فرصة نادرة من سول لبيونغ يانغ.. هل يجتمع ترامب مع «كيم»؟

أعطى رئيس كوريا الجنوبية الجديد، الأولوية لتهدئة التوتر مع الشمال، مما أتاح فرصة دبلوماسية لاستئناف محادثات واشنطن وبيونغ يانغ.
وخلال حفل تنصيبه في 20 يناير/كانون الثاني الماضي، أجرى الرئيس الأمريكي دونالد ترامب مكالمة فيديو مع القوات الأمريكية المتمركزة في "همفريز"، وهي قاعدة عسكرية أمريكية في كوريا الجنوبية وخلال المكالمة سأل فجأةً "كيف حال كيم جونغ أون؟ قد تقول إنه على الرغم من أنني بنيتُ علاقة جيدة معه، فإنه شخصٌ صعب المراس".
وكما فعل خلال حملته الرئاسية، واصل ترامب إظهار قربه من الزعيم الكوري الشمالي كيم جونغ أون، مشيرًا إلى استئناف المحادثات معه، لكن حتى لو سعى الرئيس الأمريكي للقاء جديد مع كيم فإنه يواجه الآن بيئة أمنية مختلفة عما واجهه خلال ولايته الأولى وذلك وفقا لما ذكره موقع "ناشيونال إنترست".
في عام 2018، لعبت كوريا الجنوبية دورًا محوريًا في أول قمة تاريخية بين الولايات المتحدة وكوريا الشمالية، حيث أدت دور الوسيط لكن العلاقات بين الجارتين ساءت خلال السنوات الثلاث الماضية، في عهد الرئيس الكوري يون سوك يول، أكثر من أي وقت مضى، مما أثار مخاوف الخبراء من اندلاع حرب.
وفي 3 يونيو/حزيران الماضي، أصبح لي جاي ميونغ، رئيسًا جديدًا لكوريا الجنوبية، عقب قرار المحكمة الدستورية بالإجماع بإقالة الرئيس يون لإعلانه الأحكام العرفية بشكل غير قانوني وغير دستوري.
ومن المتوقع أن تخفف رئاسة لي التوترات في شبه الجزيرة الكورية، مما يُهيئ بيئة استراتيجية لترامب للتركيز على المفاوضات مع كيم جونغ أون.
وعلى الرغم من إشارات ترامب المبكرة إلى استئناف الحوار، فإن كوريا الشمالية مُهمّشة منذ ذلك الحين بسبب قضايا دولية ملحة أخرى، بما في ذلك حرب أوكرانيا وحرب غزة والمحادثات النووية الإيرانية.
كان ترامب قد وعد خلال حملته الانتخابية بإنهاء حرب أوكرانيا في غضون 24 ساعة من انتخابه لكنه لم يُحرز أي تقدم بسبب الخلاف بين كييف وموسك حول وقف إطلاق النار كما تستمر حرب غزة دون حل وشيك.
وبينما كانت واشنطن منخرطة في المحادثات النووية مع طهران، هاجمت إسرائيل إيران في 13 يونيو/حزيران وردًا على ذلك، أطلقت إيران مسيرات وصواريخ باليستية قبل أن تقصف أمريكا مواقع نووية إيرانية مما زاد من حالة عدم اليقين بشأن الاتفاق النووي.
ولا يبدو أن أيًا من هذه الصراعات سيُحل قريبًا، بل إنها تزداد تعقيدًا وفي الوقت نفسه فإن العلاقات بين كوريا الشمالية وكوريا الجنوبية هشة للغاية الآن بعد 3 سنوات من التوتر قُطعت خلالها جميع القنوات الدبلوماسية بين البلدين فلم تعد أي من الخطوط الساخنة بينهما تعمل.
وفي أوائل 2023، وصف كيم كوريا الجنوبية بأنها "عدو رئيسي" وتخلى عن فكرة إعادة التوحيد، وهدم الرموز ذات الصلة كما هدمت كوريا الشمالية الطرق والسكك الحديدية التي تربط الكوريتين، وبنت جدرانًا حدودية في المنطقة منزوعة السلاح.
في ظل هذه الظروف، ثارت الشكوك حول إمكانية عقد محادثات بين الولايات المتحدة وكوريا الشمالية وحتى لو حدث ذلك، فإن حالة عدم اليقين في العلاقات بين الكوريتين ستُشكّل عقبةً كبيرةً بدلًا من أن تكون حافزًا لاستمرارها.
وخلال حملته الرئاسية، أقر لي جاي ميونغ، بأهمية الردع الأمريكي الموسّع ضد تهديدات كوريا الشمالية، وشدّد على أهمية الحد من المخاطر والدبلوماسية في التعامل معها وتعهد أيضا بإعادة قنوات الاتصال مع بيونغ يانغ للوصول إلى تعليق متبادل للأعمال الاستفزازية، وإدارة مخاطر التعايش السلمي كما رحّب باستعداد ترامب لإجراء محادثات مع كيم.
وبعد توليه منصبه، نفّذ لي، بشكل استباقي، تدابير الحد من المخاطر التي تعهّد بها فبعد 5 أيام من تنصيبه، دعت وزارة التوحيد إلى تعليق إطلاق البالونات الدعائية من قِبل الجماعات المدنية لمنع التصعيد الأمني، لأنها تُهدد سلامة سكان المنطقة الحدودية كما أصدر تعليماته للمسؤولين بمراجعة إمكانية اعتقال الأفراد.
وفي 11 يونيو/حزيران، وبناءً على تعليمات الرئيس لي، أوقف الجيش الكوري الجنوبي البث عبر مكبرات الصوت وفي اليوم التالي، ردت كوريا الشمالية بإجراء مماثل، فأوقفت البث.
ولمزيد من تخفيف التوترات، قدمت وزارة الدفاع الكورية الجنوبية مؤخرًا خطة لاستعادة اتفاقية الأسلحة التقليدية إلى لجنة التخطيط الوطنية.
كانت إدارة الرئيس السابق يون سوك يول وحزبه "قوة الشعب" يدعمون الخيارات النووية وعلى النقيض من ذلك أكد الرئيس الجديد التزامه وحزبه، الحزب الديمقراطي بمبدأ نزع السلاح النووي من شبه الجزيرة الكورية، وهو ما يعني تضاؤل دعم سول للتسليح النووي، الذي قد تستغله كوريا الشمالية لإضفاء الشرعية على ترسانتها النووية وتطويرها.
وفي ظل تضارب المصالح بين الأطراف في أوروبا والشرق الأوسط يجد الرئيس الأمريكي ترامب صعوبة في مواصلة المفاوضات والعمل كوسيط في أوكرانيا وغزة.
في المقابل، تُساهم حكومة كوريا الجنوبية الجديدة في تهيئة ظروف أمنية مستقرة استراتيجيًا تمكن ترامب من الدخول في حوارات نووية مع كيم جونغ أون.
ومن بين العقبات التي تعترض حل المشكلة النووية لكوريا الشمالية، تظل العلاقات بين الكوريتين العامل الأكثر أهمية لواشنطن لبدء حوار هادف مستدام.
وفي قمتهما الأولى، ينبغي على ترامب ولي جاي ميونغ التنسيق لوضع استراتيجية عملية قائمة على الحد من المخاطر وضبط النفس المتبادل.