متحف اللوفر أبوظبي.. جسر ثقافي يجسد شراكة وطيدة بين الإمارات وفرنسا
يعكس متحف اللوفر أبوظبي شراكة استثنائية بين فرنسا ودولة الإمارات في مجال الثقافة، وجسرا للفنون والتواصل الحضاري بين الشرق والغرب.
وجرى افتتاح المتحف الذي صممه المهندس المعماري الفرنسي جان نوفيل، في عام 2017، حيث أنشئ بموجب اتفاقية حكومية دولية عام 2007 بين باريس وأبوظبي.
ووصفت صحيفة "لوفيجارو" الفرنسية في عام 2018 "اللوفر أبوظبي" بأنه ملحمة روائية لا مثيل لها، مشيرة إلى الإنجاز الاستثنائي الذي حققته دولة الإمارات، لكي يخرج هذا المشروع الذي يربط بين ثقافة الشرق والغرب إلى النور.
وتبلغ مدة العقد "30 عاماً، تشتمل على تنظيم المعارض المؤقتة، والعلامة التجارية "اللوفر" بقيمة إجمالية مليار يورو"، وبلغ العدد الكلي لقطع المتحف، عند الافتتاح، نحو 600 قطعة، عرض منها 200 قطعة خلال الافتتاح، و5% فقط من العدد الإجمالي للمتحف بإجمالي 23 معرضا، مخصصين للفن المعاصر والحديث، والأجنحة الأخرى للمتحف تعكس تبادل الثقافات من خلال أعمال فنية من عصور ما قبل التاريخ.
وفي ديسمبر/ كانون الأول 2021 وقعت دائرة الثقافة والسياحة بأبوظبي، على تعديل للاتفاقية الحكومية بشأن متحف اللوفر أبوظبي، ينص على تمديد مدة الشراكة الثقافية بين متحف اللوفر الفرنسي ودائرة الثقافة والسياحة – أبوظبي لغاية عام 2047 تعزيزاً للتعاون الفني بين البلدين.
وحقق متحف اللوفر منذ افتتاحه قبل أكثر من 4 سنوات، العديد من الإنجازات، رغم التحديات التي فرضها تفشي جائحة كورونا عبر العالم، وما ترتب عليها من إغلاقات وتعطيل وتقليص للأنشطة الثقافية والفنية عبر العالم.
ويقدم متحف اللوفر أبوظبي نموذجاً جديداً للمتاحف ولرسالتها التي تقوم على خدمة الجمهور المحلي والعالمي على حد سواء، رغم أنَّ جذوره تعود إلى العاصمة الإماراتية.
ورسخت مشاريع المتحف وإنجازاته على مر السنين مكانته كجزء لا يتجزأ من مجتمع الإمارات ومَعلماً من معالم أبوظبي؛ ولأنَّه يرى كلّ تحدٍ كفرصة لابتكار جديد يناسب جميع الجماهير، كما لعب المتحف دوراً محورياً في تعزيز القطاع الثقافي، ولا سيما مع تغيّر العروضات الإبداعية والثقافية التي تقدمها أبوظبي.
وبرز المتحف كجهة رائدة في قطاع التعليم في الإمارات بفضل العديد من البرامج التي تدعم المعلمين وتوجّه الدعوة للطلاب للتفاعل مع الأعمال الفنّية، وتعمل على تدريب جيل جديد من الإماراتيين المتخصصين في المتاحف، من خلال توفير منصة تقدم تجارب لا مثيل لها، فضلاً عن برامج رائدة في البحوث.
ومن خلال الإصرار والابتكار، استطاع المتحف تجاوز العديد من الصعوبات التي واجهت جميع المتاحف خلال جائحة كورونا. ولا يزال المتحف ماضٍ قدماً، في مهمته لإشراك جميع الزوار، بأمان، في تسليط الضوء على قصص لقاء الحضارات.
ويتميّز متحف اللوفر أبوظبي عن غيره من المتاحف بنهجه العلمي الذي يروي قصص لقاء الحضارات، من خلال عرض مجموعة شبه دائمة من الأعمال الفنّية.
ونشأت فكرة متحف اللوفر أبوظبي انطلاقاً من رغبة إماراتية في رواية قصص لقاء الحضارات للعالم، من خلال متحف يجمع الأعمال الفنّية من مختلف العصور والحضارات. وأتاحت السنوات الأربعة الماضية للمتحف الفرصة لإقامة شراكات دائمة مع العديد من المؤسسات المرموقة، مما سهّل الحصول على قطع فنّية مُستعارة، يستكمل بها مجموعة مقتنياته.
كما افتتح متحف اللوفر أبوظبي في عام 2021 أحد مرافقه البحثية الرائدة وهو مركز المصادر الذي يتيح الفرصة للطلاب والباحثين والأساتذة والزوار لاستكشاف مجموعة مقتنيات المتحف والتعرف إليها.
كما يقدم مركز المصادر جميع المواد اللازمة لتوثيق مجموعة مقتنيات المتحف ودراستها وحفظها، ودعم المشاريع البحثية للمتحف في الوقت ذاته.
ومن خلال الموارد الرقمية وقاعدة بيانات الأعمال الفنّية الواسعة ومجموعة المكتبة التي تشهد نمواً مستمراً، والتي تشمل اليوم حوالي 5,000 كتاب حول مجموعة المتحف الفنّية وتاريخ الفن، يركز المركز على تبادل الفن وانتشاره، فضلاً عن تركيزه على تاريخ المجموعات الفنّية وجمع المقتنيات.
