العدوان التركي على سوريا.. تحذيرات من تدفق الدواعش تجاه ليبيا
خبراء يحذرون من تدفق عناصر تنظيم داعش الإرهابي إلى ليبيا بعد تحريرهم من سجون الأكراد بعد العدوان التركي على سوريا
فور تحليق طائرات العدوان التركي فوق الأراضي السورية، وقبل أن تدمر قذائفها البربرية حياة أطفال ونساء أكراد سوريا، كانت المخاوف تتفاقم في ليبيا كذلك، فما ترتكبه الآلة العسكرية التركية من مجازر بحق أكراد "رأس العين" والقامشلي وغيرهما، ذاقه الليبيون مرارا من ذات الأيادي الأردوغانية العابثة.
بيد أن المخاوف هذه المرة تتعدى الأضرار المباشرة إلى خطر يهدد أمن المنطقة بأكملها، عنوانه "دور أنقرة في تخريب الوضع الليبي" الذي يتهيأ لمرحلة جديدة من المفترض أن تبدأ بمؤتمر برلين المزمع انعقاده أواخر أكتوبر/تشرين الأول الجاري.
وما بين مصراتة والقامشلي تتوحد أجندة الإرهاب التركي والمشروع التوسعي لأردوغان الذي يقوم على تفريخ الأزمات الواحدة تلو الأخرى.
وهو الأمر الذي نبه إليه اللواء أحمد المسماري، الناطق الرسمي باسم الجيش الوطني الليبي، محذراً من أن يؤدي عدوان أنقرة الأخير على سوريا إلى تدفق عناصر تنظيم داعش الإرهابي إلى الأراضي الليبية.
وقال المسماري، في مؤتمر صحفي مساء الأربعاء، إن عدد هذه العناصر يقدر بالآلاف وأن أردوغان الذي بدأت قواته بقصف سجونهم سيبحث لهم عن ملاذ آمن لدى حلفائه في ليبيا عبر مصراتة وطرابلس وزوارة بما يشكل تهديدا كبيرا لأمن المنطقة بالكامل.
ويرى محللون، استطلعت "العين الإخبارية" آراءهم، أن مجريات الأمور على الواقع الليبي والمتمثلة في الهزائم المتكررة للمليشيات المدعومة من أردوغان والموقف الدولي والإقليمي الحازم تجاه مكافحة الإرهاب جميعها ترجح وجود مساعٍ تركية لتخريب المشهد.
المشروع التخريبي التركي في ليبيا
وتعززت فرضية استمرار المشروع التخريبي التركي في ليبيا عقب ما رح من أنباء تفيد بأن المؤتمر الخاص بالأزمة الليبية والذي استضافته نيويورك مؤخراً، قرر استبعاد الأطراف الداعمة للإرهاب من أي جولات تفاوضية مقبلة.
الخطوة التي تعني كف أيادي الإرهاب التركي عن ليبيا، لن تمر دون محاولات من أنقرة لتلافي الهزائم الميدانية والدبلوماسية لتغيير المعادلة السياسية والعسكرية وفقاً للمحلل السياسي ناصر الفرجاني.
ويرى الفرجاني في حديثه لـ"العين الإخبارية"، أن حجم الخسائر في صفوف المليشيات والتنظيمات الإرهابية على يد الجيش الليبي منذ بدء عملية "طوفان الكرامة" تدلل على الفرضية القائلة بسعي أردوغان لإيجاد معطيات جديدة.
وتتمثل المعطيات الجديدة بحسب المحلل السياسي الليبي، في فتح الطريق أمام عناصر تنظيم داعش الإرهابي المحاصرين في شمال سوريا إلى طرابلس عبر العملية العسكرية الأخيرة التي تشنها أنقرة تحت لافتة "نبع السلام" التي تحمل خلفها أكثر أنواع الحروب دموية في التاريخ الحديث.
ويربط أستاذ القانون الدولي الدكتور راقي المسماري، بين عدوان تركيا على سوريا وخسائرها الدبلوماسية في الملف الليبي، مشيراً في حديثه لـ"العين الإخبارية" إلى أن الأمر بمثابة السلوك التعويضي لأنقرة.
ويتابع المسماري" تركيا تسابق الزمن لتنفيذ أجندتها التخريبية في ليبيا، خاصة مع اقتراب مؤتمر برلين".
ويشير إلى أن المساعي التركية ترتكز في الأساس على ضمان مصالحها في المشهد الذي سيتشكل بليبيا عقب مؤتمر برلين، حتى تتمكن من إيجاد مكان لأذيالها في التركيبة الحكومية الجديدة بالبلاد.
