الجيش الليبي 2021.. محاولات للتوحيد وتطوير القدرات ودحر الإرهاب
بيد تحارب الإرهاب وأخرى تبسط الأمن وتؤمن احتياجات المواطنين، يعمل الجيش الليبي على إعادة الاستقرار للبلد الذي مزقته الاضطرابات.
وعبر تحديث أسلحة وصيانة أخرى وتدشين مناورات عسكرها لم تعرفها البلاد منذ عقد من الزمان وعمليات مكثفة لحماية الحدود، يحاول الجيش الليبي التغلب على التعقيدات الدولية التي تكبل بلاده وعلى رأسها حظر تسليح فرضته الأمم المتحدة قبل 10 سنوات ولم تستفد منه سوى المليشيات.
كما شهد عام 2021 اجتماعا هو الأول من نوعه بين القائد العام المكلف للجيش الليبي عبدالرزاق الناظوري، مع رئيس أركان المنطقة الغربية محمد الحداد في سرت، في محاولة لتوحيد القوات المسلحة.
وتعيش ليبيا اضطرابات واسعة منذ الإطاحة بحكم معمر القذافي في 2011، خاصة في ظل انتشار واسع للمليشيات، وزاد من حدة الأزمات إرسال بعض الدول لمرتزقة وقوات أجنبية في محاولة لبسط نفوذها في الدولة الغنية بالنفط.
تطوير السلاح
وفي مواجهة كل ذلك، عملت القوات المسلحة الليبية على تطوير الصواريخ السوفيتية والقطع البحرية والجوية التي كانت معطلة عن العمل منذ عهد معمر القذافي، لتأمين أرض وسماء البلاد وسواحلها.
وهو ما أكد عليه القائد العام للجيش المشير خليفة حفتر، مطلع العام الجاري، خلال تفقده أكاديمية العلوم الاستراتيجية والأمنية، حيث أكد أهمية بناء القوات المسلحة ومؤسساتها العلمية والقتالية وتطويرها.
وتحرص الأكاديمية على تطوير الأسلحة والمعدات التقنية، من بينها الطائرات والحرب الإلكترونية والاستخباراتية الحديثة والمسيرة الاستطلاعية والقتالية في هذه التخصصات في محاولة للتغلب على حظر التسليح.
رفع الكفاءة القتالية
ولم تقف تطلعات الجيش الليبي على تطوير السلاح فقط، بل رفع جاهزية وكفاءة المهام القتالية لدى جنوده من خلال المناورات الحربية بالذخيرة الحية والثقيلة لإكساب الدفعات الجديدة خبرة القتال لحماية البلاد من الإرهابيين والمرتزقة.
المناورة التدريبية الأولي، كانت في شهر مارس/آذار الماضي بالذخيرة الحية، لتجهيز ورفع كفاءة خريجي الكتيبة 210 والكتيبة 166 ضمن الدورات التنشيطية العسكرية، وتخصصت تلك الدفعات في الهاون والدبابات وكيفية الرماية وقت الاقتحام.
وفي نفس الشهر، اختتمت القوات المسلحة الليبية التمرين التعبوي على مستوى كتيبة دبابات للواء 106 مجحفل، بحضور القائد العام للجيش الليبي المشير خليفة حفتر، بحضور رؤساء أركان القوات المسلحة، وبعض رؤساء الهيئات ومديري الإدارات بالقيادة العامة، وعدد من ضباط وآمري الوحدات المستقلة.
ونفذت الكتيبة تمرينا تعبويا يحاكي القيام بالهجوم من الحركة لصد هجوم معادٍ على منطقة افتراضية، بمشاركة مقاتلات السلاح الجوي الليبي، بالإضافة إلى وحدات الدفاع الجوي وفصائل من قوات الصاعقة والمظلات التي قامت بالإنزال خلف خطوط العدو للقيام بأعمال تدمير أهداف مختارة لضرب القوة المعادية في مقرات القيادة والسيطرة.
الأولى من نوعها
وفي أكتوبر/تشرين الأول الماضي نفذ الجيش الوطني الليبي مناورة عسكرية ضخمة بالذخيرة الحيّة هي الأولى من نوعها في البلاد.
وقال مدير إدارة التوجيه المعنوي اللواء خالد المحجوب إن المناورة هي الأولى من نوعها وشاركت فيها مختلف وحدات اللواء 106 من مشاة ودبابات ومدفعية وقوات صاعقة وطيران وغيرها من الوحدات الداعمة والمساندة.
المناورة قامت على أساس فرضية تعبوية تمثلت في تسلل أعداد كبيرة من المجموعات الإرهابية، أعد جزء منها معسكرات تدريبية قرب الحدود الصحراوية لمئات الإرهابيين، مع جاهزية لحوالي 6000 عنصر إرهابي يتجهزون للالتحاق بهم.
