ليبيا في 2025.. انتعاش الاقتصاد رغم الظروف الأمنية والسياسية
رغم التحديات الأمنية والسياسية التي تواصلت على امتداد العام، سجّلت ليبيا في 2025، مؤشرات اقتصادية مهمة خصوصًا في قطاع النفط والطاقة ما أظهر قدرة على التعافي الجزئي.
ورغم المؤشرات الإيجابية، يبقى الاقتصاد الليبي رهين الوضع الأمني والسياسي، إذ شهد القطاع اضطرابات محدودة نتيجة احتجاجات في الحقول والموانئ تم احتواؤها سريعًا دون تأثير ملحوظ على مستويات الإنتاج، فيما يحتاج الاستقرار النفطي إلى إطار سياسي متماسك يضمن عدم تكرار تعطّل الإنتاج.
خطة طموحة للنفط
بلغ إنتاج ليبيا حاليًا من النفط نحو 1.4 مليون برميل يوميًا، إلا أن وزير النفط والغاز الليبي خليفة عبدالصادق أكد خلال مشاركته في معرض "أديبك 2025"، أن ليبيا تستهدف رفع الإنتاج إلى 1.6 مليون برميل يوميًا في 2026، و1.8 مليون برميل يوميًا في 2027، و2 مليون برميل يوميًا خلال 5 سنوات.
وأوضح الوزير أن الخطة جزء من استراتيجية شاملة لزيادة الإنتاج وتنويع المنتجات النفطية وجذب الاستثمارات الأجنبية والمحلية بما يعزز الدور الاقتصادي للمؤسسة الوطنية للنفط.
انتعاش الطاقة
ونتيجة لما شهده قطاع النفط الليبي من قفزة لافتة خلال العام، سعت العديد من الشركات الكبرى للعودة إلى السوق الليبي، مثل إعلان شركة "إيني" في أكتوبر/ تشرين الأول 2025 استئناف الحفر الاستكشافي شمال غربي البلاد بعد توقف 5 سنوات.
كما شهد العام توجه شركات عالمية مثل "إكسون موبيل" لإعادة تقييم السوق الليبي والمشاركة في جولات العطاءات، في مؤشر إلى تعافٍ نسبي في المناخ الاستثماري، ما يؤكد وجود فرص واعدة شرط تحسّن الأمن واستقرار المشهد السياسي.
جولة عطاءات
كما أعادت المؤسسة الوطنية للنفط إطلاق جولة عطاءات لاستكشاف 22 موقعًا جديدًا بريًا وبحريًا، في خطوة هي الأولى منذ أكثر من 17 عامًا. وفي نوفمبر/ تشرين الثاني 2025، كشفت المؤسسة عن 6 اكتشافات جديدة في حوض غدامس وسرت، ما عزز الآمال بزيادة الإنتاج وجذب شركات أجنبية رغم التحديات الأمنية.
على المستوى الفني، أعلنت المؤسسة الوطنية للنفط في أكتوبر/ تشرين الأول تشغيل معامل متخصصة لسوائل الحفر في حقلي الواحة وجالو، بهدف مراقبة كفاءة المواد وتحسين جودة العمليات بما يقلل من مخاطر التشغيل ويزيد جاذبية الحقول للاستثمار، دعمًا لخطط التوسع والاستكشاف.
الاقتصاد الريعي
ويرى رئيس منتدى بنغازي للتطوير الاقتصادي والتنمية، المحلل الاقتصادي خالد بوزعكوك، أن الاقتصاد الليبي ما يزال اقتصادًا ريعيًا هشًا يعتمد على مورد وحيد هو النفط والغاز الذي يشكل نحو 95% من إيرادات الدولة، وهو مورد شديد التقلب بحكم ارتباطه بحالة الإنتاج والتصدير والعرض والطلب الدولي.
وأوضح بوزعكوك في تصريح لـ"العين الإخبارية"، أن ليبيا شهدت 12 حالة إيقاف كلي وجزئي للتصدير خلال السنوات الماضية، أعلنت خلالها المؤسسة الوطنية للنفط حالة "القوة القاهرة"، مؤكدًا أن القطاع يعاني من الفساد وارتفاع حجم العمالة وقدم المصافي والآبار، ويحتاج إلى استثمارات ضخمة لتعميق الآبار وتجديد خطوط نقل النفط والغاز ورفع كفاءة المصافي والمعامل.
وأضاف أن الاقتصاد الليبي ما يزال مشوّهًا وغير واضح المعالم نتيجة استمرار العمل في أغلب القوانين الاشتراكية الموروثة من عهد النظام السابق، حيث تُفصل القضايا في المحاكم وفق تشريعات قديمة لا تتوافق مع اقتصاد السوق الحديث.
بيئة الاستثمار
وأشار إلى أن بيئة الاستثمار غير مستقرة بسبب الانقسام السياسي ووجود حكومتين في الشرق والغرب، ما أدى إلى تنازع الاختصاصات وتضارب القرارات وضعف الرقابة وهدر الوقت والمال، إضافة إلى عدم استقرار سعر الدولار وشح السيولة.
كما لفت إلى ضعف الناتج القومي المحلي من الرسوم الجمركية والضرائب والإيرادات المحلية بسبب الانقسام وضعف مؤسسات الدولة، فضلًا عن تدني إنتاجية القطاع العام الذي يضم 85% من حجم العمالة بعدد يصل إلى 2.5 مليون موظف، في دولة لا يتجاوز عدد سكانها 6 ملايين، فيما بلغ حجم مرتبات القطاع العام في 2024 نحو 65 مليار دينار ليبي.