطة للدّفع، وذلك لأن لبنان كان يمر بأوقات صعبة للغاية، إنما لا يمكن لأي شركة أن تعمل في بيئة كهذه، بيئة محفوفة بالمخاطر المباشرة وغير المبررة".
فساد بملايين الدولارات
قرر القضاء اللبناني قبل أيام احتجاز البواخر تركية تزوّده بالطاقة الكهربائية ومنعها من مغادرة السواحل اللبنانية، في إطار تحقيق باحتمال وجود شبهات فساد بملايين الدولارات في عملها.
وطلب المدّعي العام المالي القاضي علي إبراهيم، من وزارات عدة والأجهزة الأمنية المختلفة بما فيها الجيش، تطبيق القرار.
كما تضمن القرار طلبا موجها إلى وزارة المالية قضى بعدم دفع أي مستحقات لشركة "كارباور شيب" التركية المسؤولة عن بواخر الطاقة التي توفر نحو 40% من حاجة لبنان من الكهرباء، إلى جانب شركة "كاردينيز" التركية.
مؤسسة كهرباء لبنان
بدورها أعلنت مؤسسة كهرباء لبنان في بيان، أنه " البواخر التركية أوقفت في المولدات العكسية لديها كافة، مما أدى إلى انخفاض القدرات الإنتاجية الإجمالية المتوافرة على الشبكة الكهربائية اللبنانية بحوالي 240 ميجاواطا".
وقالت: "عملت المؤسسة على تشغيل بعض المجموعات الإنتاجية في معملي المحركات العكسية في الذوق والجية ورفع قدرة معمل الذوق القديم ووضع مجموعة إنتاجية في معمل صور الحراري مما سيوفر 130 ميجاواط إضافية على الشبكة وذلك تعويضا عن جزء من النقص الحاصل جراء توقيف البواخر التركية لكافة مجموعاتها الإنتاجية".
وتابع البيان: "إن مؤسسة كهرباء لبنان، اضطرت إلى اتخاذ إجراءات احترازية من خلال تخفيض قدراتها الإنتاجية في معامل الإنتاج بما يتناسب مع مخزون المحروقات المتوافر لديها ومن أجل الحفاظ على التغذية الكهربائية لأطول فترة ممكنة".
وأملت المؤسسة بأن يتم معاودة إطلاق مناقصات شراء المحروقات لصالحها، لاسيما مادة الغاز أويل منها، كما والمساعدة على تأمين العملات الصعبة لقطاعات الإنتاج والنقل والتوزيع لديها ومنها لزوم إجراء الصيانات الضرورية وشراء قطع الغيار والمواد الاستهلاكية اللازمة لمختلف معامل الإنتاج لديها، لتأمين حد أدنى من الاستقرار في التغذية بالتيار الكهربائي في لبنان".
يذكر أن القضاء اللبناني قد أوقف أيضا قانون منح مؤسسة كهرباء لبنان سلفة خزينة بقيمة 300 مليار ليرة لتأمين حاجتها من الفيول.
ويشهد قطاع الكهرباء في لبنان نقصاً مزمناً في التغذية الكهربائية ويعتمد على الدعم الحكومي ويتكبّد خسائر فنية غير فنية تتراوح نسبتها التقديرية بين 36 و40%، بحسب الدراسات التي صدرت عن وزارة الطاقة اللبنانية ومؤسسة كهرباء لبنان.
محطات حرارية ضعيفة
ويعتمد لبنان لتوليد الطاقة الكهربائية على محطات حرارية بكفاءة متدنية تستخدم النفط الثقيل والديزل المستوردَين والمكلفَين والملوِّثَين، كما أنّ التغذية الكهربائية ليست كافية، فذروة الطلب تصل تقديرياً إلى 3500 ميجاواط، ما يؤدي إلى نقص في التغذية بمقدار 1600 ميجاواط.
بالإضافة إلى ذلك فإن محطات الكهرباء قديمة وضعيفة الكفاءة وقد تم بناء المحطة الأخيرة في العام 1999، وبما أنّ نقص التغذية الكهربائية استمرّ لحوالي ثلاثة عقود واضطرّ المواطنون إلى استخدام المولدّات الخاصة بكلفة مرتفعة تبلغ 0.30 دولار تقريبا لكلّ كيلووات في الساعة، وجدت الحكومات المتعاقبة نفسها عاجزةً عن رفع تعريفة الكهرباء التي ظلت مدعومة من الحكومة منذ العام 1994.
ولم تعمل هذه الحكومات على خطة مستدامة بسبب الحلافات السياسية والتهافت على الاستفادة المادية والآنية بل لجأت إلى خطوات موضعية وسريعة زادت من تعميق ترهل القطاع ومنها استئجار بواخر توليد كهرباء من تركيا لزيادة التغطية بكلفة مرتفعة من دون إنشاء معامل حديثة.