أما المجموعة الأخرى في التدريب فقامت بإنزال عبر زوارق مسلحة سريعة على منطقة قمينس وقطعت الطريق الرابط بين أجدابيا وبنغازي وسيطرت على المؤسسات وأنشأت نقاطا قوية وقامت بالتنكيل وأعمال القتل والذبح لترويع المواطنين وضرب الروح المعنوية ومنع وصول الإمدادات والمساعدات الإنسانية.
التمرين روعي فيه نوع العدو الذي يتبع أسلوبا مختلفا في القتال عن الجيوش النظامية، ويعمل بأساليب مستهجنة، منها استغلال النساء والعجائز والأطفال كدروع بشرية والقتال بنظام المجموعات الصغيرة واستغلال المساحات الممتدة والشاسعة للصحراء الليبية وبعض جبالها.
قاذفات نادرة
كما فاجأ الجيش الليبي الجميع في تلك المناورة باستخدام نظامين نفاثين من صنع كوريا الشمالية من طراز بي إم -11، والذي أصبح نادرا جدا بالنسبة لليبيا.
وهي نسخة خفيفة الوزن من BM-21، ولديها 30 أسطوانة لإطلاق الصواريخ بدلا من 40، كما وصُنعت MLRS على هيكل مركبات لجميع التضاريس من Isuzu اليابانية.
ولم يكتف الجيش بذلك، بل طور أيضا مواجهة سفن العدو، وذلك عبر تحرك مجموعة من دبابات T-72M1 وT-62 وT-55 للأمام، وتم تغطيتهم بمدافع ذاتية الدفع مضادة للطائرات ZSU-23-4 "Shilka" وشاحنات صغيرة من طراز Toyota مزودة بمدافع ZU-23-2 سريعة النيران مثبتة عليها، والتي تم تطويرها عبر هندسة الجيش ودمرت هذه المركبات القتالية الدروع التي تصور مركبة عائمة للعدو.
واستخدمت المدفعية في تدريباتها مدافع M-46 عيار 130 ملم، ومدافع هاوتزر قديمة عيار 122 ملم من طراز 1938 M-30، وحوامل مدفعية ذاتية الدفع 122 ملم 2S1 "Gvozdika".
مكافحة الإرهاب
وكذلك، واصل الجيش تأمين البلاد وبدأ مهاجمة أوكار ما تبقى من الإرهابيين والمرتزقة التشاديين في الجنوب الليبي.
كما وضع حدا لتهريب الوقود وثروات البلاد، وذلك بعد إطلاق حملة في فبراير/شباط الماضي للقبض على عدد من الخارجين عن القانون يمتهنون جرائم الخطف والحرابة والابتزاز والتهريب.
وفي أغسطس/آب الماضي، أطلق عملية أمنية داخل نطاق الجنوبي الغربي من ليبيا مكنته من وضع يده على أهم النقاط الاستراتيجية في البلاد، في مقدمتها معبر "ايسين" الحدودي الرابط بين ليبيا الجزائر.
ونجح في إلقاء القبض على الداعشي آدم إبراهيم أحمد، سوداني الجنسية، حيث سقط في قبضة الأمن بمنطقة القطرون أقصى الجنوب الغربي للبلاد، وأيضا ضبط عنصر من مليشيات حسن موسى التباوي، ومجموعة أخرى من جنسيات مختلفة تتبع التنظيم الإرهابي، بينهم شخص سوداني.
وفي سبتمبر/أيلول، نفذت القوات المسلحة عملية التفاف ناجحة مدعومة بسلاح الجو أسفرت عن مقتل ٤ قيادات إرهابية تشادية وهم: (هارون شتي، علي بنقور، علي بوقور سمكا، أبكر طاهر وجي)، وتدمير غرفة عمليات للمليشيات.
وقبل نهاية العام الحالي بأيام، تصدت قوات الجيش الليبي، لمحاولة فاشلة لمليشيات 116 بإمرة مسعود الجدي التابعة لغرب ليبيا في محاولة لزعزعة الأمن في مدينة سبها جنوب البلاد، ومحاولة للسيطرة على أحد مباني الجيش ولكن تصدت لها كتيبة طارق بن زياد التابعة للجيش الوطني الليبي.
يد تحارب وأخرى تبني
وبعد نجاحه في القضاء على الإرهاب في الشرق الليبي، اهتم الجيش بدعم المدن فيما ينقصها من مؤن واحتياجات وكانت البداية مع سرت، لتنطلق لها قافلة تضم 100 شاحنة محملة بالوقود والسلع التموينية وغاز الطهي والأدوية والمعدات الطبية.
