انتخابات بلديات ليبيا والإخوان.. هل ألجم الوعي الشعبي أصوات التنظيم؟
مع كل خطوة على طريق ليبيا نحو الانتخابات البرلمانية والرئاسية التي أرجأتها «القوة القاهرة»، يطل تنظيم الإخوان برأسه، تارة لتعطيل القطار الليبي عن المُضي إلى محطته المنشودة، وأخرى للحصول على مكاسب سياسية واقتصادية.
إلا أن مساعيه لاقتحام ملف الانتخابات البلدية التي نظمتها ليبيا مؤخرًا، ألجمها الوعي الشعبي، والخبرة التي اكتسبها الليبيون جراء ممارسات التنظيم على مدى السنوات المنصرمة، إضافة إلى التحذير المبكر الذي أطلقته المفوضية الوطنية العليا للانتخابات.
- نجاح الانتخابات البلدية يحيى أمل تنظيم استحقاقات مؤجلة في ليبيا
- انتخابات بعد «عقد».. ليبيا تفتح صناديقها وعينها على الإخوان والمليشيات
وكانت مفوضية الانتخابات، أماطت اللثام في بيان صادر عنها في سبتمبر/أيلول الماضي، عن حيل التنظيم الذي سمته بـ«أطراف نافذة»، مُمثلة في: «التحكم بتشكيل القوائم بالاحتيال والتزوير، وفي اختيار المرشحين، وفرض أمر واقع يناسب مصالحها، لا مصالح الليبيين».
وبنسبة مشاركة «بلغت 74%»، نظمت ليبيا يوم السبت، انتخابات في 58 مجلسًا بلديًا، لم تشهد «تسجيل أي خرق أمني»، بحسب سالم بن تاهية المستشار في المفوضية العليا للانتخابات، الذي أشار إلى أن الاستحقاق الذي تنافس 2331 مرشحا للحصول على 426 مقعدا فيه، منها 68 مخصصة للنساء و58 لذوي الإعاقة، شارك 24 ألف رجل أمن في تأمينه.
فأين إخوان ليبيا من انتخابات البلديات؟
ويقول مراقبون، إن «الإخوان» الذي «يعاني الانحسار» في ليبيا، جراء «النفور الشعبي» من ممارساته على مدى السنوات الماضية، «خفت» تأثيره في الانتخابات البلدية، لأسباب عدة.
من بين تلك الأسباب: عدم وجود حزب ممثل للتنظيم في ذلك الاستحقاق الديمقراطي، ولاعتماد ذلك الاستحقاق على الولاءات القبلية والعشائرية المحلية، التي تعد أقوى من التنظيمات الحزبية، إضافة إلى «الغضب الشعبي» من أي دور مستقبلي للإخوان، بحسب المراقبين.
أسباب جعلت صوت الإخوان «خافتًا» في الانتخابات البلدية الأخيرة، سواء في الدعاية التي سبقت الاستحقاق الديمقراطي، أو في العملية الانتخابية التي أجريت في أكثر من 350 مركز اقتراع في جميع أنحاء ليبيا بما فيها شرق البلاد، للمرة الأولى منذ عقد.
الإخوان.. الخاسر الأكبر
عن تلك الأسباب يقول المحلل السياسي الليبي كامل المرعاش في تصريحات لـ«العين الإخبارية»، إن إخوان ليبيا، الخاسر الأكبر في الاستحقاق الانتخابي الأخير خاصة وفي أي انتخابات مستقبلية بشكل عام؛ كونه «يعاني من انقسامات عميقة وتنافس شرس بين قياداته، مما جعله التنظيم الأكثر كرها بين الليبيين بعد تجربته في السلطة، ومسؤوليته المباشرة عما وصلت إليه البلاد من انقسامات وتشظٍ».
وأوضح المحلل الليبي، أن من بين الأسباب -كذلك- التي جعلت انتخابات البلديات بعيدة عن رادار الإخوان، أن التجربة الحزبية في ليبيا لم تكن على المستوى المأمول من النجاح، مما جعل التنافس الحزبي يغيب عن «الاستحقاق» وبالتالي خفوت أي دور للتنظيم.
