لماذا طالت الأزمة الليبية؟.. خبراء يجيبون "العين الإخبارية"
أهداف سياسية واقتصادية وراء إطالة أمد الأزمة
خبراء ليبيون يؤكدون أن استمرار دعم المليشيات وعدم مساندة الجيش الوطني يطيلان عمر الأزمة في ليبيا
اتفق خبراء ليبيون على أن استمرار دعم وتقوية المليشيات والتنظيمات الإرهابية المتحالفة مع حكومة فايز السراج من جانب بعض الدول خاصة تركيا وقطر كان لهدف إطالة أمد الأزمة في ليبيا.
وأكد خبراء في تصريحات لـ"العين الإخبارية" أن تركيا وقطر أكبر الداعمين للمليشيات الإرهابية وأكبر المستفيدين من الوضع الراهن في ليبيا سياسيا واقتصاديا.
مليشيات أطالت أمد الأزمة
ويرى أستاذ التاريخ السياسي الليبي مختار الجدال، عضو المجلس الانتقالي السابق، أن الدعم المالي واللوجيستي للمليشيات ضد الجيش الوطني الليبي هو السبب الرئيسي لإطالة الأزمة الليبية.
وأكد الجدال في تصريحات لـ"العين الإخبارية" أن الهدف من وراء ذلك هو تمكين تيار الإسلام السياسي المتمثل في جماعة الإخوان الإرهابية والجماعات السلفية المتطرفة في ليبيا.
وأوضح أنه هناك قيادات محسوبة على تنظيمات إرهابية مسيطرة على مفاصل الدولة الليبية حتى الآن؛ ما يعيق من الأساس فكرة قطع التمويل عن هذه الجماعات.
وأشار إلى أن هناك مؤسسات مهمة مثل البنك المركزي ومؤسسة النفط ووزارة الخارجية وسفاراتها وبعثاتها الدبلوماسية إلى جانب بعض الوزارات الأخرى على رأسها عناصر تنتمي لفصائل متطرفة.
الجدال أعرب في حديثه لـ"العين الإخبارية" عن استيائه من الموقف الدولي تجاه الأزمة الليبية وإصراره على الاعتراف بحكومة (حكومة الوفاق برئاسة فايز السراج) أثبتت تعاونها مع الإرهاب.
وأكد أن هذا الاعتراف يمنحها مزيدا من الفرص الضامنة لاستمرار وجودها كطرف فاعل في المشهد الليبي بعد أن كانت انتهت شرعيا وشعبيا بعد الكوارث التي ارتكبتها.
مخطط يستهدف مقدرات ليبيا
أستاذ القانون الدولي محمد الزبيدي تحدث هو الآخر لـ"العين الإخبارية" في هذا الصدد، مؤكدا أن الإرهاب لا يزال يفرض نفسه بقوة السلاح والمال والغطاء السياسي، مشيرا إلى ما حدث في عملية فجر ليبيا عام 2014.
وقال الزبيدي إن انطلاق فجر ليبيا وقتها لم يكن انتقاما لخسارة الإرهابيين في الانتخابات البرلمانية كما يروج بل كان إعلانا عن اكتمال وجود الكيانات المتطرفة والإرهابية بالمشهد الليبي.
وأوضح الزبيدي أن تجميع هذه المليشيات في هذا الوقت جاء لتأدية دور تخريبي على المستوى المحلي والإقليمي وحين أتت الرغبة الشعبية على عكس توقعاتها خرجت للاستيلاء على كل المقدرات السياسية والاقتصادية في طرابلس.
وأكد أستاذ القانون الدولي أن هذه المليشيات كانت جاهزة بمخطط للاستيلاء على المؤسسات ومصافي النفط لضمان تدفق الأموال لها التي تضمن بقاءها.
وأشار إلى أن هناك قوى دولية استغلت هذه المليشيات لضرب استقرار دول مجاورة وتهديد الأمن القومي العربي والأفريقي.
