خارطة الطريق تضرب "الوتر الحساس" في ليبيا.. عثرات وتشكيك وشرعية مفقودة
نجح أحدهما في عقد جلسته فيما أخفق الآخر، هكذا جاءت نتيجة جلستين لمجلسي النواب والأعلى للدولة في ليبيا، كان يعول عليهما الليبيون، في إحداث انفراجة في الأزمة السياسية.
فبينما نجح المجلس الأعلى للدولة في عقد جلسته المعلقة يوم أمس، في مقر المجلس بالعاصمة الليبية طرابلس، لمناقشة مقترح خارطة طريق المسار التنفيذي للقوانين الانتخابية.
جلسة تمكن خلالها "الأعلى للدولة" من تمرير مقترح خارطة الطريق مبدئيًا، "مع الأخذ في الاعتبار الملاحظات الواردة من الأعضاء"، بحسب بيان مقتضب صادر عن المجلس واطلعت "العين الإخبارية" على نسخة منه.
وقال "الأعلى للدولة" في بيانه، إن المجلس، عقد جلسته الثامنة والثامنين المعلقة، في مقر المجلس بطرابلس، مؤكدًا قبوله المبدئي لمقترح خارطة الطريق مع الأخذ في الاعتبار الملاحظات الواردة من أعضائه.
وحول تفاصيل جلسة "الأعلى للدولة"، قال عضو المجلس، فتح الله السريري، في تصريحات لوسائل إعلام محلية، إنه جرى فيها دعم مخرجات اللجنة الليبية المشتركة والمكلفة بصياغة القوانين الانتخابية (6+6)، والعمل على تنفيذ القوانين الصادرة عنها.
وأوضح عضو "الأعلى للدولة"، أن الجلسة نُوقشت فيها خارطة طريق السلطة التنفيذية واعتمدت بالتصويت كجزء مهم لإتمام العملية الانتخابية بإشراف حكومة مصغرة موحدة، يمكن تسميتها حكومة انتخابات باعتبار هذه مهمتها الرئيسة، متوقعًا أن يتخذ البرلمان نفس الخطوات؛ "ترسيخاً لتوافق المجلسين ومسؤوليتهما القانونية والوطنية في هذه المرحلة".
تشكيك وشرعية مفقودة
ورغم تمكن المجلس من تمرير مقترح خارطة الطريق، الذي توافق رئيسه خالد المشري عليه، مع رئيس مجلس النواب عقيلة صالح، إلا أن تلك الجلسة، ضرب شرعيتها، الكثير من الاعتراضات؛ فـ54 من أعضائه رفضوا الاعتراف بنتائج الجلسة التي أقرت خارطة الطريق مبدئيا.
وفيما علل الأعضاء الـ54 في بيانهم الذي اطلعت "العين الإخبارية" على نسخة منه رفضهم، بكون الجلسة كانت معلقة لعدم اكتمالها النصاب أساسًا، داعين رئاسة المجلس إلى تلافي الخرق الحاصل للقواعد المنظمة لعمل المجلس.
وعن تلك الاعتراضات، قالت عضو المجلس الأعلى للدولة نعيمة الحامي، إن "اعتماد المجلس خارطة الطريق هو مخالفة لكل نظم المجلس، لأنه جرى اعتمادها بعد حصولها على 34 صوتاً فقط"، على حد قولها.
وعلقت على بيان الأعلى للدولة قائلة، إن "المكتب الإعلامي للمجلس أشار إلى أنه اتفاق مبدئي؛ لأن رئيس المجلس خالد المشري على علم أن اعتماد الخارطة هو مخالفة كبيرة".
وفيما زعمت أن أعضاء المجلس لم يمنحوا الوقت الكافي لمناقشة خارطة الطريق قبل التصويت عليها، قالت إن الخارطة صوت عليها 34 عضوًا فقط، في "دليل واضح وصريح على عدم صحية الأمر"، على حد قولها.
إخفاق برلماني
على الجهة المقابلة، أخفق البرلمان الليبي على مدى يومي الإثنين والثلاثاء الماضيين، في عقد جلسته، فالمجلس حاول أول أمس الانعقاد في مقره بمدينة بنغازي شرقي ليبيا، إلا أن الجلسة جرى تعليقها وإرجاؤها إلى يوم الثلاثاء، مجلس النواب، نتيجة مشادات بين أعضائه بسبب بيان لعدد من النواب طالبوا فيه بإلغاء جلسة الـ26 من يونيو/حزيران الماضي وما نتج عنها من قرارات.
