«التهاب الجلد العقدي» يثير القلق في فرنسا
رغم التقدم المسجّل في حملة تلقيح الأبقار ضد مرض التهاب الجلد العقدي، لا يزال القلق يخيم على أوساط المربين في فرنسا، في ظل استمرار انتشار بؤر الإصابة واعتماد السلطات استراتيجية صارمة تقوم على الإعدام الفوري للقطعان المصابة.
وبينما تتحدث الحكومة عن "تقدم كبير" في جهود الاحتواء، يواصل مزارعون احتجاجاتهم، معتبرين أن كلفة هذه السياسة تفوق قدرتهم على الاحتمال، بحسب محطة "بي.إف.إم" التلفزيونية الفرنسية.
تقدم في التلقيح وطمأنة رسمية
وأعلنت وزيرة الزراعة الفرنسية أني جينيفارد، السبت، أن أكثر من 50% من الأبقار المستهدفة في جنوب غرب فرنسا جرى تلقيحها ضد مرض التهاب الجلد العقدي.
وأوضحت، عبر حسابها على منصة "إكس"، أن 50,7% من القطيع في عشرة أقاليم معنية، أي ما يعادل 361,079 رأسًا من الأبقار، قد تلقوا اللقاح من أصل نحو 750 ألف بقرة مشمولة في حملة المكافحة.
وأكدت الوزيرة أن "التعبئة لا تزال كاملة من أجل بلوغ الهدف المحدد”، مشيدة بجهود الأطباء البيطريين والمربين وكافة المصالح الميدانية التي تعمل، بحسب تعبيرها، “دون كلل لاحتواء الوباء".
انتشار جغرافي مقلق للمرض
بحسب معطيات وزارة الزراعة الفرنسية، تم تسجيل 115 بؤرة إصابة بمرض التهاب الجلد العقدي في فرنسا منذ 29 يونيو/تموز.
وتوزعت هذه البؤر على عدة مناطق، أبرزها سافوا (32 بؤرة) وأوت-سافوا (44)، إضافة إلى عين، رون، جورا، دوبس، وأقاليم عدة في الجنوب مثل البيرينيه الشرقية، أرييج، الألب العليا، أوت-غارون، وأود.
وكان المرض قد ظهر لأول مرة خلال الصيف الماضي في إقليم سافوا، قبل أن ينتشر تدريجيًا إلى مناطق أخرى، ما دفع السلطات إلى إعلان حالة تعبئة صحية واسعة في قطاع تربية الأبقار.
ثلاث ركائز لمواجهة الوباء
تعتمد الدولة الفرنسية في مواجهة هذا الفيروس على ما تسميه “ثلاثة أعمدة أساسية” أولها الإعدام الفوري لكامل القطيع عند اكتشاف أي حالة إصابة، وثانيها التلقيح الوقائي، وثالثها فرض قيود صارمة على تنقل الحيوانات بين المناطق.
وفي محاولة لاحتواء غضب المربين، تعهّدت الحكومة في 17 ديسمبر/كانون الأول بتسريع وتيرة التلقيح، مستهدفة 750 ألف بقرة إضافية، في خطوة وُصفت بأنها تهدف إلى كبح انتشار المرض وتقليل اللجوء إلى الإعدام الجماعي.
غضب المزارعين واحتجاجات ميدانية
ورغم هذه الإجراءات، يواجه النهج الحكومي انتقادات حادة من قبل المربين، الذين يرفضون سياسة الإعدام الشامل للقطعان عند ظهور أول إصابة.
وشهدت مناطق عدة، لا سيما في أوكسيتاني، تحركات احتجاجية شملت إغلاق طرق ومحاور رئيسية، تعبيرًا عن رفضهم لما يعتبرونه إدارة قاسية وغير متوازنة للأزمة.
ويؤكد المزارعون أن هذه السياسة تُلحق خسائر فادحة بمصدر رزقهم، وتزيد من هشاشة القطاع، مطالبين بحلول بديلة توازن بين حماية الصحة الحيوانية والحفاظ على استمرارية النشاط الزراعي.
بين التقدم الصحي والقلق الاقتصادي
في الوقت الذي تشير فيه الأرقام الرسمية إلى تقدم ملموس في التلقيح، لا تزال المخاوف قائمة بشأن مستقبل تربية الأبقار في فرنسا، فنجاح الحملة الصحية لا يبدو كافيًا لتهدئة القلق المتصاعد لدى المربين، الذين يرون أن المعركة ضد التهاب الجلد العقدي لا تُحسم بالأرقام وحدها، بل بقدرة الدولة على كسب ثقتهم وحماية نشاطهم من الانهيار.
aXA6IDIxNi43My4yMTYuMTAzIA== جزيرة ام اند امز