قوائم الإرهاب بالإمارات.. استراتيجية متكاملة لمحاربة آفة العصر
إدراج دولة الإمارات 3 أفراد وكيانًا ضمن قائمتها المحلية للإرهاب، خطوة "مهمة" على طريق تعزيز التعاون الدولي لمكافحة تمويل الإرهاب، وتأكيد على مساعيها في محاربة آفة العصر والحرص على محاصرته.
تلك الخطوة التي تأتي ضمن استراتيجية شاملة لمكافحة الإرهاب والتطرف على مختلف الأصعدة القانونية والتشريعية والدينية والثقافية والإعلامية والأمنية، تهدف إلى تعطيل الشبكات المرتبطة بتسهيل تمويل الإرهاب والأنشطة المصاحبة له.
خطوة أضيفت إلى غيرها من الخطوات التي تتخذها دولة الإمارات، ولاقت إشادات إقليمية ودولية، ضمن جهود دولة الإمارات الشاملة لمحاربة الإرهاب، جنبا إلى جنب مع مبادراتها الرائدة لتعزيز التسامح لمعالجة الأسباب الجذرية للتطرف وعلى الوسائل التي تقود إليه.
قوائم الإرهاب
وكانت دولة الإمارات أصدرت قائمة محلية بالكيانات الإرهابية في نوفمبر/تشرين الثاني 2014، تطبيقاً لأحكام القانون الاتحادي رقم (7) لسنة 2014 بشأن مكافحة الجرائم الإرهابية، تقوم بتحديثها بحسب ما اقتضت الحاجة بقرارات من مجلس الوزراء.
يأتي ذلك بحسب نص المادة 63 من القانون التي أكدت أنه يجوز لمجلس الوزراء "إصدار قرار يتضمن إنشاء قائمة أو قوائم تدرج فيها التنظيمات أو الأشخاص الإرهابية التي تشكل خطراً على الدولة أو التي تكون الدولة ملتزمة دولياً بإدراجهم فيها".
وضمن أحدت القرارات في هذا الصدد، أصدر مجلس الوزراء الإماراتي، مساء الجمعة، القرار الوزاري رقم 9 لسنة 2023 بشأن إدراج 3 أفراد وكيان إرهابي ضمن القائمة المحلية المعتمدة المدرج عليها الأشخاص والكيانات والتنظيمات الداعمة للإرهاب.
وشملت القائمة: حسن أحمد مقلد، راني حسن مقلد، ريان حسن مقلد، أما الكيان فهو CTEX Exchange.
تناغم الجهود
ودعا القرار جميع الجهات الرقابية كافة القيام بحصر أي فرد أو جهات تابعة أو مرتبطة بأية علاقة مالية أو تجارية بتلك الأسماء، واتخاذ الإجراءات اللازمة حسب القوانين سارية المفعول في الدولة بما يشمل إجراء التجميد في أقل من 24 ساعة.
تأتي الخطوة بعد شهر من فرض مكتب مراقبة الأصول الأجنبية التابع لوزارة الخزانة الأمريكية (OFAC) يوم الثلاثاء الـ24 من يناير/كانون الثاني الماضي عقوبات على اللبناني حسن مقلد وشركته سيتكس CTEX للصرافة، بتهمة تسهيل الأنشطة المالية لـ"حزب الله"، ولعب دور رئيسي في تمكين الحزب من الاستمرار في استغلال الأزمة الاقتصادية بلبنان وتفاقمها.
وشملت العقوبات الجديدة أيضاً أبناء حسن مقلد ريان وراني الذين يسهلون أنشطة والدهم المالية وشركته لدعم الحزب، بحسب وزارة الخزانة الأمريكية.
بعدها بيومين، أصدر حاكم مصرف لبنان رئيس هيئة التحقيق الخاصة رياض سلامة بيانا أعلن فيه تجميد حسابات الأسماء التي أدرجت على قوائم مكتب مراقبة الأصول الأجنبية OFAC، لدى جميع المصارف والمؤسسات المالية العاملة في لبنان.
التعاون الدولي
وفي هذا السياق، يأتي قرار دولة الإمارات بإضافة الأشخاص أنفسهم في قائمة الإرهاب لديها، في إطار إيمانها بأهمية تعزيز التعاون الدولي لمكافحة الإرهاب، وحرصها على تحديث القائمة المعتمدة لديها، لتعزيز جهودها في هذا الصدد .
كما تأتي ضمن استراتيجية شاملة لمكافحة الإرهاب والتطرف على مختلف الأصعدة القانونية والتشريعية والدينية والثقافية والإعلامية والأمنية .
