تغيير رئاسة "الأعلى للدولة".. هل تقف ليبيا على حافة التصعيد؟
في تطور جديد، انتخب المجلس الأعلى للدولة في ليبيا، محمد تكالة، رئيسا جديدا، خلفا لخالد المشري الذي تولى المنصب لمدة 5 أعوام متتالية.
وفي الانتخابات التي جرت اليوم الأحد حصل المشري على 49 صوتا، في الجولة الأولى، فيما حصل منافسه تكالة على 39 صوتا، من أصل 129 صوتا، لكن الأوزان انقلبت في الجولة الثانية، وحصل الأخير على 67 صوتا مقابل 62 للرئيس السابق.
ويجري انتخاب مكتب رئاسة مجلس الدولة مرة كل عام، ويتكون المكتب من نائب أول يمثل جنوب البلاد، ونائب ثان يمثل الشرق، فيما يكون الرئيس ومقرّر المجلس من الغرب، وفق اللائحة الداخلية.
والمجلس الأعلى للدولة، مقره طرابلس، ولديه رأي في الأمور السياسية الكبرى بموجب بنود الاتفاق السياسي لعام 2015، رغم طبيعته الاستشارية.
أساس التغيير
ويرى الدكتور يوسف الفارسي، أستاذ العلوم السياسية الليبي، أن تنحية المشري من الرئاسة، جاءت نتيجة خلفيات حدثت في الفترة الأخيرة، منها اهتمامه بملف المصالحة وتهديده مستقبل جماعة الإخوان الإرهابية، وكذلك محاولة الاتفاق مع مجلس النواب لتشكيل حكومة موحدة.
أستاذ العلوم السياسية الليبي قال أيضا في تصريح لـ"العين الإخبارية"، إن رئيس الحكومة المقالة، عبدالحميد الدببية وتنظيم الإخوان يرون أن المشري يمثل خطرا كبيرا في الوقت الحالي، ويجب تنحيته، لذلك ساندوا محمد تكالة.
وتابع أنه "بعد الانتخابات، كان الدبيبة أول المهنئين لتكالة واصفا رئيس المجلس الأعلى الجديد برجل المرحلة".
وأبدى الفارسي مخاوفه من أن يؤدي انتخاب تكالة، إلى "عدم الوصول إلى الاستحقاق الانتخابي في ظل علاقة الرئيس الجديد بتنظيم الإخوان".
أمر متوقع
حديث الفارسي وجد صدى لدى المحلل الليبي أيوب الأوجلي، الذي قال لـ"العين الإخبارية"، إن ما حدث في انتخابات مجلس الدولة "كان أمرا متوقعا، خاصة مع تزايد الخلاف بين رئيسه السابق خالد المشري ورئيس حكومة الوحدة الوطنية منتهية الولاية عبد الحميد الدبيبة".
وحول نقطة بداية الخلاف، أشار الأوجلي إلى اتفاق المشري ومجلس النواب على تشكيل حكومة وحدة للإشراف على الانتخابات، وذلك الأمر دفع الدبيبة وأنصاره إلى الضغط على المشري ثم تنحيته من منصبه.
وعن الرئيس الجديد لمجلس الدولة، يرى المحلل الليبي أنه "سيواجه عقبات كثيرة خاصة مع غموض توجهاته وطريقة تعامله مع الأزمة، فيما توجد تصريحات سابقة لأعضاء الأعلى للدولة تفيد بأن اتفاق المجلسين لا علاقة له بمن يتولى رئاسة المجلسين إنما مواقف الأعضاء".
سيناريوهان
وأكد الأوجلي أن تكالة "يواجه مهمة خطيرة وصعبة وسيناريوهين أولهما استكمال التوافقات مع مجلس النواب، رغم أني أستبعد ذلك بسبب دعم الرئيس الجديد للأعلى للدولة، للدبيبة".
أما السيناريو الثاني، وفق المحلل الليبي، فيتمثل في "نسف كافة التوافقات السابقة مع مجلس النواب وهو ما يهدد العملية السياسية في البلاد برمتها".
بدوره، قال المحلل والكاتب الصحفي الليبي حسين مفتاح، إنه "على مدار خمس سنوات يفوز المشري في الانتخابات، إلا أن هذا العام دخل أمامه محمد تكالة المدعوم من الدبيبة والمقرب أيضا من رئيس حزب العدالة والبناء الإخواني عماد البناني، بهدف الإطاحة به".
وأشار إلى أن خروج المشري في هذا التوقيت تحديدا يؤكد أن تحالفا غير معلن أقيم بين الدبيبة وعماد البناني وتكالة قبل جلسة الانتخاب، لافتا إلى أن مواجهة التقارب بين المشري وعقيلة صالح رئيس مجلس النواب واتفاقهما على تفعيل خارطة الطريق التي تضمن تغيير السلطة التنفيذية بالبلاد وإخراج رئيس حكومة الوحدة من المشهد، كان أساس هذا التحالف.
تعطيل المسار
المحلل والكاتب الصحفي الليبي توقع أن التغير في رئاسة الأعلى للدولة "سيعطل العملية السياسية" وما تم التوافق عليه بين المجلسين سوف ينتهي على الأرجح.
وأكد أن التغيير "سوف يؤدي أيضا، إلى ضياع كافة الجهود السابقة رغم أنها كانت غير كافية لإجراء الانتخابات، ولكنها جاءت بعد توافق معقول".
ورأى مفتاح أن الرئيس الجديد للمجلس الأعلى للدولة "لن يبدأ من نقطة انتهاء سلفه، لذلك ستشهد العملية السياسية حالة تراجع وتكون النتيجة استمرار الانقسام والتشظي في البلاد"، مضيفا أن "ما تم الوصول إليه من توافقات انتهى في غياب المشري".
وكانت لجنة من البرلمان والمجلس الأعلى للدولة قد توافقت على أسس دستورية لإجراء الانتخابات النيابية والرئاسية في خطوة رفعت آمال الليبيين في تجاوز حالة الانسداد السياسي التي تعيشها البلاد منذ عقد.