وجميع هذه الموارد متوفرة بالعربية والإنجليزية والفرنسية، وهي تتّبع نهجاً متعدد التخصصات في استكشاف الروابط الأنثروبولوجية والتاريخية والجمالية والفنية من منظور عالمي متعدد الثقافات.
وعقد متحف اللوفر أبوظبي شراكات متينة مع مؤسسات من جميع أنحاء المنطقة، تضمنت اتفاقيات للإعارة المتبادلة، لتسليط الضوء على تاريخ المنطقة وتراثها الغني.
وتعاون المتحف، منذ العام 2017، مع كبرى المتاحف والمؤسسات الإقليمية الرائدة، بما في ذلك المتحف الوطني في سلطنة عُمان، الذي أعار اللوفر أبوظبي أربعة أعمال فنّية تشمل كنزاً نقدياً يضم 389 درهماً فضياً من عهد الخلافة العباسية في العراق، ومبخرة نادرة على شكل صدفة تعود إلى الفترة ما بين القرنين الثاني عشر والرابع عشر، ووعاء وجرّة تم اكتشافهما في سيداما "الوقبة".
في المقابل، سيقوم متحف اللوفر أبوظبي بإعارة ستة خزفيات من إزنيق تعود للقرن السادس عشر من مجموعته الفنّية إلى المتحف الوطني العُماني؛ حيث سيتم عرض القطع الخزفية ذات الزخارف الجميلة في قاعة "عظمة الإسلام" اعتباراً من شهر ديسمبر/ كانون الأول 2021 وحتى شهر ديسمبر/ كانون الأول 2022، في معرض بعنوان "حدائق الجنة: لغة الأزهار في خزفيات إزنيق" الذي يستكشف مجموعة متنوعة من الزخارف المستوحاة من الأزهار، التي تم تصويرها بشكل طبيعي على الأعمال الفنّية، والتي تشكل نقطة تحول للفن العثماني ولإنتاج الخزفيات في القرن السادس عشر.
وإضافةً إلى الشركاء الإماراتيين، يتعاون المتحف مع شركاء إقليميين منهم دائرة الآثار العامة الأردنية ووزارة السياحة السعودية.
وعمل المتحف منذ افتتاحه على إشراك المجتمع المحلي، من الطلاب والفنانين وعشاق الفن والعائلات وكبار المواطنين والمقيمين ومواطني الإمارات وأصحاب الهمم وغيرهم، عبر توفير تجارب تعليمية هادفة تناسب جميع الأعمار.
وعلى امتداد السنوات الأربعة الماضية، عمل فريق المتحف على تصميم أكثر من 8,600 نشاط وبرنامج وتقديمها إلى 487,000 شخص، من بينهم أكثر من 100,000 طالب شاركوا في الأنشطة التعليمية في المتحف وعبر الموقع الإلكتروني.
مع الإشارة إلى أن أكثر من 80% منهم من الطلاب الإماراتيين في المدارس الحكومية. كما استقبل المتحف أكثر من 160 من كبار المواطنين، و400 من أصحاب الهمم، و40 يتيماً، و90 مريضاً، و7,500 معلم. ويوفّر المتحف أكثر من 40 مرشداً لتعزيز تجربة الزوار بأكثر من 19 لغة.
كما افتتح المتحف في عام 2021 معرضين عالميين بنجاح، وهما معرض "التجريد وفن الخط: نحو لغة عالمية" ومعرض "التنين والعنقاء – قرون من الإلهام بين الثقافتين الصينية والإسلامية"، كما أعاد افتتاح متحف الأطفال بمعرض تفاعلي بعنوان "مشاعري! مغامرة جديدة في عالم الفن".
وإلى جانب افتتاح المعارض العالمية على مدار العام، يتيح تغيير الأعمال الفنّية المعروضة في قاعات العرض، سواء المُستعارة أو المُقتناة، باستمرار، تجربة جديدة للزوار في كل زيارة، وروابط جديدة يستكشفونها بين الأعمال الفنية.
وتمت إضافة أكثر من 100 عمل فني جديد إلى قاعات العرض بمناسبة الذكرى السنوية الرابعة لتأسيس المتحف، كما استمر المتحف بتأدية دوره الريادي، لا سيما في ظل التغيّرات التي طرأت على المشهد الفنّي والثقافي في الإمارات.
وشهد عام 2021 تغيير الأعمال الفنّية المعروضة في قاعات العرض وعرض أعمال جديدة، منها المُقتناة ومنها المُستعارة، حيث تم عرض 56 عملاً فنياً جديداً من مقتنيات المتحف، بمناسبة الذكرى السنوية لافتتاحه. وتختلف أصول هذه القطع الفنّية من حيث الثقافة والمنطقة الجغرافية والعصور التي تنتمي إليها، وجميعها تم اختيارها بعناية لتتناسب مع الإطار السردي للمتحف.
كما يقدّم المتحف خلال العام الجاري لزواره 59 عملاً فنياً مستعاراً، في حوار مع القطع الفنّية الأخرى، حيث تزين الأعمال الفنّية الاستثنائية المستعارة من المتاحف الشريكة قاعات عرض المتحف.