فقدان الجليد البحري.. تداعيات كئيبة على ضوء الكوكب وألوانه

لا يؤثر فقدان الجليد البحري على الحياة البحرية فقط، بل على تدفق الضوء والطاقة في النظام بأكمله.
فعليى سبيل المثال، يأخذ المحيط اللون الأزرق حتى إنّ الأرض تُسمى بـ"الكوكب الأزرق"؛ إشارة إلى لون المسطحات المائية، ويرجع هذا إلى الطريقة التي يتفاعل بها الضوء مع الماء؛ فعندما يصل ضوء الشمس إلى سطح المحيط، يتم امتصاص ألوان الضوء ذات الأطوال الموجية الأطول، مثل اللون الأخضر والأحمر، بينما يخترق الضوء الأزرق عمق عمود الماء، ما يعطي اللون الأزرق للمحيط.
أما الجليد البحري؛ فيعكس جزءًا كبيرًا من الضوء، ويسمح لكمية ضئيلة بالنفاذ، وعلى الرغم من ذلك، تضم تلك الكمية الضئيلة كامل نطاق الأطوال الموجية المرئية، وتستخدمه الكائنات الحية التي تقوم بعملية البناء الضوئي، مثل العوالق النباتية والطحالب الجليدية.
لكن، اتضح أنّ الاحتباس الحراري لا يؤثر فقط على كمية الغطاء الجليدي في المناطق القطبية، بل إنه أيضًا يعمل على زيادة كمية الضوء الداخلة إلى المحيط ويغير ألوانه، ما يعود سلبًا على الكائنات الحية التي تقوم بعملية البناء الضوئي. وهذا ما كشفت عنه دراسة منشورة في دورية "نيتشر كوميونيكاشنز" (Nature Communications) في 30 أبريل/نيسان 2025.
فروق جوهرية
هناك اختلافات جوهرية بين الجليد البحري والماء السائل في دور الاهتزازات الجزيئية؛ ففي حالة الماء السائل، نجد أنّ جزيئات الماء (الصيغة الكيميائية لها H₂O)، حرة الحركة والاهتزاز. وتتكون نطاقات امتصاص مميزة بأطوال موجية محددة، وهذا يعني أنّ الضوء المتاح لعملية البناء الضوئي متفاوت من منطقة لأخرى. وكل نوع من الكائنات الحية التي تقوم بالبناء الضوئي، تتكيف مع نطاق محدد بناء على الضوء المتاح. وعليه نلاحظ التوزيع العالمي لتلك الكائنات عبر المحيطات والمياه الساحلية والبحيرات.
أما في حالة الجليد، تُحبس جزيئات الماء في شبكة بلورية صلبة، ما يُثبط من قدرتها على الاهتزازات الجزيئية، وتتغير خصائص امتصاصها. لذلك، يفتقر الجليد إلى نطاقات امتصاص الماء السائل؛ وبالتالي يُحفظ طيف أوسع من الضوء تحت الجليد البحري.
عند ذوبان الجليد، ويتحول إلى ماء سائل، تصبح جزيئات الماء حرة الحركة والاهتزاز، ما يحد من طيف الضوء تحت الجليد البحري، وعليه تتأثر عملية البناء الضوئي؛ وكذلك الحياة البحرية.
تبعات
من خلال النماذج البصرية والقياسات الطيفية، توّصل الباحثون إلى أنّ التحوّل في لون الضوء قد يتسبب أيضًا في تغييرات في تكوين الأنواع وتوزيعها. ويتجلى ذلك في أن تكتسب الطحالب المتخصصة في الضوء الأزرق مميزات تنافسية مقارنة بالطحالب الجليدية؛ بسبب قدرة الأولى على التكيف مع تلك الظروف الجديدة التي يفرضها ذوبان الجليد.
خلص الباحثون إلى أنّ التغيرات المناخية وتبعاتها من ذوبان الجليد، من شأنه أن يؤثر على تدفق الضوء والطاقة إلى النظم البيئية البحرية في المناطق القطبية.
aXA6IDE4LjIyNC4yMDIuMTIxIA== جزيرة ام اند امز