سفيرة واشنطن عن اغتيال لقمان سليم: هجوم على لبنان
اعتبرت السفيرة الأمريكية لدى لبنان أن اغتيال الناشط السياسي لقمان سليم يشكل "هجوما" على لبنان داعية للتمسك بمبادئ العدالة.
جاء ذلك في كلمة ألقتها السفيرة الأمريكية دوروثي شيا، خلال تجمّع نظمه أصدقاء الكاتب السياسي المعارض لحزب الله الراحل لقمان سليم، في الذكرى السنوية الأولى لاغتياله.
وقالت شيا: "لقد دافع لقمان عن حكم القانون. كان مناضلاً من أجل حرية التعبير والديمقراطية والمشاركة المدنية، لم تخفه أبداً التهديدات المتكرّرة ضده".
وأضافت: "في حياته، ناضل من أجل العدالة والمساءلة. وفي موته، يستحق هذه الأمور".
وأشارت إلى أن "إحياء الذكرى السنوية الأولى لاغتياله هي مناسبة حزينة للغاية لنا جميعاً، والأمر الأكثر إثارة للقلق هو أن نرى أن العدالة لم تتحقق بعد وليس هناك مساءلة بعد".
وتابعت: "لم يكن اغتياله هجوماً على شخص فحسب، بل كان أيضًا هجومًا على لبنان نفسه"، لافتة إلى أن "استخدام التهديدات والترهيب لتقويض حكم القانون وإسكات الخطاب السياسي والمعارضة أمر يبقى غير مقبول".
ولفتت إلى أنه "في أعقاب اغتيال لقمان، حاولت الجهات الخبيثة في لبنان إضعاف وتشويه ونزع الشرعية عن مؤسسات المجتمع المدني والمنظمات غير الحكومية اللبنانية، لكن اعتداءاتهم لا يمكن أن تمنع الجريء من قول الحقيقة ".
وأكملت شيا: "الآن، أكثر من أي وقت مضى، وفيما نحن نقترب من الانتخابات وفيما يعاني الشعب اللبناني من أزمات متفاقمة، يجب علينا جميعًا العمل للتمسك بمبادئ العدالة والمساءلة التي كان لقمان يعمل من أجلها".
من جانبه، قال المتحدّث باسم وزارة الخارجية الأمريكية نيد برايس، إن "الذكرى السنوية الأولى لاغتيال الناشط اللبناني لقمان سليم، هي تذكير رسمي بضرورة المساءلة في لبنان".
وأكد برايس، في منشور عبر مواقع التواصل الإجتماعي، أنه "طال انتظار العدالة والتحقيق الشفاف في هذه الجريمة، وجرائم قتل أخرى".
وفي غضون ذلك، ألقت منظمة "هيومن رايتس ووتش"، في تقرير لها الخميس، الضوء على أربع جرائم قتل ذات حساسية سياسية ارتُكبت في لبنان، بالعامين الماضيين، كانت التحقيقات فيها حافلة بالعيوب، داعيةً الدول المانحة إلى مراجعة المساعدات المقدمة إلى قوى الأمن الداخلي والقضاء.
وقالت باحثة لبنان في "هيومن رايتس ووتش"، آية مجذوب، إن "المجتمع الدولي حوّل ملايين الدولارات إلى الأجهزة الأمنية اللبنانية على مرّ السنين، لكن من الواضح أن هذا لم يلغِ ثقافة الإفلات من العقاب السائدة، وعلى المانحين مراجعة المساعدات التي يقدمونها لضمان أنهم لا يمولون الوحدات الضالعة في التستر على جرائم القتل الحساسة، وغيرها من الانتهاكات الحقوقية".
وفنّدت "هيومن رايتس ووتش" أوجه القصور المتعددة والإهمال الجسيم وانتهاكات الإجراءات في أربعة تحقيقات في جرائم قتل ذات حساسية سياسية، بالعامين الماضيين، تظهر كيف أن التمويل السخي والتدريب من المانحين لقوى الأمن والقضاء في لبنان لم يؤديا إلى سيادة القانون.
والجرائم الأربعة تشمل لقمان سليم، الناشط والكاتب والناقد الشرس لـ"حزب الله" والمدافع عن لبنان علماني وديمقراطي، الذي اغتيل في 4 فبراير/شباط 2021، وجو بجاني، موظف اتصالات ومصوّر عسكري هاوٍ اغتيل بالرصاص في 21 ديسمبر/كانون الأول 2020.
وأيضا العقيد منير بو رجيلي، ضابط جمارك متقاعد عثر عليه ميتاً بمنزله في 2 ديسمبر/كانون الأول 2020 جراء إصابته بآلة حادة في رأسه، وأنطوان داغر رئيس قسم الأخلاقيات وإدارة مخاطر الاحتيال، والرئيس السابق لوحدة الامتثال في بنك "بيبلوس" الذي طُعن حتى الموت، في 4 يونيو/حزيران 2020.
وتبعاً للتقرير، ذكر محامون وأقارب ومصادر مقربة من العائلات عدم جدية قوى الأمن في التعامل مع التحقيقات، وعدم متابعة خيوط تحقيق مهمة لتحديد الدوافع المعقولة لقتلهم.
وقال أفراد الأسر إن الأسئلة التي طُرحت عليهم كانت سطحية ومقتصرة على دوافع شخصية غير محتملة لعمليات القتل، متجاهلة على نحو سابق لأوانه السيناريوهات المحتملة الأخرى، بما في ذلك إمكانية ربط جرائم القتل بعمل الضحايا الحساس سياسياً.
وأضافت العائلات أنه لم يتم استجواب الأشخاص الرئيسيين الذين قد تكون لديهم معلومات حساسة وربما مهمة حول جرائم القتل أو الدافع.
وعثر على سليم (58 عاماً) مقتولاً برصاصات عدة داخل سيارته في قرية بالجنوب، غداة بلاغ من أسرته حول فقدانها الاتصال به أثناء عودته من زيارة صديق له في المنطقة التي تعد من أبرز معاقل حزب الله.
وأثار اغتيال سليم، الناشط السياسي الجريء في التعبير والباحث الذي انهمك بتوثيق ذاكرة الحرب الأهلية (1975-1990) وتعزيز قيم المواطنة والمساواة، صدمة في لبنان. وندّدت به الأمم المتحدة ودول غربية عدة شارك سفراؤها في مشهد نادر بمراسم تأبين أقيمت بعد أسبوع من مقتله.
وعُرف سليم المولود لأب كان محامياً لامعاً وأم مصرية باحثة وصحافية، بمواقفه المعارضة لحزب الله، ورغم انتمائه إلى الطائفة الشيعية بالولادة، إلا أنه كان علمانياً ومتمرداً على السياسات التقليدية ورافضا للطائفية.
وحتى اليوم، لم تتبلغ عائلته بأي جديد عن مسار التحقيق القضائي في بلد لم تبلغ فيه التحقيقات بعشرات الاغتيالات خواتيمها، وحتى التحقيق في انفجار المرفأ، ثالث أكبر انفجار غير نووي في العالم، معطل منذ أشهر ويثير انقساماً سياسياً وطائفياً وبين المراجع القضائية ذاتها.