صندوق الخسائر والأضرار.. طوق نجاة للفقراء يرى النور في COP28
بين ختام مؤتمر (COP27) العام الماضي، وانطلاقة مؤتمر (COP28) هذا العام، ترتسم ملامح واحدة من أكبر قصص النجاح على صعيد العمل المناخي.
سنة كاملة تفصل بين الاتفاق التاريخي في ختام الدورة السابقة لمؤتمر الأمم المتحدة لتغير المناخ، الخاص بإنشاء آلية جديدة لتعويض الدول الفقيرة عما يلحق بها من أضرار نتيجة التغيرات المناخية، والقرار التاريخي، الذي جاء في أول أيام الدورة الحالية، بشأن إنشاء هذا الصندوق، الذي طال انتظاره.
ورغم أن القرار الذي صدر في ختام مؤتمر شرم الشيخ العام الماضي، جاء بعد مفاوضات شاقة استمرت على مدار 14 يوماً، بعد تمديد المؤتمر ليومين إضافيين، فإن قرار إنشاء الصندوق لم يتطلب سوى ساعات قليلة، بعد افتتاح مؤتمر (COP28) رسمياَ في دبي بدولة الإمارات العربية المتحدة.
جاء قرار إنشاء صندوق الخسائر والأضرار، الذي يشكل طوق نجاة لكثير من شعوب الدول الفقيرة، التي تعاني تحديات وتهديدات هائلة، نتيجة التداعيات الناجمة عن التغيرات المناخية، ليمثل خطوة إيجابية باتجاه تخفيف التوترات المتعلقة بالتمويل، بين دول الشمال والجنوب.
الإمارات تطلق التدفقات النقدية لتمويل الصندوق
وفور الإعلان عن قرار إنشاء صندوق الخسائر والأضرار، الذي قدم له التحية ممثلو الدول والأطراف المختلفة، التي يصل عددها إلى نحو 200 دولة، بالوقوف والتصفيق مطولاً، بدأت التدفقات النقدية تتوالى من الأطراف الدولية، لتمويل الصندوق الجديد.
وجاءت دولة الإمارات العربية المتحدة في مقدمة الدول الممولة للصندوق، حيث أعلنت عن تقديم تمويل بمبلغ 100 مليون دولار، فيما أعلنت ألمانيا عن المساهمة بمبلغ 100 مليون دولار، وقررت المملكة المتحدة تقديم 60 مليون جنيه استرليني، كما أعلنت الولايات المتحدة عن تقديم مبلغ 17.5 مليون دولار، وقررت اليابان دعم الصندوق بمبلغ 10 ملايين دولار.
جاء الإعلان عن هذا الإنجاز التاريخي بعد عام من التجاذب، انتهى إلى توصل دول الشمال ودول الجنوب، في الرابع من نوفمبر/تشرين الثاني، خلال اجتماع بالعاصمة الإماراتية أبوظبي، إلى تسوية بشأن قواعد تشغيل الصندوق، الذي من المتوقع أن يتم إطلاقه فعلياً في عام 2024.
وفي أول تعليق له بعد الإعلان عن إنشاء صندوق الخسائر والأضرار، قال الدكتور سلطان بن أحمد الجابر، وزير الصناعة والتكنولوجيا المتقدمة الإماراتي رئيس مؤتمر الأطراف (COP28): "أهنئ الأطراف على هذا القرار التاريخي، إنه يبعث إشارة زخم إيجابية للعالم ولعملنا".
كما هنأ الشيخ عبدالله بن زايد آل نهيان، وزير الخارجية الإماراتي، العالم بإطلاق هذا الصندوق، الذي طال انتظاره لعقود، معلناً عن مساهمة دولة الإمارات بمبلغ 100 مليون دولار، داعياً جميع "الدول القادرة" للمساهمة في هذه الجهود، وتكريس روح التكاتف بين البشر.
أداة أساسية لتحقيق العدالة المناخية
وكذلك، رحب الأمين العام للأمم المتحدة، أنطونيو غوتيريش، بقرار تفعيل "صندوق الخسائر والأضرار"، في افتتاح مؤتمر (COP28)، كأداة أساسية لتحقيق العدالة المناخية، داعياً قادة العالم إلى تقديم مساهمات سخية، لتمويل الصندوق.
ووصف الأمين التنفيذي لاتفاقية الأمم المتحدة الإطارية بشأن تغير المناخ، سيمون ستيل، قرار إنشاء صندوق الخسائر والأضرار، بأنه يمنح قمة المناخ في دبي انطلاقة جيدة، داعياً الحكومات والمفاوضين إلى استغلال هذا الزخم، من أجل الدفع باتجاه المزيد من الإنجازات الواعدة.
وأشار مسؤولون دوليون وخبراء إلى أن إنشاء صندوق الخسائر والأضرار، ومساهمة الإمارات وعدد من الدول الأخرى، منها الولايات المتحدة الأمريكية وألمانيا وبريطانيا واليابان، يوضح قوة العلاقات الدبلوماسية والقيادة والتخطيط الناجح.
وقال دينيس فرانسيس، رئيس الدورة الثامنة والسبعين للجمعية العامة للأمم المتحدة، إن القرار يبعث برسالة قوية للمجتمع الدولي بضرورة العمل معًا لمواجهة تحديات تغير المناخ، وأضاف أن الصندوق سيساعد في معالجة الآثار المتزايدة لتغير المناخ على بعض الدول الأكثر تضرراً، بما في ذلك الدول الجزرية الصغيرة النامية، والدول النامية الواقعة في المناطق المدارية.
- اليوم الأول لـ(COP28).. 3 إنجازات تاريخية في قمة المناخ الأكبر عالميا
- سلطان الجابر: COP28 يسعى لإعادة بناء الثقة في مؤتمرات الأطراف
صندوق كوبنهاغن وشبكة سانتياغو
ومرت المفاوضات الخاصة بإنشاء صندوق الخسائر والأضرار بعدة محطات، نتيجة سلسلة من الأحداث المناخية المتطرفة، حصدت أرواح الآلاف من البشر، كما تسببت في تدمير العديد من المنشآت والبنى التحتية، بالإضافة إلى تهديد الأمن الغذائي.
وفي مؤتمر الأطراف بالعاصمة الدنماركية كوبنهاغن (COP15) في عام 2009، تم الاتفاق على أن تقدم الدول الغنية 100 مليار دولار سنوياً، بحلول عام 2020، لتلبية احتياجات البلدان النامية، كما تم الاتفاق على إنشاء صندوق كوبنهاغن الأخضر للمناخ، كإحدى الآليات التمويلية لدعم مشروعات التخفيف والتكيف وبناء القدرات ونقل وتطوير التكنولوجيا في الدول النامية.
وبعد 10 سنوات، وفي مؤتمر (COP15)، الذي عُقد بالعاصمة الإسبانية مدريد، بدلاً من العاصمة التشيلية سانتياغو، تم الاتفاق على إنشاء أول شبكة للخسائر والأضرار "شبكة سانتياغو"، لتجنب وتقليل ومعالجة الخسائر والأضرار المرتبطة بالآثار الضارة للمناخ، خاصةً في البلدان النامية.
aXA6IDMuMTM5LjIzNi45MyA= جزيرة ام اند امز