فمن الناحية القانونية، أصدرت دولة الإمارات قوانين وتشريعات لتجريم أي عناصر ترتبط بالتنظيمات الإرهابية ومنها:
القانون الاتحادي رقم (7) لسنة 2014 في شأن مكافحة الجرائم الإرهابية، ومرسوم بقانون اتحادي رقم (2) لسنة 2015 في شأن مكافحة التمييز والكراهية، ومرسوم بقانون اتحادي رقم (5) لسنة 2012 في شأن مكافحة جرائم تقنية المعلومات، والمرسوم بقانون اتحادي رقم (20) لسنة 2018 في شأن مواجهة جرائم غسل الأموال ومكافحة تمويل الإرهاب وتمويل التنظيمات غير المشروعة، ولائحته التنفيذية.
على الصعيد الدبلوماسي، شجبت دولة الإمارات وبأشد العبارات في مختلف المحافل الدولية، الإرهاب بجميع صوره وأشكاله، وجددت التزامها على الدوام ليس بمواجهة والتصدي للإرهاب فحسب، بل بمحاربة الأيدولوجيات المتطرفة التي تغذي العنف الذي تمارسه الجماعات الإرهابية بمنتهى الوحشية ومنها تنظيما داعش والقاعدة "الإرهابيين".
أما في مجال مكافحة تمويل الإرهاب، فقد بذلت دولة الإمارات جهوداً كبيرة لتعزيز نظام مواجهة غسل الأموال وتمويل الإرهاب، من خلال القوانين التي أصدرتها والخطوات التي تتخذها، فالدولة تقوم بالتواصل على المستوى الدولي لرصد شبكات تمويل الإرهاب وإيقافها، من خلال التعاون مع وحدات الاستخبارات المالية الأخرى ومن خلال المنظمات الدولية كمجموعة العمل المالي لمنطقة الشرق الأوسط والبرامج الخاصة بجمع وتحليل المعلومات المالية.
إشادات دولية
ونجحت دولة الإمارات في تحقيق المعادلة المثالية في هذا الصدد، عبر مكافحة الإرهاب ونشر الأمن والأمان واحترام حقوق الإنسان، باستراتيجية متكاملة وبمبادرات ملهمة تحارب التطرف من جهة وتنشر التسامح والتعايش والأخوة الإنسانية من جهة أخرى، تكللت قبل أيام بافتتاح بيت العائلة الإبراهيمية في أبوظبي، الذي يضم مسجدا وكنيسة وكنيسا.
تلك الجهود تأتي بعد أسابيع من تقرير دولي أكدت نتائجه أن دولة الإمارات من الدول المتصدرة دولياً في مكافحة الأنشطة الإرهابية، بمحافظتها للسنة الرابعة على التوالي على مكانتها ومركزها الأول في مؤشر الإرهاب العالمي.
وتعتبر دولة الإمارات من أكثر الدول أماناً من بين عدة دول فعالة في مجال مكافحة الأنشطة الإرهابية والمتطرفة، ومن أكثر الدول أماناً في العالم بمستوى "منخفض جداً" لمخاطر انتشار النشاط الإرهابي، حسب النتائج الصادرة من معهد الاقتصاد والسلام الدولي المسؤول عن المؤشر في يناير/كانون الثاني الماضي.
تقدم غير مسبوق
وضمن أحدث الإشادات الدولية، أقرت مجموعة العمل المالي (فاتف)، الجمعة، خلال الجلسة الثانية للمجموعة تحت رئاسة سنغافورة في باريس والتي اختتمت أسبوع FATF 2023 ، بالالتزام السياسي رفيع المستوى وبالتقدم القوي الذي أظهرته دولة الإمارات في هذا المجال .
وقد أحرزت السلطات الإماراتية المختصة تقدماً غير مسبوق في اعتماد المعايير الدولية لمكافحة غسل الأموال وتمويل الإرهاب، عبر نهج يرتكز على تحسين التنسيق بين الجهات المعنية بمواجهة الجرائم المالية، وتوسيع نطاق التعاون الدولي لمنعها، ومقاضاة مرتكبيها، إلى جانب تعزيز مبادرات الشراكة بين القطاعين العام والخاص.
ورحبت دولة الإمارات بالإعلان الصادر عن مجموعة العمل المالي، وأكدت التزامها الراسخ بمواصلة جهودها في مكافحة غسل الأموال وتمويل الإرهاب، وعملها المتواصل مع مجموعة العمل المالي (فاتف).
وتواصل دولة الإمارات العربية المتحدة تنفيذ مجموعة من الإجراءات المهمة والمتطورة لمكافحة الجريمة المالية ولتعزيز فعالية نظام مكافحة غسل الأموال وتمويل الإرهاب، بما يتماشى مع الاستراتيجية الوطنية لمكافحة هذه الجريمة، وخطة العمل الوطنية الموضوعة.
جهود أمنية
وعلى الصعيد الأمني، استضافت أبوظبي يومي 9 و10 يناير/كانون الثاني الماضي أعمال مؤتمر قادة الشرطة والأمن العرب السادس والأربعين بحضور جميع قادة الأمن العام بالدول العربية وممثلين عن هيئات ومنظمات عربية وعالمية.