وكانت جلسة الـ26 من يونيو/حزيران الماضي، شهدت تصويت أعضاء مجلس النواب، على اختيار خالد المبروك رئيساً لهيئة الرقابة الإداري وأحمد أبريدان رئيساً لمجلس التخطيط الوطني، واختيار رئيس وأعضاء المحكمة الدستورية دون تحديد أسمائهم.
وما إن قرر المجلس عقد جلسته يوم الثلاثاء التي كانت توصف بـ"الهامة"، حتى فشل للمرة الثانية ليقرر إرجاءها حتى الـ25 من يوليو/تموز الجاري، بحسب المتحدث باسمه عبدالله بليحق، والذي قال في بيان مقتضب، إنه تقرر تأجيل جلسة مجلس النواب إلى يوم الثلاثاء بعد القادم، لمزيد من التشاور حول بنود جدول أعمال المجلس.
وعن ذلك، قال عضو مجلس النواب الليبي علي الصول في تصريحات صحفية، إنه إذا ألغيت جلسة يوم 26 يونيو/حزيران الماضي، التي ترتبت عليها عدة أمور وصفها بـ"غير القانونية"، فسيحضر الأعضاء الجلسة المقبلة.
وحول جدول أعمال الجلسة المقبلة، قال البرلماني الليبي، إنها ستناقش خارطة الطريق، -التي لدى بعض النواب ملاحظات عليها-، إلا أنه قال "لن نكون معرقلين لأننا نريد إجراء الانتخابات في أقرب وقت".
وأعرب البرلماني الليبي عن تفاؤله بأن الجلسة القادمة ستكون جيدة وستحل فيها جميع الإشكاليات، منتقدًا أعضاء "الأعلى للدولة" الذين عارضوا تصويت مجلسهم على خارطة الطريق، واصفًا إياهم بأنهم "يريدون استمرار الأزمة الليبية".
ماذا نعرف عن خارطة الطريق؟
اقترحها رئيسا مجلسي النواب عقيلة صالح والأعلى للدولة خالد المشري، وقدماها لمجلسيهما لاعتمادها وبدء تنفيذها، بهدف تسهيل الوصول إلى حكومة موحدة تشرف على إجراء الانتخابات الرئاسية والتشريعية في البلاد.
وبحسب وسائل إعلام محلية، فإن خارطة الطريق حددت مدة زمنية تصل إلى 240 يومًا (8 أشهر) لإجراء الانتخابات، يبدأ احتسابها منذ صدور القوانين الانتخابية التي اعتمدتها لجنة "6+6".
وتنص الخارطة على بدء إجراءات تشكيل الحكومة الجديدة الموحدة، فور اعتماد المجلسين للخارطة؛ إذ يفتح باب الترشح لرئاسة الحكومة الجديدة لمدة 20 يوما، بحسب تقارير محلية، أشارت إلى أن الخارطة اشترطت حصول المترشح على تزكية 15 من أعضاء مجلس النواب و15 من مجلس الدولة.
ويصوت مجلس الدولة على المترشحين ثم مجلس النواب في جلستين علنيتين، على أن يكون الفائز برئاسة الحكومة هو المتحصل على أكثر الأصوات في المجلسين، ليبدأ تشكيل حكومته خلال 20 يوما من تكليفه، بحسب منصة "فواصل" المحلية.
خارطة الطريق تطرقت إلى المجلس الرئاسي الذي يرأسه محمد المنفي والذي تنتهي ولايته، إذا لم تُجرَ الانتخابات في الموعد المحدد (يناير/كانون الثاني المقبل)، على أن يعاد تشكيله بتوافق المجلسين.
وتشترط خارطة الطريق تنفيذ مشروع مراجعة بيانات السجل المدني والأرقام الوطنية، وتشكيل لجنة عليا لحل ملف الأرقام الإدارية نهائيا، وتنفيذ مشروع التعداد السكاني، إضافة إلى تركيب البصمة البارومترية للتحقق من هوية الناخبين، قبل إجراء الانتخابات.