السعودي معجب العدواني يناقش "التأويل الشعبي لحكاية العنف الأولى"
ندوة ثقافية ناقش فيها الناقد السعودي معجب العدواني التأويل الديني والعلمي والشعبي للحكايات في بيت السرد بالدمام
في إطار النشاط الثقافي والأدبي لبيت السرد بجمعية الثقافة والفنون بالدمام السعودية، عقد الناقد الدكتور معجب العدواني، أستاذ النقد والنظرية بقسم اللغة العربية وآدابها بجامعة الملك سعود، ندوة نقاشية حول آثار «التأويل الشعبي لحكاية العنف الأولى»، محاولاً الفصل بين التأويل العلمي والشعبي.
قدم العداوني لدراسة نقدية قام بها توصل فيها إلى أن سرديات حكاية العنف الأولى التي شهدتها البشرية، وبقيت تروي فصولها كحكاية ذات تأثير، خضعت لنوعين من التأويل الشعبي: تأويل مهجن ناتج عن الديني أو العلمي، وآخر أصيل يتوفر في كتب التاريخ، لا سيما التاريخ الشفاهي في الثقافة العربية مثل: «كتاب التيجان في ملوك حمير» لوهب بن منبه.
وخلال دراسته تناول ملامح هذا التأويل، يدرس أربعة مكونات في الحكاية نفسها، وفي الحكايات المتفرعة: الأحداث، والشخصيات، والمكان، والزمان، والرواة.
ويقول إن هناك 3 حكايات دينية شرق أوسطية تعد الأكثر تلقياَ في العالم، والأكثر إنتاجاً للحكايات المتفرعة المنتمية إليها: حكاية الهبوط الأولى، وحكاية قابيل وهابيل، وحكاية الطوفان، وتتفق جميعها في كونها تمثل العقاب الإلهي لخطيئة ما.
تمثل الحكاية الثانية (قتل هابيل بيد أخيه قابيل) بداية حكايات العنف البشري الذي وقع بين الأخوين، ولا تزال امتداداته حتى اليوم، وحظيت الحكايات السابقة طبقاً له بثلاثة أنواع من التأويل: الديني، والشعبي، والعلمي.. كان التلقي الديني أكثرها بالتأكيد، وكان التلقي العلمي أقلها حضوراً في الثقافة العربية، أما التأويل الشعبي فقد كان الأكثر شيوعاً فيها.
أما حكاية «ابني آدم» الواردة في الكتب الدينية؛ فتتمثل في ثلاثة محاور مهمة: فعل القتل دون تفصيل، وسببه ونتيجته الأولية، فقبول القربان ورفضه.. وهناك سبب يتمثل في عدم قبول القربان، والقتل حدثٌ رئيس، ونتيجة القتل: الدفن في الأرض لهابيل والتيه لقابيل، فالسؤال الأبرز: كيف كان تلقي الحكاية دينياً وشعبياً؟ وما الفرق بين هذين النوعين من التلقي؟
ولاحظ أنه يمكن التمييز عملياً بين التأويلين: الديني والعلمي بأن الأول يتبع النص الرئيس في الكتب الدينية، ويبقى في السياق نفسه دون خروج متوقع.
وعن التأويل العلمي لحكاية العنف الأولى، قال: «معظم التأويلات العلمية الحديثة تعتمد على تحليل المكونات السردية أو السياقية في النصوص الدينية الرئيسة، وركزت اهتمامها في جانبين مهمين: يتصل الأول منهما بالتحول من البعد الرعوي الذي كان سائداً إلى الجانب الزراعي باستثمار الأرض والإفادة منها.. أما الآخر فيهتم بالصراع الحادث بين ديانتي آكلي لحوم الحيوانات وتحبيذ تقديمها قرابين، ورفض نبات الأرض في المقابل، ومالت بعض الدراسات إلى تناول موضوع القربان؛ تحديداً سبب رفض قربان قابيل».
أما التأويل الشعبي، فيرى العدواني أنه يتسم بنفعيته المباشرة، وحياديته، وفي كونه انعكاساً لهمّ جمعي، وصورة مرآوية لطقوس شعبية، وينفرد التأويل الشعبي عن الديني والعلمي في كونه: يتجه إلى تأويل الحكاية بالحكاية، أو الحكايات، وفي كون الحكايات الجديدة خاضعة لوظيفة ما، ولكليهما موضع سارد جديد يأتي بحكاية تفسيرية تتخذ صفة التركيز على مكون من مكونات السرد، ولذا لا غرابة أن يتحول التأويلان الديني والعلمي إلى تأويل شعبي عندما يتجه إلى التأويل بالحكي، أو حينما فتحت كتب التفاسير الإسلامية أبوابها أمام تفسير الحكاية بالحكاية!