وناقش المؤتمر الذي استمر يومين نتائج أعمال الاجتماع التنسيقي لممثلي الجهات المعنية في الدول العربية، للنظر في سبل تعزيز التعاون بينها في مجال مكافحة الإرهاب والجريمة المنظمة.
وجرى خلال المؤتمر الكشف عن وضع اللمسات الأخيرة على مشروع تطوير نظام الشيخ زايد للاتصالات العصري بين أجهزة مجلس وزراء الداخلية العرب، الذي حرصت وزارة الداخلية في دولة الإمارات العربية المتحدة بتوجيه من الفريق الشيخ سيف بن زايد آل نهيان نائب رئيس مجلس الوزراء وزير الداخلية على إنجازه وفق آخر التطورات التقنية.
كما تم خلال المؤتمر الكشف عن إنشاء فريق الخبراء العرب المعني برصد وتبادل المعلومات حول التهديدات الإرهابية وتحليلها ليشكل وسيلة فعالة لتعزيز التعاون الميداني بين الدول العربية في مجال مواجهة التهديدات الإرهابية.
وغداة انعقاد المؤتمر، أصدر مصرف الإمارات العربية المتحدة المركزي إرشادات جديدة بشأن مواجهة غسل الأموال ومكافحة تمويل الإرهاب للمؤسسات المالية المرخصة، والتي تشمل البنوك، وشركات التمويل والصرافة، وشركات التأمين والوكلاء والوسطاء.
وتسهم الإرشادات، التي دخلت حيز التنفيذ بشكل فوري، في تعزيز فهم المؤسسات المالية المرخصة للمخاطر والتطبيق الفعّال لالتزاماتها التشريعية المتعلقة بمكافحة غسل الأموال وتمويل الإرهاب، مع مراعاة المعايير الصادرة عن مجموعة العمل المالي "فاتف" بهذا الشأن.
تجربة رائدة
وتملك دولة الإمارات تجربة رائدة في مكافحة الإرهاب، حرصت خلالها على أن تكون الوقاية والتعاون الدولي نهجاً لسياستها، واتخذت تدابير تمنع التطرف قبل أن يتحول إلى تطرف عنيف.
كما أولت اهتماما بالغا بالتنمية واستدامتها، وعملت على تأصيل قيم التسامح والتعايش في المجتمع كإحدى أهم أدوات مكافحة التطرف والإرهاب، وانضمت إلى العديد من الاتفاقيات الإقليمية والدولية المعنية بمكافحة الإرهاب.
وأصدرت دولة الإمارات العديد من القوانين والتشريعات وتبنت العديد من الخطط والاستراتيجيات والمبادرات والبرامج الوطنية لمكافحة الإرهاب والتطرف.
وضمن أبرز تلك المبادرات، قامت دولة الإمارات في عام 2012 بتأسيس مركز هداية بالشراكة مع المنتدى العالمي لمكافحة الإرهاب، وهو مركز دولي معني بالتدريب والحوار والأبحاث والتعاون في مجال مكافحة التطرف العنيف.
أما في إطار جهودها المستمرة لمكافحة التطرف خصوصاً على مواقع التواصل الاجتماعي، فقد عملت دولة الإمارات والولايات المتحدة الأمريكية على تأسيس مركز "صواب" الذي انطلقت أعماله في مارس/آذار 2015، وهي مبادرة تفاعلية للتراسل الإلكتروني، تهدف إلى دعم جهود التحالف الدولي في حربه ضد التطرف والإرهاب.
أفكار مضللة
ويتطلع المركز إلى إيصال أصوات الملايين من المسلمين وغير المسلمين في جميع أنحاء العالم ممن يرفضون ويقفون ضد الممارسات الإرهابية والأفكار الكاذبة والمضللة التي يروجها أفراد التنظيم.
كما يعمل مركز صواب على تسخير وسائل الاتصال والإعلام الاجتماعي على شبكة الإنترنت من أجل تصويب الأفكار الخاطئة ووضعها في منظورها الصحيح.
وتقوم دولة الإمارات بجهود كثيرة لتعزيز التسامح لمعالجة الأسباب الجذرية للتطرف وعلى الرسائل التي تؤدي إلى التطرف، وأطلقت عدة مبادرات رائدة في هذا الصدد منها ووثيقة الأخوة الإنسانية ، وتشييد "بيت العائلة الإبراهيمية".
وبالتوازي مع تلك الجهود، تقوم دولة الإمارات بدور رائد على الصعيد الدولي من خلال عضويتها في مجلس الأمن الدولي (2022-2023)، وترى دولة الإمارات أنه "لا يمكن أن تنجح الجهود الرامية إلى القضاء على الإرهاب بدون وحدة مجلس الأمن والمجتمع الدولي ككل".