شريان حياة البريطانيين "مهدد".. تأميم المياه قبل الغرق في الديون
تدرس الحكومة البريطانية احتمال إعادة تأميم مؤقت لشركة "تيمز ووتر" المثقلة بالديون، أكبر جهة مزودة للمياه في بريطانيا، وذلك غداة استقالة مديرتها التنفيذية.
واستقالت سارة بينتلي بمفعول فوري وسط تصاعد القلق إزاء ديون الشركة البالغ مجموعها حوالي 14 مليار جنيه استرليني (18 مليار دولار)، في وقت يواجه القطاع المتعثر تكاليف ضخمة لتنظيف الصرف الصحي.
وتزود "تيمز ووتر" 15 مليون منزل وشركة تجارية في لندن وأماكن أخرى في جنوب إنجلترا بالمياه.
ويعد صندوق التقاعد الكندي "أونتاريو ميونسيبال" أكبر المساهمين في الشركة ويمثل ما يقرب من ثلث المجموعة.
وخصخصت بريطانيا قطاع المياه في 1989 في عهد رئيسة الوزراء مارغريت ثاتشر.
- "سوناك" يصدم البريطانيين بشأن الفائدة والتضخم.. "التزام الهدوء" الحل!
- ChatGPT "عدو" الحكومة في بريطانيا
54 مليار جنيه.. ديون شركات المياه في بريطانيا
وراكمت شركات المياه في بريطانيا ديونا مجتمعة قدرها 54 مليار جنيه منذ الخصخصة، لتمويل استثمارات وأرباح المساهمين، بحسب تحقيق أجرته العام الماضي صحيفة ذي غارديان.
ردا على تقارير عن إعادة تأميم محتملة؛ قال بيان حكومي إن الوضع الحالي لشركة تيمز ووتر "مسألة تخص الشركة ومساهميها".
أضاف البيان: "القطاع ككل قادر على الصمود ماليا. وتواصل (الهيئة الناظمة لقطاع المياه – أوفوات) مراقبة الوضع المالي لجميع شركات المياه والصرف الصحي الرئيسية".
وفي بيان منفصل، قالت تيمز ووتر إنها تسعى مع المساهمين لتأمين أموال تضاف إلى مبلغ 500 مليون جنيه إسترليني قدموه في مارس/آذار.
وذكرت تقارير أن الشركة كانت تسعى للحصول على تمويل إضافي بمقدار مليار جنيه إسترليني.
وقالت أوفوات إنها تجري "نقاشات مع تيمز ووتر حول الحاجة إلى خطة قوية وذات مصداقية لتحويل مسار الشركة".
تأميم مؤقت لـ"تيمز ووتر"
وقالت وسائل إعلام بريطانية إن الوزراء يجرون محادثات حول إمكانية إعادة هذا المرفق مؤقتا إلى القطاع العام في ظل ما يسمى بنظام الإدارة الخاصة (SAR).
وتعهدت شركات المياه المخصخصة في إنجلترا الشهر الماضي إجراء استثمارات ضخمة لوقف ضخ مياه الصرف الصحي في المجاري المائية مع تزايد المخاوف بشأن جودة المياه وتراخي إجراءات حماية البيئة بعد خروج بريطانيا من الاتحاد الأوروبي.
وتتعرض شركات المياه لانتقادات منذ سنوات بسبب ضخ مياه الصرف الصحي غير المعالجة في الأنهار والبحار، ما أدى إلى تدمير نظم بيئية هشة وتسبب بأمراض بين الناس وإغلاق الشواطئ.
وعبر نشطاء عن غضبهم من أن وعودا بمليارات الجنيهات لتحديث البنية التحتية سيتحملها مستهلكون يعانون أصلا من ارتفاع الفواتير في ظل غلاء معيشة يغذيه ارتفاع التضخم.
وقالت صحيفة ذي تايمز الأربعاء إن فواتير المياه قد ترتفع بنسبة 40% بحلول عام 2030 لتمويل الأشغال.
فيما قالت مصادر مطلعة إن شركة تيمز ووتر، أكبر شركة لتوفير المياه في بريطانيا، تجري محادثات مع المسؤولين الحكوميين بشأن خطط طوارئ تتضمن تأميما مؤقتا للشركة في ظل تزايد المخاوف من تراكم ديونها.
وذكرت وكالة بلومبرغ للأنباء أن سندات تيمز تدهورت بشدة صباح اليوم الأربعاء 28 يونيو/حزيران الجاري؛ حيث انخفضت قيمة أحد الطروحات إلى 35 بنسًا مقابل كل جنيه استرليني من القيمة الاسمية للسند. جاء ذلك فيما أعلنت سارة بنتلي الرئيس التنفيذي للشركة استقالتها من منصبها بشكل مفاجئ وفوري أمس، في ظل تزايد المخاوف بشأن الاستقرار المالي للشركة، مما أجبر الحكومة على التفكير في احتمال تأميمها.
وقالت ريبيكا بو وزيرة المياه البريطانية أمام مجلس العموم اليوم ردا على سؤال عاجل من جانب حزب العمال المعارض "هناك عمل كثير يجري خلف الأبواب مع تيمز ووتر لضمان عدم تأثر العملاء" من أي مشكلات مالية تواجهها الشركة.
يشارك في المحادثات جهاز تنظيم مرفق المياه "أوفوات" ووزارة البيئة والغذاء والشؤون الريفية ووزارة الخزانة لبحث إمكانية وضع الشركة تحت ما يسمى نظام الإدارة الخاص بحسب مصدرين.
وقال أحد المصدرين إن المشاركين في المحادثات يأملون في ألا يضطروا لتأميم الشركة. وكانت الزيادة الصاروخية لأسعار الفائدة في بريطانيا قد ألقت ضغوطا قوية على الشركات. وفي نهاية مارس/آذار الماضي وصل معدل دين تيمز ووتر إلى أكثر من 80% من إجمالي رأسمالها وهو أعلى معدل للدين بين شركات القطاع، بحسب مذكرة للمحلل الاقتصادي مارتن يونغ في شركة إنفستيك.