الباحث أحمد عطا، المختص بشؤون الإرهاب بمنتدى الشرق الأوسط بلندن، قال في حديث خاص لـ"العين الإخبارية" إنه في البداية لا بد أن نتوقف أمام محطة مهمة جدا وهي وجود 12 ألف من مقاتلي داعش في سجون الأكراد ورفض الدول الأوروبية استقبال عناصرها الذين انخرطوا في داعش.
وأضاف أن هناك معلومات تفيد بأن أردوغان نجح في إقناع بعض القوى الدولية بتوغله في الشمال السوري وتحويله لمنطقة آمنة في مقابل نقل الدواعش لشمال أفريقيا وتحديدا في ليبيا.
ويردف" بهذا الاجتياح يستفيد أردوغان أولا بالقضاء على حلم الدولة الكردية الذي يؤرقه، وثانيا يتم تدعيم جبهة مليشيات حكومة السراج أمام الجيش الليبي، تمهيدا للاستيلاء على ليبيا بشكل كامل بعد نقل هذه العناصر إليها، وثالثا للضغط على الدول الأوروبية والدول الإقليمية التي تحاول استبعاده من المشهد الليبي".
فشل ميداني
ميدانيا، لا يختلف الأمر كثيراً عن رداءة الأداء السياسي والدبلوماسي التركي في الشأن الليبي، ففي كل ساحات الحرب الليبية كان الاخفاق ملازما للعسكرية التركية والمليشيات التي تدعمها.
وهو الأمر الذي يؤكده المحلل السياسي عز الدين عقيل، مشيراً إلى أن تركيا فشلت في الحرب التي تديرها بشكل مباشر ضد الجيش الليبي.
ويضيف" الفشل التركي أتى على الرغم من الإمكانيات التي حشدها أردوغان ووجود غرف عملياته، وخبرائه العسكريين الذين يديرون المعركة بالطائرات التركية المسيرة على الأراضي الليبية".
ويؤكد عقيل، في تصريح خاص لـ"العين الإخبارية"، أن الجيش الوطني الليبي قام بتطوير منظومة تشويش ضد الطائرات المسيرة التي تشكل العمود الفقري والداعم الرئيسي الذي يقدمه أردوغان للمليشيات.
وترى أنقرة في الطائرات المسيرة الوسيلة الوحيدة لخلق توازن عسكري للمليشيات أمام قوات الجيش التي نصبت منظومة التشويش على امتداد خط الجبهات الواصل بين الجنوب الشرقي والجنوب الغربي للعاصمة.
كما طورت قيادة عمليات الجيش الليبي خطتها لإعادة توجيه الطائرات المسيرة التركية لضرب المليشيات نفسها.
ويضيف عقيل أن ذلك دفع الأتراك وقادة المليشيات والإرهاب إلى اتخاذ قرار بإخراج هذه الطائرات من الخدمة، منوها بأن هذا الأمر وفّر أفضل الفرص العسكرية للجيش لتحقيق ما تم تحقيقه خلال اليومين الماضيين من انتصارات كبيرة جعلت ولوج الجيش إلى قلب العاصمة مسألة وقت قصير ودفعت بقادة متطرفين من مليشيات مصراتة إلى مسابقة الزمن لأجل فتح تفاوض مع الجيش للمساومة باستعدادهم لخيانة المليشيات الحليفة لهم وبيع رؤوسها للجيش.
ويرى عقيل أن فشل الطائرات المسيرة يعد الصدمة الثانية لأردوغان في ليبيا بعد صدمته الأولى بفشل سياراته المدرعة وباقي معداته الحربية الأرضية التي زود بها المليشيات من قبل وعدم قدرة حلفائه من الإرهابيين على استخدامها أمام تفوق خبرات الجيش الليبي.
من زاوية أخرى، يرى المحلل السياسي جمال شلوف أن ليبيا بالنسبة لتركيا ورقة تفاوض مع أوروبا التي تعتبرها دولة ذات خصوصية بالنسبة لها، كونها تمثل موقعا استراتيجيا شديد الأهمية لدول جنوب أوروبا تحاول أنقرة من خلال تدخلها فيه ودعم تيار الفوضى وصناعة نقطة توتر في مقابل الجنوب الأوروبي.
ويوضح شلوف، في حديث خاص لـ"العين الإخبارية"، أن تركيا تحاول إجبار أوروبا بشكل أو بآخر على التفاوض معها مقابل أن يطلق الأوربيون والأمريكيون يدها في شمال سوريا.
كما ينوه إلى جانب آخر من الحلم الأردوغاني في السلطنة الإسلاموية، وهو ما تيقظ له الجيش الليبي بضرب وحصار مليشياته وتنظيماته الإرهابية في ليبيا.
aXA6IDMuMTM2LjIzLjEzMiA=
جزيرة ام اند امز