وأشار إلى أن انتخابات البلديات، تعتمد على الولاءات القبلية والعشائرية المحلية، والتي تعد «أقوى» من التنظيمات الحزبية، وعادة ما يجري نوع من التقاسم فيها بين المكونات العشائرية الداخلية.
ومن بين الأسباب -كذلك- التي أزاحت الإخوان عن أي منافسة، التحذيرات التي أطلقتها مفوضية الانتخابات في سبتمبر/أيلول الماضي، والتي كانت تقصد بها «الإخوان»، ممثلا في بعض المليشيات المتطرفة التي تحظى برعايته ودعمه»، بحسب المرعاش.
الأمر نفسه، أشار إليه الحقوقي الليبي جمال عامر، قائلا في تصريحات لـ«العين الإخبارية»، إنه رغم الاهتمام الإخواني بذلك الاستحقاق، فإن الوجوه التابعة للتنظيم «معروفة لدى الليبيين»، مما عقد مشاركتهم في تلك الانتخابات، قياسًا على فشلهم في الاستحقاق الأخير الذي فشلوا في الحصول فيه على مقاعد مؤثرة، في إشارة إلى الانتخابات البلدية السابقة.
وأوضح عامر، أن المجتمع الليبي «يرفض ويمقت الإخوان، لكنّ سيطرتهم على مفاصل الدولة خاصة في الغرب الليبي وعلى الأذرع المسلحة التي تتبعهم تحميهم من الغضب الشعبي».
انشغال بأزمة الأعلى للدولة؟
وحول إمكانية انشغال الإخوان بالصراع على رئاسة المجلس الأعلى للدولة الحائرة بين محمد تكالة وخالد المشري، قال المرعاش، إن أزمة المجلس الأعلى للدولة «تمثل قمة فشل الإخوان، وتظهر حقيقته السلطوية، مما يزيد من فقدان التنظيم أي فرص له في أي انتخابات مستقبلية».
ويعاني تنظيم الإخوان في ليبيا حالة من التشظي والانقسام، أججتها الخلافات على رئاسة المجلس الأعلى للدولة الليبي، بين خالد المشري ومحمد تكالة، والتي فاز فيها الأول، إلا أن الأخير تمكن -استناداً لأحكام قضائية- من إعادة الانتخابات على رأس المجلس، التي نتج عنها فوزه بها، وسط اعتراضات وتشكيك في صحة النصاب القانوني لعقد الجلسة.
فهل لم يكن للإخوان أي ظهور في انتخابات البلديات؟
يقول الحقوقي الليبي جمال عامر، إن مشاركة الإخوان في الانتخابات البلدية اقتصرت على المشاركة الفردية، من قبل عناصر لا ينتمون ظاهريًا للتنظيم.
وأوضح الحقوقي الليبي، أن تلك العناصر غير معروف ولاؤها لتنظيم الإخوان، إلا أن أمرهم ينكشف فيما بعد، حال وصولهم إلى هدف الفوز بمقعد في انتخابات البلدية، في استراتيجية ينتهجها الإخوان في أي استحقاق ديمقراطي في البلد الأفريقي.
وكانت مصراتة تلك المدينة الواقعة في غرب ليبيا، تحت المجهر، كونها إحدى المدن التي تمثل أهمية كبيرة للتنظيم الإخوان، إلا أن التعبئة وصفت بـ«الضعيفة»، بحسب المحلل السياسي الليبي جمال الفلاح.
وأوضح الفلاح، في حديث لـ«العين الإخبارية»، أنه لم يكن هناك وجود لتيار الإسلام السياسي في الانتخابات الحالية أو في الدعاية التي سبقتها، مشيرًا إلى أن بعض المحسوبين على التنظيم لم يدخلوا الاقتراع، خوفًا من المقصلة الشعبية ورفض الشارع لهم.
وأشار إلى أن «إخفاق» الإخوان في إدارة العملية السياسية على مدى السنوات الماضية وخاصة في انتخابات 2012، والمجالس البلدية، «جعلهم محل رفض من قبل الليبيين؛ نظرًا لتأثيرهم الكبير في ترسيخ حالة الفوضى في البلد الأفريقي».
aXA6IDMuMTQ0LjguMTUzIA== جزيرة ام اند امز