باحثان مغربيان يناقشان دور المتاحف في حفظ الذاكرة التاريخية
في ندوة بالوحدة البحثية للإحياء التابعة للرابطة المحمدية للعلماء.. ناقشت أسباب نفور الأجيال الجديدة من المتاحف وتاريخ المتاحف في المغرب
أكد عبد السلام طويل، رئيس الوحدة البحثية للإحياء بالرابطة المحمدية للعلماء بالمغرب، والباحث في العلوم السياسية، على الدور الحضاري الذي تضطلع به المتاحف في التعبير عن تقدم ورقي الحضارات والشعوب، باعتبارها "الفضاء الملموس الذي يجعلنا نستشعر كلية وصيرورة وامتداد وعمق التجربة الحضارية والتاريخية لأمة من الأمم أو شعب من الشعوب".
وطالب طويل، خلال الندوة التي نظمت من قبل الوحدة البحثية للإحياء التابعة للرابطة المحمدية للعلماء تحت عنوان "دور المتاحف في حفظ الذاكرة التاريخية للأمة وحفز مسيرتها الحضارية"، بتعميق ثقافة المتاحف بالمغرب من خلال الاهتمام بالشأن المتحفي، خاصة أن الدولة المغربية تعد من البلدان القليلة في العالم، التي تتميز بعنصر الاستمرارية التاريخية والحضارية، وهو "الأمر الذي يفرض علينا، قبل غيرنا، الحرص على هذا البعد وتعهده واستثماره كعنصر تماسك وانتماء، ولحمة وهوية وطنية، وكعنصر جذب سياحي"، يضيف الباحث بالرابطة المحمدية للعلماء ورئيس تحرير مجلة "الإحياء".
وأبرز طويل أهمية تمثل الزمان بالنسبة إلى الإنسان من خلال دور ووظيفة المتاحف، مشددا على أن هذا الشعور بالاستمرارية التاريخية والحضارية بالغ الأهمية من الناحية المعرفية والبيداغوجية، خاصة بالنسبة إلى الناشئة.
من جانبه، دعا الشرقي دهمالي، مدير متحف اتصالات المغرب، ورئيس اللجنة العالمية للمتاحف العلمية والتقنية التابعة للمجلس الدولي للمتاحف (الأيكوم) ونائب رئيس المجلس الدولي للمتاحف الإفريقية، الشباب المغربي إلى التعرف على الغنى التاريخي والحضاري لبلده الحائز على اعتراف دولي بحضارته العريقة. وفسر نفور الأجيال الشابة وعدم تشبعها بثقافة المتاحف إلى كون المتاحف المغربية، باعتبارها مؤسسة عمومية، لا تهدف إلى الربح المادي، حسب التعريف الدولي، وتفتقر إلى الجذب والإمتاع، الواجب توفرهما فيها، إلى جانب عنصري التعليم والتربية، حتى يتمكن المتحف من تأدية وظائفه على أكمل وجه.
وعرج دهمالي على مرحلة ظهور المتاحف الإثنوغرافية بالمغرب، حيث أوضح أن المستكشفين الأجانب كانوا يقومون، موازاة مع الحفريات الأثرية، بتجميع قطع تراثية شعبية من خلال الأهالي والقبائل التي يستكشفونها، حيث شملت عملية التجميع القطع الخزفية والمعدنية والزجاجية والمجوهرات والألبسة وآلات الموسيقى والأسلحة التقليدية والمخطوطات النادرة. ثم بعد ذلك تم نقل جزء كبير من هذه التحف الفنية إلى المتاحف الغربية، وتم الاحتفاظ بقسم منها ليعرض، سواء في أجنحة بمباني المتاحف ذاتها، التي تعرض القيم الأثرية، أو في متاحف إثنوغرافية مستقلة عن المتاحف الأثرية ابتداء من سنة 1915 داخل معالم تاريخية كالمتحف الإثنوغرافي البطحاء بفاس، والمتحف الإثنوغرافي بقصبة الأوداية بالرباط.
كما تطرق أمين عام المنظمة العربية للمتاحف "أيكوم" وفقا لموقع" هسبريس" إلى مرحلة ظهور المتاحف الأثرية بالمغرب، مبرزا كيف ارتبط ظهور المتاحف الأثرية بالمغرب بالاحتلال الأجنبي، الذي سبقته بعثات استكشافية غربية مهدت للاستعمار العسكري. وإبان هذه الفترة انصب اهتمام جزء كبير من المستكشفين والعسكريين الأجانب على دراسة تاريخ الحضارة المغربية، حيث عملوا على النبش في تاريخ البلدان العربية، والتنقيب المكثف على التحف في المآثر والمواقع الأثرية.
وأوضح دهمالي أن عمليات التنقيب الأثري كانت تهتم في البداية بفترة ما قبل التاريخ والفترة الرومانية على حساب حقب الممالك الأمازيغية والفترات الإسلامية. كما أورد لائحة المتاحف الأولى بالمغرب ولائحة المتاحف بعد الاستقلال، ليقف، بشكل خاص، على محاولة تصنيف المتاحف المغربية إلى متاحف عمومية، ومتاحف خاصة، وأخرى مؤسساتية.
وأكد الشرقي، في سياق تقييمه للتراث الثقافي والطبيعي للمغرب، أن عدد المتاحف بالمغرب لا يرقى إلى مستوى الغنى والتنوع الثقافي والتراثي للبلاد، كاشفا أن عديدا من التحف والقيم الأثرية لا تزال مكدسة في مخازن المتاحف والمواقع الأثرية والمؤسسات الوطنية.
يشار في هذا الصدد إلى أن المغرب لا يزال يفتقر إلى متحف وطني جامع وشامل لكل تاريخه وثقافته الغنية، رغم توفره على معروضات للحقب الجيولوجية، وفترات ما قبل التاريخ، والفترات التاريخية، بالإضافة إلى المعروضات الإثنوغرافية المرتبطة بالثقافة الشعبية والتراثية، وكذا شواهد من التراث المعاصر والحديث.
ولفت دهمالي إلى أن المغرب يضم كثيرا من الشواهد والآثار من عصور ما قبل التاريخ، كما أنها احتضنت أقدم إنسان عاقل في العالم، وأقدم حمض نووي بأفريقيا.
وعن العصور القديمة بالمغرب، قدم الباحث عديدا من الشواهد والمواقع من الفترة الفينيقية والبونيقية والرومانية والبيزنطية، ليصل إلى مرحلة السلالات الإسلامية، مشيرا إلى عديد من المآثر والشواهد المتميزة، داخل المغرب وخارجه، خلال عهد الأدارسة والمرابطين والموحدين والمرينيين والوطاسيين والسعديين والعلويين.
ووقف الباحث على مغزى الاعتراف الدولي لمنظمة "اليونسكو" بتفرد وغنى التراث الثقافي المغربي، موردا، في هذا السياق، لائحة التراث المادي العالمي بالمغرب حسب المدن، وتبعا لتواريخ تسجيله في لائحة التراث العالمي الإنساني، وكذا لائحة التراث اللامادي العالمي بالمغرب، حسب المواضيع وتبعا لتواريخ تسجيله في لائحة التراث العالمي.
aXA6IDMuMTQ3Ljg2LjI0NiA= جزيرة ام اند امز