حالة "غليان" داخل إخوان ليبيا.. انقسام وشقاق ومصير في مهب الريح
رغم "التماسك"، إلا أن حالة غليان باتت تسيطر على إخوان ليبيا، إلى الحد الذي لم يعد جسد التنظيم قادرًا على تحملها، فلفظ حممها البركانية.
فبعد ساعات من بيان القيادي الإخواني محمد صوان الذي بارك حكومة الاستقرار بليبيا، بدأت تظهر في الأفق بوادر انقسام في تنظيم الإخوان، والتي كان خير شاهد عليها، تعذر الحصول على النصاب اللازم لعقد جلسات ما يعرف بـ"الأعلى للدولة" للمرة الرابعة على التوالي، نظرًا لمقاطعة أغلب أعضائه المجلس، بعد المواقف الأخيرة التي يتبناها.
وكان "الأعلى للدولة" عقد جلسة معلنة يوم الأحد الماضي، إلا أنه لم يستطع الحصول على النصاب الكامل لها، فأطلق عليها جلسة تشاورية، في محاولة منه لإبعاد شبح الفشل الذي بات جاثمًا على المجلس الذي يرأسه الإخواني خالد المشري.
مطالب الأغلبية
وفي محاولة من بعض أعضاء "الأعلى للدولة" الرافضين لخطى رئيس المجلس "المتعنتة"، لإعادة "التوافق" الليبي الليبي، أصدروا بيانًا دعوا فيه رئاسة المجلس إلى تحمل المسؤولية الوطنية بالالتفات لمطالبات الأغلبية التي تقاطع الجلسات.
ومن بين مطالب "المقاطعين"، الحفاظ على ما تم إنجازه من توافقات مع مجلس النواب والمتمثل في تعديل الإعلان الدستوري وتشكيل الحكومة الليبية، بحسب البيان الذي اطلعت "العين الإخبارية" على نسخة منه.
كما طالبوا بسرعة التعاطي مع الميزانية المحالة من الحكومة وفقا لحدود الصلاحيات الممنوحة لما يعرف بـ"الأعلى للدولة" المنصوص عليها في الاتفاق السياسي الليبي الموقع في الصخيرات في ديسمبر/كانون الأول 2015.
سياقات قانونية
وفيما ثمنوا ما وصفوه بـ"سرعة" تعاطي مجلس النواب مع الميزانية التي قدمتها الحكومة الليبية وحرصه على إنجاز هذا الاستحقاق في أقرب الآجال ووفق السياقات القانونية السليمة، أشادوا بالبيان المغربي المصري الصادر قبل أيام، والذي أكدوا أنه "يعكس فهما دقيقا" للمسألة الليبية ويعبر عن مساع صادقة لمساعدة الليبيين في تجاوز أزمتهم الحالية والانطلاق نحو مرحلة من السلام والاستقرار الدائمين.
وحول موقف بعض أعضاء "الأعلى للدولة" المؤيد للاصطفاف الوطني، قال المحلل السياسي الليبي أيوب الأوجلي، في تصريحات لـ"العين الإخبارية"، إن ما يحدث داخل المجلس الذي يسيطر عليه تنظيم الإخوان، بات واضحًا للعيان.
إفساد التوافقات
وأوضح المحلل الليبي، أن "الانقسامات" بدأت تدب في المجلس، منذ اتفاق الأخير مع البرلمان، والذي تراجع عنه فيما بعد، إثر ظهور عبد الرحمن السويحلي الرئيس السابق للأعلى للدولة وكتلته التي تسعى لـ"إفساد" كافة التوافقات.
وأشار إلى أن هذا البيان ينبئ ببداية صراع حقيقية داخل أروقة المجلس الذي يعاني من ضغوط بعض المليشيات، فضلا عن تمسك بعض أعضائه بخيار إفساد العملية السياسية، والاستمرار في دوامة الانقسام ودعم الحكومة المنتهية ولايتها.
وحول مدى تأثير البيان على مشاورات القاهرة المرتقب عقدها في 15 مايو/أيار الجاري، قال المحلل الليبي، إنه لن يكون له تأثير؛ فمباحثات القاهرة ما هي إلا محادثات "إجبارية" من الأمم المتحدة لضمان عدم انفلات الأمور، مشيرًا إلى أنه حال التوصل لاتفاق ليبي - ليبي دون التدخل الأممي ستجد البعثة الأممية والدول الراعية للملف الليبي أنها باتت خارج اللعبة السياسية.
صلاحيات محدودة
أما عن إشارة بيان بعض أعضاء "الأعلى للدولة" لضرورة تعاطي المجلس مع الميزانية، قال المحلل الليبي إن التعاطي وفق الصلاحيات وليس التعاطي الكامل معها؛ فمجلس النواب تعامل بالفعل مع الميزانية وهو في طريقه لاعتمادها، فيما يجوز للمجلس الاستشاري (الأعلى للدولة) التشاور مع مجلس النواب بشأنها، إلا أن قراره سيكون غير ملزم.
وكان القيادي الإخواني محمد صوان، الذي أسس قبل أشهر حزبًا جديدًا في محاولة للالتفاف على الليبيين وللفرار من "مقصلة" متوقعة قد تقصي تنظيم الإخوان من الحياة السياسية في ليبيا، رحب قبل أيام ببيان مصر والمغرب، مؤكدًا دعمه للتوافق الليبي_الليبي واحترام سيادة القرار الوطني الليبي، بما في ذلك الإجراءات المتخذة من قبل البرلمان.
خطوة أولى
ودعا القيادي الإخواني، باقي الدول المهتمة بالملف الليبي إلى دعم هذا التوافق وما نتج عنه كخطوة أولى أساسية لإنهاء الانقسام الحاصل في ظل حكومة موحدة تجمع غرب وشرق وجنوب ليبيا.
وأشاد بجهود الحكومة الليبية ورئيسها فتحي باشاغا ورئيس مجلس النواب في مساعيهم الناجحة لإعادة فتح الموانئ النفطية مصدر الدخل الوحيد للبلاد.