وفي مجال العمل الإنساني، لم ينس الجيش توفير مجموعة من احتياجات أصحاب الهمم في مدينة بنغازي خلال شهر فبراير/شباط الماضي، وهي عبارة عن أدوات لهم وكراس متحركة جديدة.
وفي خطوة تعزز محو آثار الإرهاب في بنغازي، حوّل الجيش معسكرا محررا من الإرهاب إلى فندق ومستشفى، بأرض معسكر 17 فبراير بالمدينة شرق ليبيا.
يتكون المستشفى من ثلاثة طوابق ويسع (200) سرير، والفندق بمواصفات فنادق الـ5 نجوم.
وفي إطار اهتمامه بمعاناة أهالي الجنوب الليبي، سيرت القيادة العامة للجيش الوطني جسرا جويا عاجلا لتقديم المساعدات الطبية لمدن الجنوب الغربي بالبلاد، تحمل مصل العقارب ومركز عزل طبي وأسطوانات أكسجين مقدمة من هيئة الإمداد بالقيادة العامة، وذلك بعد وفاة طفل لعدم حصوله على المصل وانتشار كورونا وبعض الأمراض بتلك المدن.
وفي مطلع نوفمبر/تشرين الثاني الماضي، قام الجيش الليبي بإرسال قوافل من المحروقات إلى مناطق الجنوب بعد وجود شح في بعض الموارد الأساسية كهدية من الجيش للأهالي الذين وقفوا بجانبه خلال حربه ضد الإرهاب.
توحيد الجيش الليبي
وفي 11 ديسمبر/كانون الأول الجاري، عقد القائد العام المكلف للجيش الليبي عبدالرزاق الناظوري، ولأول مرة، اجتماعا مع رئيس أركان المنطقة الغربية محمد الحداد في سرت.
وقالت مصادر عسكرية مقربة من القيادة العامة للجيش الليبي لـ"العين الإخبارية" إن الاجتماع بحث إيجاد جدول زمني محدد لإخراج المرتزقة والقوات الأجنبية من ليبيا.
وأضافت المصادر أن البند الثاني في الاجتماع المغلق ناقش كيفية إيجاد ضوابط لدمج كافة الوحدات العسكرية في الجيش الليبي الموحد وفقا لاتفاقية اللجنة العسكرية 5+5 الموقعة في جنيف في أكتوبر/تشرين الأول العام الماضي.
وأوضحت أن "الاجتماع بحث أيضا جهود مساندة الجهات الأمنية في تأمين المدن والمناطق، خصوصا في فترة الانتخابات الرئاسية والبرلمانية المقبلة التي كانت مقررة في الـ24 من ديسمبر/كانون الأول الجاري قبل أن يتم تأجيلها.
ونوهت إلى أن هذا الاجتماع جاء بمبادرة وبتنسيق لجنة 5+5 العسكرية دون أي وساطة أو تدخل أجنبي أو خارجي لعقده.
وقال الناظوري في تصريحات تلفزيونية، عقب انتهاء الاجتماع، إن الطرفين اتفقا على توحيد المؤسسة العسكرية دون تدخل أطراف أجنبية.
وتابع أن "اللقاء كان ليبيا-ليبيا، ووجهات النظر متقاربة، والمسؤولية هي حماية الوطن والدستور، والمحافظة على المؤسسة العسكرية، واحترام الكيانات السياسية، وأن يكون توحيد المؤسسة قريبا".
وأضاف: "سنعقد اجتماعات مشابهة متتالية بحضور لجنة 5+5، بدون تدخل أي طرف أجنبي"، موجها رسالة للشعب الليبي، أنهم غير معترضين على بناء الدولة المدنية وسرعة إنجازها بعيدا عن التجاذبات السياسية.
واستدرك الناظوري أنهم "لن يسمحوا بالتفريط في حق الجيش الليبي، وأن الحكومات المتتالية التي تدعي بناء الجيش، تحرمه من ميزانياته ومرتباته وزيه العسكري، كما أنهم مستمرون في جهودهم وحماية الحدود والأمن وحدود دول الجوار".
تأمين الانتخابات
ومع بدء الإعداد لأول انتخابات رئاسية بالبلاد، أكد الجيش الوطني استعدداه التام لتأمينها خاصة في المناطق الخاضعة لسيطرته، وظهر ذك من خلال تحركاته لتأمين محكمة سبها بعد اعتداء مليشيات مسعود الجدي عليها لمنع ترشح المرشح سيف الإسلام القذافي.
وخلال الفترة الماضية حتى إعلان تأجيل الانتخابات، لم تشهد المناطق الواقعة تحت سيطرة الجيش الليبي أي خروقات أمنية ما عدا مدينة سبها لوجود بعض المليشيات التي تتبع المنطقة الغربية بها.
aXA6IDMuMjEuMTU5LjIyMyA= جزيرة ام اند امز