"الدم مقابل النفط".. كيف باع إخوان ليبيا بلادهم؟
أوراق ضغط نفطية يستخدمها عناصر تنظيم الإخوان الإرهابي المتحكمين في قرار ما يعرف بـ"المجلس الرئاسي الليبي"
وصلت الأزمة الليبية في المفاوضات غير المباشرة إلى نقطة بدت كاشفة لطبيعة من يدير طرابلس، حيث يرفع فيها تنظيم الإخوان الإرهابي في ليبيا المتحكم فيما يعرف بـ"المجلس الرئاسي" شعار "الدم الليبي مقابل النفط".
وفي هذه المرحلة التي ينادي فيها العالم شرقا وغربا بالجلوس لمائدة المفاوضات والعودة للحوار تتواصل الضغوط الإخوانية لإعادة فتح الحقول النفطية الليبية وتدفق عوائده على مصرف ليبيا المركزي (تسيطر عليه حكومة فايز السراج) دون شروط
في المقابل، تتمسك القيادة العامة للجيش الليبي ومن خلفها القبائل الليبية بضرورة وضع ضمانة لتوزيع عوائد النفط بشكل عادل على كافة الليبيين.
كما يشدد الجيش والقبائل على ضرورة وجود ألية رقابية فعالة على مسارات هذه الأموال قبل فتح الحقول حتى لا يعاد تدويرها لصالح تسليح المليشيات والإرهابيين، كما هو حاصل منذ وقوع العاصمة الليبية ومؤسساتها المصرفية تحت سطوة التنظيم الإرهابي.
والجمعة، نقلت صحف محلية ليبية عن الإخواني، مصطفى صنع الله، رئيس المؤسسة الوطنية للنفط، قوله إن "النفط الليبي ملك للشعب الليبي، وإنه يرفض أي محاولات من أي دول أجنبية منع استئناف إنتاج النفط."
وفي سياق ابتزاز المواقف الدولية لوح صنع الله بخسارة العديد من الدول بفعل غياب النفط الليبي في الأسواق العالمية.
وزعم صنع الله أن المؤسسة الوطنية للنفط تحتاج إلى قوات وطنية أمنية مستقلة ومحترفة من شأنها أن تسهل استئناف عمليات الإنتاج.
مصادر سياسية ليبية رأت أن تصريحات صنع الله هي محاولة للالتفاف للإيحاء بوجود قوات أجنبية داخل الحقول النفطية، في إشارة ضمنية ربما إلى روسيا.
الضغوط الإخوانية والنهج الابتزازي يستبق ما ظهر جليا خلال الايام السابقة من توجه إقليمي ودولي لإعادة الملف الليبي لنقطة الحوار والمفاوضات، سعيا من التنظيم الإرهابي لفرض شروط مسبقةن او تخريب الجهود الإقليمية والدولية الساعية لحل الازمة.
التفاعلات الدولية جاءت خلال الأيام الماضية بما لا يشتهي "المجلس الرئاسي وحكومة الوفاق" اللذين يسيطر عليهما الإخوان والمليشيات الإرهابية بتمويل ودعم تركي وقطري، حيث ابدت الإدارة الأمريكية استعدادا لإتخاذ خطوات في اتجاه الحل وفق "إعلان القاهرة" وهو خارطة المسار السياسي التي اطلقها الرئيس المصري في 6 يونيو/حزيران الجاري.
المسار السياسي الشامل الذي صاغته مصر في "إعلان القاهرة" حظي بتأييد ودعم عربي وأوروبي، إلى جانب الدعم الروسي والأمريكي، باعتباره حل شامل للصراع مبني على مصلحة الليبيين والحوار بين الأطراف المتصارعة، بالإضافة إلى التوزيع العادل لثروة الليبيين وعلى راسها العوائد النفطية بشكل عادل وشفاف، ومنع تدفق الأموال إلى خزائن تنظيم الإخوان الإرهابي ومرتزقة تركيا والمليشيات.
كانت القبائل الليبية قد أعلنت في 18 يناير/كانون الثاني الماضي إغلاق الحقول والمواني النفطية شرقي البلاد، وإيقاف تصدير النفط بالتزامن مع انعقاد مؤتمر برلين لإيصال رسالة احتجاج للدول المنخرطة في حل الأزمة الليبية على استخدام حكومة السراج غير الشرعية لعوائد النفط لجلب ودفع رواتب المرتزقة السوريين والعسكريين الأتراك.
- السيسي: دول خارجية تسلح مليشيات ليبية وسرت والجفرة خط أحمر
- مجلس القبائل الليبية يرفض الاعتراف بـ"إعلان تونس"
وقالت القبائل في بيان لها حينها إن "الأموال المتدفقة من إنتاج النفط يستخدمها السراج في خدمة أهداف تنظيم الإرهاب الإخواني الذي يحاول السطو على ليبيا".
وفي أعقاب ذلك أعلنت القيادة العامة للجيش الليبي استجابتها لمطلب الليبيين، كما دعم البرلمان الشرعي المنتخب مطلب القبائل الليبية صاحبة القرار الأصيل في الثروة النفطية.
ومنذ إغلاق القبائل الليبية الحقول والمواني النفطية توالت محاولات تنظيم الإخوان الإرهابي ومسلحيه للالتفاف على قرار الليبيين، عبر محاولات متكررة لاقتحام الحقول النفطية في جنوب ووسط ليبيا، وكان آخرها في مطلع يونيو/حزيران الجاري بحقل "الشرارة"، وسبقته محاولات أخرى في مارس/آذار، وأحبطها جميعا تصدى الجيش الوطني الليبي لها ومعه القبائل الليبية.
ودعا حينها الرئيس التونسي القبائل الليبية لعقد اجتماع ثان موسع في تونس يكون ممثلا لكل القبائل، تمهيدا للتوصل إلى حل سلمي في ليبيا،لكن هذه الدعوة قوبلت برفض كبير من طرف القبائل الليبية لوقوف قطر وراءها.
وقال مجلس القبائل الليبي، في بيان له حينها، إنه يرفض الدعوة لاجتماع في أي مكان خارج ليبيا، خاصة إذا كانت قطر تقف وراءه بعدما فعلت في الليبيين ما فعلت وأنفقت أموالا طائلة في زرع الإرهاب في البلا.
وتتوالى المحاولات التركية القطرية للسطو على النفط والغاز الليبين، حيث أفصح الرئيس التركي رجب أردوغان عن نيته الزج بقوات (يعني المرتزقته والمليشيات) لاقتحام مدينة سرت والجفرة وسط البلاد، وهي التصريحات التي استنفرت السلطات الليبية الشرعية ممثلة في البرلمان المنتخب والقيادة العامة للجيش والمجلس الأعلى للقبائل الليبية لتأمين حدود المدينتين إضافة إلى دعوة القاهرة لإتخاذ موقف ينتصر للمطالب الليبية المشروعة وذلك وفق إعلان القاهرة.
وجاءت إستجابة الرئيس المصري عبد الفتاح السيسي في خطابه 20 يونيو/حزيران الجاري من قاعدة سيدي براني العسكرية على الحدود مع ليبيا محذرا تركيا من تجاوز الخطوط الحمراء للأمن القومي المصري والذي تعد مدينتا سرت والجفرة جزء منه.