الهجمات الفردية ضد الإسرائيليين.. الاحتلال يعجز أمامها
الهجمات الفردية الفلسطينية تكشف عن ضعف وعجز الفصائل الفلسطينية وتصعب على الأمن الإسرائيلي اكتشافها وبالتالي منعها.
وصل عبد الرحمن بني فضل، 28 عاما، من شمالي الضفة الغربية وطعن حارس أمن إسرائيلي في أكثر مواقع القدس الشرقية انتشارا للأمن الإسرائيلي، أمس الأحد، ما أدى إلى مقتل الحارس.
كما استشهد منفذ عملية الطعن برصاص الشرطة الإسرائيلية الموجودة في المكان.
ووصل بني فضل، وهو أب لطفلين، من قرية عقربا قضاء نابلس إلى حي الواحد في القدس القديمة، ولم يعلن الاحتلال عن اعتقال أي مساعدين له فتم اعتبار هجومه فرديا.
ومنذ أوائل التسعينيات تمنع إسرائيل الفلسطينيين من سكان الضفة الغربية وقطاع غزة من الوصول إلى القدس إلا في حال الحصول على تصاريح نادرا ما يتم إصدارها.
وتفرض إسرائيل عقوبة السجن على الفلسطينيين الذين يدخلون القدس بدون تصاريح وتصادر سيارات الفلسطينيين المقدسيين الذين يساعدونهم في دخول المدينة.
وقبل هذا الهجوم بأقل من 24 ساعة قتل ضابط وجندي إسرائيليان وأصيب جنديان آخران في عملية دهس بالقرب من بلدة ريحان قضاء جنين في شمالي الضفة الغربية.
وأعلن الجيش الإسرائيلي اعتقال السائق وهو من قرية برطعة، شمالي الضفة الغربية، من دون أن تربطه بأي تنظيم سياسي أو اعتقال مساعدين.
ولم تسارع الفصائل الفلسطينية إلى تبني أي من الهجومين فيما لم تتمكن أجهزة الأمن الإسرائيلية من تبرير أسباب وقوع العمليتين ومن قبلهما عشرات الهجمات المشابهة.
وبات يصطلح على هذه الهجمات تعبير " الهجمات الفردية"، في إشارة إلى أن منفذيها لا ينتمون عادة إلى تنظيمات فلسطينية ويتحركون من تلقاء أنفسهم.
وتأخذ "العمليات الفردية" طابع هجمات الطعن أو الدهس ونادرا ما يتم استخدام أسلحة نارية لتنفيذها.
وقال راسم عبيدات، المحلل السياسي الفلسطيني، لـ"العين الإخبارية" إن العمليات الفردية هي "تعبير واضح عن حالة العجز في التنظيمات الفلسطينية".
وأضاف "في ظل حالة الانقسام الفلسطيني والتراشق الإعلامي ما بين التنظيمات فإن الشبان الفلسطينيين لا يجدون في هذه الفصائل الوعاء الحاضن لهم ويتجهون لتنفيذ الهجمات بشكل فردي".
وتابع "كما أنه من الواضح أن سقف الشبان هو أعلى من سقف التنظيمات".
لكن ثمة عامل آخر، فتجربة الشبان الفلسطينيين مع التنظيمات السياسية فيما يتعلق بالهجمات ليس مريحة.
وقال عبيدات: "الشبان يعتبرون أنه في إطار العمل المنظم فإن الهجمات غالبا ما يتم اكتشافها سريعا من خلال اعترافات بالتحقيق أو غيرها من الوسائل، وبالتالي فإنهم يعتقدون أن العمليات الفردية تشكل حماية ذاتية لهم".
في المحصلة النهائية فإن العمليات الفردية تصعب على أجهزة الأمن الإسرائيلية ليس فقط منعها مسبقا، وإنما أيضا تنفيذ اعتقالات لمساعدين للمهاجمين.
وقال عبيدات: "العمليات الفردية أخطر بكثير على إسرائيل من تلك المنظمة سواء قبل أو خلال أو بعد تنفيذ الهجمات، فالعملية يتم تنفيذها من قبل شخص واحد وهو قد يستشهد أو يعتقل".
وأضاف "في مثل هذا النوع من العمليات لا تستطيع أجهزة الأمن الإسرائيلية الحصول على معلومات مسبقة سيما إذا كان المهاجم ليس صاحب سجل أمني سابق".
وتابع عبيدات "مهما كانت القدرات الإسرائيلية فإنها لا تستطيع منع هذه العمليات خاصة وأن الحديث هو عن عمليات طعن أو دهس آنية قد تتم في أي مكان".
وعادة ما تلجأ الحكومة الإسرائيلية إلى معاقبة ذوي منفذ الهجمات وذلك بهدم منازلهم وسحب تصاريح العمل في إسرائيل من أقاربهم ومنع تسليم الجثامين وفي أحيان يتم فرض الحصار على القرى التي ينحدر منها المهاجمون.
ويرى هاني المصري، الخبير في الشؤون الإسرائيلية، أن الهجمات الفردية هي تعبير عن الحالة الفلسطينية برمتها.
وقال المصري لـ"العين الإخبارية" إن محرك هذه العمليات هو "حالة القهر واليأس" التي يعيشها الفلسطينيون نتيجة الممارسات الإسرائيلية من إغلاق وحصار واستيطان وقتل واعتقال وهدم للمنازل وغياب أي أفق لعملية سياسية قد تؤدي إلى حل بقيام دولة فلسطينية.
واضاف المصري أنه في المقابل فان للتنظيمات الفلسطينية لها حساباتها، فهي إما أن تكون تحت ضغط عدم تنفيذ هجمات أو أنها لا ترى في هذه الهجمات وسيلة ناجعة، وطالما أن الوضع كذلك فإن الشبان يلجأون إلى تنفيذ هجماتهم فرديا وبالتالي فإن هذه الهجمات الفردية هي تعبير عن حالة الفراغ التنظيمي.
لكن المصري استبعد بالمقابل أن تتحول هذه الهجمات الفردية إلى انتفاضة أو مواجهة شاملة في ظل المعطيات السياسية الحالية.
وقال المصري: "الظروف القائمة تنضج في تحرك شخص في عمل فردي ولكنني أستبعد أن تتحول إلى انتفاضة أو مواجهة شاملة، فالمواجهة الشاملة تحتاج إلى ظرف مختلف وإلى أمل بأن يؤدي التحرك إلى نتيجة سياسية ملموسة وقيادة جامعة ومستعدة لدفع ثمن المواجهة وهي عوامل غير متوفرة حاليا".
وطالما اشتكت الأجهزة الأمنية الإسرائيلية من عدم قدرتها على التحرك المسبق لوقف الهجمات باعتبارها هجمات فردية غير منظمة.
وتحاول أجهزة الأمن الإسرائيلية تعقب المهاجمين المحتملين من خلال متابعة مواقع التواصل الاجتماعي ولكنها لم تنجح حتى الآن.
aXA6IDE4LjExOC4xNDQuMTk5IA== جزيرة ام اند امز