دعم دولي واسع.. هل يعيد ترتيب المشهد الليبي ويوحد المؤسسات؟
دعم دولي واسع يعيد ترتيب الأوراق المبعثرة في ليبيا، ويضع البلد الأفريقي، على طريق عملية سياسية، نحو توحيد الحوكمة وتنظيم الانتخابات، التي عرقلتها «القوة القاهرة».
آخر مظاهر ذلك الدعم الدولي، ما أصدرته عشر دول: بينها دولة الإمارات والولايات المتحدة، مصر، فرنسا، السعودية – في بيان مشترك، والذي:
- يؤكد الالتزام بدعم سعي الشعب الليبي نحو الوحدة والاستقرار والازدهار
- يرحب بتمديد ولاية بعثة الأمم المتحدة وخارطة الطريق التي وضعتها المبعوثة الأممية هانا تيته
- يدعو الأطراف الليبية إلى استخدامها لدفع العملية السياسية نحو توحيد الحوكمة وتنظيم الانتخابات.
- دعم التنسيق العسكري بين الشرق والغرب
- الترحيب بالجهود الليبية الرامية إلى دمج القوات الأمنية
- دعوة القادة الليبيين إلى «مأسسة» هذا التنسيق باعتباره خطوة أساسية لتعزيز السيادة والأمن على المدى الطويل.
- تعزيز المؤسسات الحيوية وعلى رأسها المؤسسة الوطنية للنفط ومصرف ليبيا المركزي وديوان المحاسبة.
البيان، الذي شمل رسائل عدة، أثار تفاعلًا واسعًا داخل الأوساط الليبية، باعتباره دعما دوليا لإعادة بناء الدولة، إلا أن البعض طالب باستغلال هذا الزخم لإنجاز حلول جديدة وجدية وجزرية للأزمة.
تقليص هامش المناورة
الكاتب الصحفي والمحلل السياسي الليبي سالم سويري وصف البيان بأنه «التزام دولي واسع وموحد من عشر قوى رئيسية»، معتبرًا إياه بمثابة «ضغط على الأطراف الليبية المتنافسة ويحد من مساحة المناورة السياسية».
وفي حديث لـ«العين الإخبارية»، قال المحلل السياسي الليبي، إن التركيز على توحيد المؤسستين العسكرية والاقتصادية يعكس إدراكًا دوليًّا بأن تحقيق السيادة والازدهار لن يتم إلا عبر هاتين الجبهتين، مشيرًا إلى أن الإشادة بخطوات مثل تعيين رئيس المؤسسة الوطنية للنفط واتفاق البرنامج التنموي الموحد تؤكد رغبة المجتمع الدولي في الدفع نحو مسار اقتصادي مستدام يضمن عدالة التوزيع.
وأضاف أن الرسالة الجوهرية للبيان هي أن الوحدة الاقتصادية والأمنية تُعد شرطًا مسبقًا لنجاح العملية السياسية وللوصول إلى انتخابات حقيقية».
إعادة تدوير
في المقابل، اعتبر المحلل السياسي عمر بوسعيدة أن البيان رغم ما يضفيه من زخم على العملية السياسية إلا أنه لا يحمل جديدًا على مستوى الفعل، واصفًا ما جاء فيه بأنه «دعم نظري مكرر لخارطة البعثة الأممية، دون أدوات ضغط حقيقية على الأجسام السياسية».
ودعا بوسعيدة في حديث لـ«العين الإخبارية»، إلى استغلال الزخم لإيجاد حلول حقيقية وجدية وجديدة للأزمة، وعدم الاكتفاء بمحاولات إعادة تدوير وصفات دولية فشلت لسنوات، مضيفًا أن أي خارطة طريق تُصاغ خارج إرادة الليبيين لن تكون قادرة على إنتاج استقرار أو انتخابات أو سيادة.
وشدد على ضرورة الحفاظ على الملكية الليبية للحل، وأن أي دعم يجب أن يكون في هذا الإطار، مشيرا إلى أن الليبيين جرّبوا سابقًا تدخلات دولية سلبية عديدة، إلا أن الحل الحقيقي يبدأ من توافق ليبي–ليبي، لا من بيانات جاهزة تأتي من عواصم بعيدة.
الخطة الأممية
ورغم إعلان البعثة الأممية، في 12 أغسطس/آب الماضي، عن خطة لتوحيد السلطة التنفيذية والتمهيد لإجراء الانتخابات، فإن التقدّم على الأرض ما يزال محدودًا، وسط خلافات عميقة بين الأجسام السياسية ومؤسسات الدولة المنقسمة بين الشرق والغرب.
ويرى مراقبون أن مسارات المصالحة والعملية السياسية لا تزال بحاجة إلى توافق داخلي أوسع، وأن أي دعم خارجي، مهما كان حجمه، لن يحقق نتائج ملموسة ما لم يُترجم إلى خطوات ليبية واضحة على الأرض.