«الأرقام الإدارية».. دعوة أممية لمعالجة جرح ليبيا المفتوح منذ عقود
أعادت بعثة الأمم المتحدة في ليبيا تسليط الضوء على أزمة حملة «الأرقام الإدارية»، في خطوة تعكس تصاعد الجدل القانوني والإنساني حول وضعية هذه الفئة التي ظلت لعقود على هامش الحياة السياسية والاجتماعية في البلاد.
وأكدت البعثة الحاجة العاجلة إلى حل جذري لهذا الملف بقرار من السلطات الليبية، بعيدًا عن التجاذبات السياسية، وضرورة فصل معالجته عن السياق الانتخابي لضمان نزاهة العملية الديمقراطية.
وبيّنت البعثة في بيان لها أن اللجنة الاستشارية أوصت بأن يقتصر التسجيل والترشح للانتخابات على حاملي الرقم الوطني، حفاظًا على نزاهة العملية الانتخابية.
وأضافت أن اللجنة أقرت أيضًا بالحاجة الملحّة لمعالجة هذه المسألة، وأوصت بتكليف الحكومة الجديدة بإيجاد تسوية قانونية لوضع حاملي الأرقام الإدارية، خارج السياق الانتخابي وبعيدًا عن أي تدخل أو استغلال سياسي.
معاناة متراكمة
يرى حسين كويوي، الناطق السابق باسم مجلس شيوخ قبائل الطوارق في ليبيا، أن ما يُعرفون بأصحاب الأرقام الإدارية عانوا من الإهمال والتهميش لسنوات طويلة، مؤكدًا أنهم يرغبون فقط في أن يُعاملوا مثل غيرهم من الليبيين، أو أن تُسحب منهم هذه البطاقات التي تحمل اسم الدولة الليبية إذا لم تكن المساواة ممكنة.
وأوضح كويوي، في حديث لـ«العين الإخبارية»، أنه شخصيًا لم تعد الجنسية الليبية مصدر اهتمام له، ويفضل أن يُعامل كأجنبي بشكل كامل، مشيرًا إلى أن ذلك قد يسهل لهم الحصول على جنسيات أخرى، ويتيح لهم التواصل مع السفارات الأفريقية، مثل النيجر ومالي وغيرها، أو حتى مع دول في الاتحاد الأوروبي التي تتبنى مشاريع لمنح المواطنة للأشخاص عديمي الجنسية.
أصل الأزمة
تعود جذور هذه الأزمة إلى فترات الاحتلال التركي والإيطالي والفرنسي، حين هاجر كثير من الليبيين خارج البلاد. ومع توحيد الدولة مطلع خمسينيات القرن الماضي، بدأت دراسة أوضاعهم وإمكانية منحهم الجنسية.
وفي عام 1954، صدر قانون يمنح الجنسية الليبية للعائدين ممن وُلدوا خارج البلاد أو أقاموا فيها إقامة اعتيادية لمدة لا تقل عن عشر سنوات قبل 7 أكتوبر/تشرين الأول 1950، تلاه صدور قوانين أخرى لاحقًا، أبرزها قانون عام 1980 الذي أتاح الحصول على «الجنسية العربية الليبية» وما يرتبط بها من حقوق مدنية كاملة.
وبعد أحداث عام 2011، ومع إطلاق مشروع الرقم الوطني عام 2014، شُكّلت لجنة لحصر هذه الفئة، وأُنشئت منظومة الرقم المؤقت بموجب قرار مجلس الوزراء رقم 871 لسنة 2013، لتُنظم وضعهم إلى حين البت في منح الجنسية لهم ولأبنائهم.
الوضع القانوني
أكد الحقوقي الليبي حافظ السنوسي في وقت سابق أن من حق أصحاب الرقم الإداري التعيين في الوظائف العامة، وإبرام عقود العمل، والحصول على مرتبات شهرية.
وأوضح في حديث لـ«العين الإخبارية» أن أبناء هذه الفئة من الأجيال الثانية والثالثة والرابعة يحق لهم نيل الجنسية الليبية والمشاركة السياسية، مشيرًا إلى أن قانون الرقم الوطني نص في مادته الرابعة على أن «الرقم الوطني يُمنح منذ الولادة بناءً على بيانات الشخص في السجل المدني، شريطة أن تكون مستوفاة وصحيحة، ويُعد قرينة على أن حامله مواطن ليبي».