ليبيا وبلجيكا في صدام قضائي.. تشجير الصحراء يهدد مليارات اليوروهات
رغم مرور أعوام على توقيع عقد لتدشينه، فإن المشروع الذي وصف بـ"الفاشل"، انهار في أعقاب الأحداث التي مرت بها ليبيا، إبان عام 2011.
وكان الأمير لوران شقيق ملك بلجيكا وقع والسلطات الليبية عقداً بملايين اليوروهات في عام 2008 بهدف إعادة تشجير المناطق الصحراوية في ليبيا، إلا أن المشروع انهار مع اندلاع احتجاجات في البلد الأفريقي، عام 2011، أفضت إلى الإطاحة بالزعيم الليبي معمر القذافي.
ومع انهيار المشروع، دخل طرفاه حلبة القضاء؛ فمحكمة الاستئناف البلجيكية، أصدرت الأسبوع الماضي، حكمًا بتأكيد تجميد 15 مليار يورو من أموال المؤسسة الليبية للاستثمار في مصرف "يوروكلير" في بروكسل.
ما القصة؟
الحكم جاء بعد مطالبة الأمير لوران بتعويض يصل إلى 50 مليون يورو بسبب تعثر إنجاز عقد مُوقع عام 2008 مع وزارة الزراعة الليبية، لإعادة تشجير آلاف الهكتارات من الصحراء.
إلا أن الحكم رفضته المؤسسة الليبية للاستثمار (صندوق الثروة السيادي الليبي)، التي قال محامون إنها رفعت دعوى جنائية ضد الأمير البلجيكي لوران، متهمة إياه بالاحتيال والابتزاز المرتبطين بمحاولته استرداد أموال من مشروع فاشل لإعادة التشجير.
ولم ترد الأسرة المالكة ولا البلاط الملكي على الفور على طلبات للتعليق.
ضغوط بليجيكية
وتقول المؤسسة الليبية للاستثمار إن الأمير مارس "ضغوطا غير مقبولة" في محاولة للحصول على مبلغ يقرب من 70 مليون يورو (78.52 مليون دولار) يقول إن وزارة الزراعة الليبية مدينة له به.
وقالت شركة يوس كوجانس للمحاماة التي تمثل المؤسسة الليبية للاستثمار، إنها تقدمت بشكوى جنائية ضد الأمير لوران بتهمة الابتزاز والاحتيال واستغلال النفوذ على نحو مخالف للقانون.
وقال كريستوف مارتشاند الشريك المؤسس للشركة: "أبلغنا قاضي التحقيق بالوقائع التي تبين، وفقا لبلاغنا، أن الأمير لوران أساء استغلال وضعه بصفته صاحب منصب عام، مدعيا أنه يمكن أن يؤثر في الإجراءات الجنائية ضد المؤسسة الليبية للاستثمار ورئيسها التنفيذي".
وتخضع ليبيا لعقوبات دولية منذ 2011، وثروة البلاد السيادية البالغة 14 مليار يورو مجمدة في الوقت الراهن في بنك يوروكلير ومقره بروكسل.
وكانت المؤسسة الليبية للاستثمار، قالت في بيان لها، إن حكم محكمة بروكسل صدر في استئناف مقدَّم من المؤسسة ضمن الدعاوى القضائية المقدَّمة أمام القضاء البلجيكي لمواجهة محاولات ولي العهد الأمير لوران للوصول إلى أموالها لدى بنك يورو كلير المجمدة بموجب قرارات مجلس الأمن.
إجراءات "غير شرعية"
وأوضحت أن الحكم لم يقرّر أي إجراءات جديدة، وإنما رفض طلبات المؤسسة، مشيرة إلى أنّها لم تكن طرفا في العقد الموّقع سنة 2008.
وتقدمت المؤسسة الليبية بطلب إلى الحكومة البلجيكية بعدم شرعية جميع الإجراءات المتخذة ضد أصولها في بلجيكا، وأنه وفقا لاتفاقية تشجيع الاستثمار المبرمة بين ليبيا وبلجيكا ولوكسمبورغ سنة 2004، يتعيّن حل هذا النزاع بطريق التفاوض خلال 6 أشهر بين الطرفين.
وشددت المؤسسة الليبية للاستثمار على أنّها لن تدخر أي جهد في منع الأمير لوران من محاولاته "غير المشروعة" الوصول إلى أموالها المودعة لدى بنك يورو كلير؛ باعتبارها المعنية بالمحافظة على هذه الأصول لصالح الشعب الليبي"، وأنّها مستعدّة للجوء إلى التحكيم الدولي لحل هذا النزاع.
وسبق أن أثارت مليارات القذافي في بلجيكا جدلا واسعا عام 2018، بعد الكشف عن اختفاء ما يزيد عن 5 مليارات دولار من الحسابات التي كانت تخصّه في البنوك البلجيكية.
ويثير ملف أصول وأموال ليبيا في الخارج هواجس داخل البلاد من ضياع وذوبان هذه الثروات على الليبيين، ومن وجود مخططات للاستيلاء عليها في ظل عدم وجود أرقام نهائية ومعدلات واضحة حول الاستثمارات الليبية في الخارج وأماكنها، وعدم وجود تحرّك من المسؤولين لملاحقتها ومتابعتها ومراقبتها، بسبب استمرار الانقسام السياسي في البلاد.
وكانت السلطات الليبية قد شكلت مكتبا لاسترداد أموال الدولة وإدارة الأصول المستردة، بعد رصدها دعاوى قضائية أقامتها بعض الدول والأفراد للاستيلاء على تلك الأموال بحجة تعويضات لهم عن استثمارات معطلة في ليبيا بسبب ظروف البلد الأفريقي، وما يعانيه من انقسام سياسي.