ذكرى 17 فبراير تنكأ داء ليبيا العضال.. انقسام واتهامات وادعاء وصل درنة
بينما تئن ليبيا تحت وطأة «القوة القاهرة» التي أرجأت انتخابات وضع الليبيون آمالهم في أن تنهي التشظي السياسي والانقسام المؤسسي، كانت ذكرى «ثورة» 17 فبراير الـ13 بمثابة برهان على الداء العضال الذي يعاني منه البلد الأفريقي.
ذلك الداء الذي شُخص بـ«الانقسام» تجسد في احتفالات رمزية في الشرق، حيث حكومة مفوضة من البرلمان لم تستطع بسط سيطرتها على كامل ليبيا، ومظاهر احتفاء «ضخمة» ملأ صخبها الغرب، حيث حكومة عبدالحميد الدبيبة منتهية الولاية والتي ترفض تسليم السلطة إلا لحكومة مفوضة من برلمان جديد منتخب.
تلك الاحتفالات كانت مناسبة استغلتها الحكومتان لمقارعة الأخرى، وإلصاق بها الاتهامات عن تردي الأوضاع الحالية وإرجاء الانتخابات، بل دوران عجلة ليبيا برمتها إلى الخلف.
فماذا حدث؟
في الغرب حيث حكومة عبدالحميد الدبيبة، حاول الأخير تجاهل الانتقادات التي طالته بسبب ما وصف بـ«البذخ» في الإنفاق على احتفالات ذكرى 17 فبراير/شباط، موجها الاتهامات لمجلس النواب الليبي.
وكانت الإذاعة الفرنسية الحكومية قالت إن حكومة الدبيبة كلفت شركة كندية لتنظيم الاحتفالات بذكرى 17 فبراير/شباط، والتي قالت إنها جلبت فنانين أجانب معروفين لإحياء ذلك الحدث، مما عرضها لانتقادات محلية، واحتجاجات من قبل بعض المتظاهرين.
احتجاجات أعرب الدبيبة عن امتعاضه منها، قائلا بانفعال: إن هذا الاحتفال فيه احترام كامل لشعبيتنا وناسنا وخصوصيتنا كليبيين (..) هذا اجتماع مبارك، سنذكر فيه الله».
ومن رده على تلك الانتقادات، إلى كيل الاتهامات، عرج الدبيبة، محاولا تحميل البرلمان مسؤولية تعطيل المرتبات، قائلا: تعطيل المرتبات سببه مجلس النواب، ونعمل على تغييره مع المؤسسات التي تجاوزت مدتها 12 سنة، في إشارة إلى البرلمان الذي جاء بانتخابات عقدت في 2014.
اتهامات وتنصل
وقال الدبيبة إن «اعتماد المرتبات يجري من خلال اللجنة المسؤولة بمجلس النواب، وهي التي تقود هذا الأمر (..) لن نسكت ولن نسمح لهم بتقييد المرتبات، لأنها رزق الليبيين وليست للدبيبة».
وحول تدهور الأوضاع في ليبيا، حاول رئيس الحكومة منتهية الولاية التملص من أي مسؤولية في هذا الصدد، قائلا: هدفنا في هذه الحكومة وضع العربة على السكة بعد سنوات من الإحباط والتعب والقتل والدمار، واليوم بدأت تتحرك من جديد، وانتشر الإعمار بدل الحرب والدمار.
وحاول الدبيبة العزف على وتر درنة التي ضربتها فيضانات عارمة في سبتمبر/أيلول الماضي، فوجه رسائل مغازلة لليبيين، قائلا: الحفل اليوم ازداد جمالاً بحضور عرض لدرنة التي عبرت عن وحدة الليبيين، مضيفا: الثقافة اليوم هي ثقافة البناء والإعمار بدلا من ثقافة الحرب والدمار التي سادت طويلا.
وأضاف أن «درنة كانت حاضرة معنا في الاحتفالات، فهي المدينة التي وحدت الليبيين في الفزعة الكبرى التي قام بها أبناء الوطن كافة خلال الفيضانات والأحداث المؤلمة التي أصابت المدينة وأهلها وتسببت في وقوع الآلاف من الضحايا»، داعيًا إلى الوحدة والوقوف مع درنة وأهلها.
واختتم الدبيبة كلمته بالتأكيد على أن «ما يتم القيام به هو واجب وهو قليل مما يحتاجه الشعب»، متعهدًا بـ«مستقبل أفضل، يحيا فيه الليبيون حياة كريمة، ويحصلون فيه على مرتبات عالية في ظل دولة مستقرة وآمنة».
ماذا عن حكومة حماد؟
على الجانب الآخر حاولت حكومة أسامة حماد، المكلفة من مجلس النواب، استغلال الانتقادات الموجهة للدبيبة، بسبب الإنفاق الذي وصف بـ«المبالغ» فيه على الاحتفالات، فألغت الاحتفالات الرسمية «للحفاظ على المال العام»، بحسب بيان صادر عنها.
وقال حماد إنه «لا يعقل ولا يقبل بأن تصرف الملايين على الاحتفالات ويوجد مواطن ليبي فقير»، في انتقاد مبطن لحكومة منافسه عبدالحميد الدبيبة.
اتهامات حاول أسامة حماد ترسيخها بقوله: ما نراه من حراك شعبي ورفض هدر الأموال ممن قفزوا على السلطة وخالفوا الشرعية، أكبر دليل على الوعي الشعبي»، في إشارة إلى الدبيبة والانتقادات التي طالت الاحتفالات التي دشنها في الغرب.
وتر درنة
وعلى وتر درنة عزف -كذلك- أسامة حماد الذي كان رفقة رئيس مجلس النواب عقيلة صالح، فدشن مجموعة مشاريع سكنية وخدمية بمدينة درنة، منها استكمال مشروع 2000 وحدة سكنية، وإعمار جامعة درنة، وبناء جسور حديثة، لربط ضفتي درنة، وصيانة مسجد الصحابة التاريخي.
ولم يكتف بذلك، بل إنه اتخذ -هو الآخر- من درنة مناسبة لتوجيه رسائل مغازلة لليبيين، قائلا: رغم كل الخلافات والفتن التي حصلت، أثبت شعبنا العظيم أنه كالجسد الواحد، وهو ما تجسد في وقوف كل أبنائه مع إخوتهم في درنة والمدن المتضررة».
وتعهد رئيس الحكومة المكلفة من البرلمان بتوظيف «كل الإمكانيات المادية والبشرية لإعادة الإعمار والتنمية»، في توظيف للرسالة نفسها التي استخدمها الدبيبة في خطابه.
aXA6IDMuMTM5Ljg3LjExMyA=
جزيرة ام اند امز