الجيش الوطني الليبي هو من يمتلك مفتاح الحل للأزمة الليبية الذي لن يكون إلا عبر "الاتكاء" على الخيار العسكري
الترهل في اللغة له معانٍ عديدة؛ ففي معجم الرائد، الترهل صار "رهلا"، أي مضطربا، مسترخيه منتفخه اللحم، ولكن الترهل في النظام الدولي في تقديري أنه أصبح مضطرباً غير قادر على أن يتحرك باتجاه القواعد التي تأسس عليها القانون الدولي، والأهم من ذلك أن النظام الدولي عبر منظماته، خصوصا مجلس الأمن الدولي والأمم المتحدة أصبح عاجزاً على أن يسعى لتفعيل القواعد الرئيسية التي تأسس عليها، ما ولد حالة من الخلط بين الشرعية واللاشرعية، فعندما ننظر إلى الأمم المتحدة نجد أنها تأسست على حماية الشرعية الدولية، لكن التعاطي الفعلي من قبل الأمم المتحدة مع الأحداث فإنها تسعى للخلط والمساواة بين الشرعية واللاشرعية، كما الحال مع الملف اليمني بالمحاولات المتكررة من قبل هذه المنظمة للمساواة بين الشرعية اليمنية والجماعة الإرهابية الحوثية ومحاولة مهادنة هذه الجماعة الإرهابية، وذلك على حساب القانون والأعراف والمواثيق الدولية..
الجيش الوطني الليبي هو من يمتلك مفتاح الحل للأزمة الليبية الذي لن يكون إلا عبر "الاتكاء" على الخيار العسكري وتجاهل الخيارات السياسية التي أثبتت فشلها في أن تضع حدا للأزمات أو التدخلات الخارجية في مثل هذه الملفات
وبالتالي، فإن النظام الدولي يعاني حالة من الترهل أو الاضطراب التي أثرت في طريقة تعاطيه مع الملفات، خصوصا ملفات منطقة الشرق الأوسط، ما أسهم إلى حد كبير في أن يكون المجتمع الدولي عنصرا في صناعة الفوضى عبر استراتيجيته التي ينتهجها، وهي إدارة الأزمات العربية باتجاه إطالة أمد هذه الأزمات بدلا من البحث عن حلول وإدارة الأزمات باتجاه إيجاد وخلق حل جذري لهذه المعضلات، ويمكن النظر للملف السوري بأنه يعكس حالة الفشل الدولي في أن يكون طرفا في البحث عن حلول للأزمات العربية، وبأن المجتمع الدولي لا يتقن سوى إطالة أمد هذه الأزمات وإسقاطها في مستنقع المماطلة تحت شعار البحث عن حل لهذه الأزمة، ويمكن النظر إلى جنيف 1 وجنيف 2 وغيرهما من المداولات السياسية التي لم تفضِ سوى لإطالة أمد الأزمة والعمل على "كتم عنق الزجاجة"، بدلا من البحث عن مخرج للأزمة السورية من عنق الزجاجة باتجاه البحث عن حل جذري ينهي معاناة الشعب السوري التي يعيشها على مدار 7 سنوات.
يعتبر الملف الليبي أحد الملفات المستحدثة على طاولة الترهل والاضطراب الدولي، ولربما نجد أن مؤتمر برلين يعكس أن المجتمع الدولي يحاول أن يتعاطى مع الأزمة الليبية بنفس المنطق الذي يتعامل فيه مع بقية الأزمة العربية، وهو "الإدارة باتجاه إطالة أمد الأزمة، والإسقاط في مستنقع المماطلة تحت اسم البحث عن الحل السياسي"، وبالتالي نجد أن مؤتمر برلين لا يمكن النظر له كعامل مهم في اتجاه إيجاد حل سياسي للأزمة الليبية؛ هو بمثابة "وضع السكين على الإنجازات التي حققها الجيش الوطني الليبي"، فعندما ننظر إلى تركيا التي تعد واحدة من الدول الحاضرة نجد أنها تعتبر عاملا فاعلا في إشعال الأزمة الليبية، وبالتالي مؤتمر برلين نجد أنه يهدف إلى محاولة شرعنة التدخل التركي الإرهابي في الأراضي الليبية، وهو بالتالي يعطي الأتراك فرصة لمواصلة استراتيجيتهم في دعم مليشيات طرابلس الإرهابية عبر الدعم العسكري وعبر الدعم بالمرتزقة والإرهابيين والذين تقوم بنقلهم من سوريا إلى الأراضي الليبية.
إن الحضور التركي في مؤتمر برلين الذي يهدف في ظاهره إلى إيجاد حل سياسي للأزمة الليبية والدفع باتجاه تحقيق التهدئة في الأراضي الليبية هو أمر لا يخدم الهدف الظاهري لمؤتمر برلين، بقدر ما يوفر غطاء للأتراك للاستمرارية في شرعنة تدخلاتهم وأعمالهم الإرهابية في ليبيا، وهو ما يؤكده قيام تركيا ما بعد انتهاء مؤتمر برلين بمواصلة نقل الإرهابيين من سوريا إلى ليبيا، وبالتالي نجد أن المجتمع الدولي كانت أمامه فرصة للخضوع لاختبار حقيقي لإثبات مدى جديته في تغيير طريقة تعاطيه مع الملف الليبي عن بقية الملفات العربية والخروج من حالة الترهل التي يعيشها، ولكن حالة الصمت الدولي أمام انتهاكات تركيا لمخرجات مؤتمر برلين والاستمرارية في نقل الإرهابيين تشكل حالة من الإحباط فهي تعكس عدم وجود تغيير في التعاطي الدولي اتجاه الملف الليبي وأن مؤتمر برلين ما هو إلا بداية لإعادة استنساخ التجارب السابقة في سوريا على الملف الليبي، وهو ما يقود باتجاه إطالة أمد الأزمة الليبية وليس حلها.
وبالتالي فإن أمام جميع ما ذكر نجد أن ذلك يستنقص من الثقة في التعاطي الدولي، وبالتالي فإن الجيش الوطني الليبي يجب عليه أن يتعامل بتجاهل تام مع المداولات السياسية الدولية التي تسعى لإسقاط الأزمة الليبية في مستنقع المماطلة تحت ذريعة البحث عن الحل السياسي، وأن يسعى لاستكمال تطهير وتحرير الأراضي الليبية، خصوصا بعد أن فشلت استراتيجيات المجتمع الدولي في إيجاد حلول سياسية لأزمات عربية مثل الأزمة السورية، وبالتالي فإن الجيش الوطني الليبي هو من يمتلك مفتاح الحل للأزمة الليبية والذي لن يكون إلا عبر "الاتكاء" على الخيار العسكري وتجاهل الخيارات السياسية التي أثبتت فشلها في أن تضع حدا للأزمات أو التدخلات الخارجية في مثل هذه الملفات.
الآراء والمعلومات الواردة في مقالات الرأي تعبر عن وجهة نظر الكاتب ولا تعكس توجّه الصحيفة