توعد بـ«صك النار».. مفتي إخوان ليبيا يهاجم المصالحة ويشرعن الانقسام
في لحظة تسعى الأطراف الليبية فيها إلى العودة لطاولة الحوار، يطل الصادق الغرياني مفتي إخوان ليبيا، بخطاب يعيد لغة التحريض إلى الواجهة ويضاعف منسوب التوتر السياسي والمجتمعي.
فبدلًا من دعم مساعي التهدئة، صب الغرياني جام هجومه على كل مبادرة للتقارب، مستهدفًا دعوات الحوار، ومهاجمًا بشراسة أي لقاء مع المشير خليفة حفتر، في رسائل دينية مؤدلجة تُعيد إنتاج خطاب التخوين وتُغلق مساحات النقاش الوطني قبل أن تُفتح.
ويرى مراقبون أن هذا التصعيد ليس مجرد موقف سياسي، بل امتدادٌ لمسار طويل من الخطابات التي رعت الفوضى ورسّخت الانقسام، منذ أن فقد الغرياني موقعه الرسمي واختار التمسك بدور «الإفتاء» خارج الشرعية.
فإطلاقه التهديدات الدينية، والتحريض على المقاطعة، ووصف مساعي المصالحة بأنها «ركون إلى الظالمين»، يُنظر إليها كجزء من استراتيجية لإفشال أي جهد لعودة الدولة إلى مسار مستقر، في وقت تحتاج فيه ليبيا إلى لغة تبني الجسور لا هدمها.
فماذا قال؟
واصل مفتي إخوان ليبيا الصادق الغرياني، عبر دار الإفتاء التي يترأسها، إطلاق فتاوى رافضة لأي مسار للحوار أو التقارب الوطني، متوعدًا بشدة كل من يلتقي القائد العام للجيش الليبي المشير خليفة حفتر. واعتبر هذه اللقاءات بأنها «ممالأة للظالمين تستوجب المقاطعة».
وأصدرت دار الإفتاء التي يقودها الغرياني بحثا مطولًا لما يعرف بـ"مجلس البحوث والدراسات الشرعية" هاجمت فيه بشدة ما وصفته بـ"هرولة بعض الليبيين نحو حفتر"، معتبرة أن هذه اللقاءات "صفقات مشبوهة". وأكدت أن المشاركين فيها "لا يمثلون مدنهم" بل يمثلون أنفسهم.
واعتبر البيان أن ما يجري ليست مساعي للصلح، بل «ركون إلى الظالمين يستوجب النار»، وتوعّد من وصفهم بـ"المتعاونين مع حفتر" بعواقب اجتماعية ودينية.
وفي خطاب يعكس تمسك الغرياني بخيار القطيعة ورفض الحوار، امتد الهجوم ليشمل أي حديث عن مصالحة وطنية أو تسويات سياسية، مجددا التحذير من أن استمرار اللقاءات مع الجيش الوطني «تمهد لسيطرة حفتر على المنطقة الغربية».
يأتي هذا التصعيد في وقت تسعى فيه أطراف محلية وإقليمية ودولية إلى إعادة فتح مسارات التواصل بين الفرقاء الليبيين تمهيدًا لإحياء العملية السياسية وإجراء الانتخابات.
لكن خطابات الغرياني ودار الإفتاء تواصل تبني نهج التصعيد ورفض أي خطوة يمكن أن تضع البلاد على طريق الاستقرار، وفق مراقبين.
فتاوى الفوضى والانقسام
ومنذ عام 2014، ارتبط اسم الصادق الغرياني بدعوات التحريض والفوضى، خصوصًا بعد عزله من منصبه كمفتٍ للديار الليبية بقرار من مجلس النواب في نوفمبر/تشرين الثاني من العام نفسه.
ورغم قرار العزل، واصل الغرياني استخدام موقعه السابق لإصدار فتاوى تُشرعن العنف، لا سيما ضد المؤسسة العسكرية الليبية، وتدعم الانقسام، ما جعله في نظر الكثيرين أحد أبرز المحرضين على الاقتتال الداخلي.
ويُعرف الغرياني في الأوساط الليبية بلقب "مفتي الخراب"، نظرًا لسجله الطويل في إطلاق الفتاوى التي أجّجت النزاعات بين الليبيين، أبرزها تحريضه المباشر للمليشيات المسلحة على النزول إلى الشوارع ومنع الانتخابات، في محاولة مكشوفة لإفشال أي مسار ديمقراطي سلمي في البلاد.
ورغم إبعاده رسميًا عن الإفتاء، لا يزال الغرياني يترأس ما يُعرف بـ"دار الإفتاء" في طرابلس، مستندًا إلى دعم مليشيات إرهابية توفر له الحماية مقابل غطاء ديني يبرر تجاوزاتها وتحركاتها المسلحة ضد مؤسسات الدولة الشرعية.
aXA6IDIxNi43My4yMTYuMjE4IA== جزيرة ام اند امز