تركيا وقطر ذراعا الإرهاب
وكان مصدر أمني في طرابلس كشف لـ"العين الإخبارية" أن مجموعات من الدواعش وتنظيم "أنصار الشريعة" وصلت إلى مطار مصراتة قادمين من تركيا على مراحل عدة خلال الشهر الماضي للمساعدة في القتال ضد الجيش الوطني، إضافة إلى 70 عنصرا داعشيا تم تهريبهم من سجن معيتيقة للغرض نفسه.
وقال اللواء أحمد المسماري المتحدث باسم الجيش الوطني الليبي: "إن الدعم القطري والتركي للمليشيات مستمر ويتخذ أشكالا عديدة"، مشيرا إلى أن الدولتين تريدان التمكن من تنفيذ مشاريعهم الإرهابية في ليبيا.
وأوضح أن الدور القطري الخبيث في ليبيا جاء مبكرا منذ عام 2011 عن طريق دعم المليشيات الإرهابية بالمال والسلاح وإيواء بعض المطلوبين إلى جانب الدور التركي الذي يهدف إلى إعادة النفوذ العثماني إلى ليبيا.
وحذر المبعوث الأممي إلى ليبيا غسان سلامة من أن دخول آلاف المرتزقة إلى ليبيا خلال الفترة الأخيرة يعقد الأزمة السياسية في الدولة الواقعة شمال أفريقيا.
وقال: "إن ذلك يمكن أن يؤدي إلى التصعيد"، في إشارة إلى مسلحين يدعمون مليشيات طرابلس في مواجهة الجيش الوطني.
ويرى محللون أن هذه الوقائع تأتي مؤكدة استمرارية المواجهات في ليبيا لفترة أطول مما هو متوقع بفعل استمرار تقوية ودعم المليشيات.
وأكد المحللون أن ترك الجيش الوطني الليبي وحيدا يحارب التنظيمات الإرهابية يهدد أمن المنطقة بالكامل، وهو ما أشار له المتحدث باسم الجيش الليبي أكثر من مرة.
في حين أكد بعض المراقبين أن أسبابا اقتصادية تقف خلف استمرار الصراع رغبة من بعض اللاعبين الدوليين في ضمان حالة فوضى لفترة أكبر طمعا في مكاسب اقتصادية.
بينما يحيل البعض الأمر إلى رغبة بعض الأطراف الدولية في عدم حسم الأمر قبل القضاء على قوى جديدة وخطيرة نشأت في ظل الفوضى التي تضرب ليبيا منذ 2011.
وفي هذا السياق، قال مصدر ليبي مقرب من الإدارة الأمريكية (تحفظ على ذكر اسمه) إن الصراع في ليبيا سيطول في ظل هذا الدعم المستمر للميليشيات.
وأوضح المصدر في حديث لـ"العين الإخبارية" أن قوى إقليمية تسعى لإطالة أمد الأزمة لتحقيق مصالح عسكرية واقتصادية، مدللا على ذلك بسفن تهريب السلاح التي يتم توقيفها بين الحين والآخر وهي تحمل أسلحة موجهة للإرهابيين، في إشارة إلى سفن تهريب الأسلحة التركية.
وتشهد ليبيا منذ عام 2011 محاولات التنظيمات الإرهابية المدعومة من قطر وتركيا بسط نفوذها على الدولة الليبية، بينما فوض الشعب الليبي ممثلا في البرلمان المنتخب الجيش الوطني الليبي في عام 2014 لتخليص ليبيا من سيطرة التنظيمات الإرهابية الدولية عليها فيما عرف إعلاميا بـ"عملية الكرامة".
وتمكنت عملية الكرامة التي قادها الجيش الوطني الليبي، من تحرير شرق وجنوب وليبيا من التنظيمات الإرهابية وتجددت في 4 أبريل/نيسان تحت اسم عملية "طوفان الكرامة" لتحرير طرابلس من قبضة المليشيات الإرهابية التي تحصنت فيها بعد هزيمتها في الشرق والجنوب.