تعتبر آلة السمسمية رمزًا ثقافيًا يعكس تراث مدن القناة المصرية، حيث لعبت دورًا بارزًا في بث الروح الوطنية خلال الحروب التي شهدتها مصر.
استخدم أهالي بورسعيد السمسمية لتوثيق بطولاتهم أثناء العدوان الثلاثي عام 1956، وأصبحت بعدها جزءًا لا يتجزأ من الأفراح والمناسبات.
داخل ورشة صغيرة في حي الضواحي ببورسعيد، تجلس أسماء حمودة، المعروفة بـ"دكتورة أسماء"، وهي طبيبة سابقة وأول امرأة مصرية تتخصص في صناعة السمسمية.
تخرجت أسماء في كلية الطب بجامعة عين شمس عام 1986، وعملت كطبيبة متخصصة في الهياكل والتشريح، ودرَّست في جامعات كبرى مثل عين شمس وقصر العيني.
لكن في عام 2011، اتخذت أسماء قرارًا جريئًا بالتقاعد المبكر لتتفرغ لشغفها الأول: صناعة السمسمية.
تقول أسماء: "لم أندم يومًا على ترك الطب. عشقت هذه الآلة منذ طفولتي، وكان حلمي أن أعمل في شيء يجعلني سعيدة."
رحلة عشق السمسمية
بدأت علاقة أسماء بالسمسمية منذ طفولتها عندما كانت في التاسعة من عمرها، حيث شاركت كراقصة ضمن فرقة فنون شعبية. في تلك الفترة، صنعت أول آلة سمسمية بيدها باستخدام أدوات بسيطة: طبق صاج، جلد أرنب، وقفص خضار.
خلال سنوات الدراسة، كانت أسماء تصنع آلات السمسمية وتبيعها لزميلاتها مقابل 5 جنيهات، في وقت كانت تُباع فيه بالسوق مقابل 35 جنيهًا.
في عام 2012، أسست أسماء أول متحف مخصص لعرض أنواع السمسمية في بورسعيد. وبعد تطوير المنطقة، استأجرت ورشة خاصة بها لتصنيع آلات السمسمية والطنبورة. تشرف أسماء على جميع مراحل التصنيع، بدءًا من شراء الخشب من دمياط إلى تجهيز الجلد وقطع المعدن.
توضح أسماء أن أسعار السمسمية تتراوح بين 150 و1000 جنيه، وأحيانًا تصل إلى أكثر من ذلك.
لم تقف إنجازات أسماء عند حدود بورسعيد أو مصر، بل امتدت إلى العالم. نجحت في تصدير آلات السمسمية إلى دول مثل الأردن، اليونان، فرنسا، السعودية، والكويت.
تختتم أسماء حديثها بفخر: "حققت حلمي بأن أكون أول سيدة مصرية تصنع السمسمية والطنبورة.