"اللوفر أبوظبي".. أثر تاريخي معاصر في عيون المثقفين العرب
مثقفون عرب يرون أن اللوفر أبوظبي لوحة إماراتية مبهرة ورسالة عربية للعالم
استقبل المثقفون العرب افتتاح متحف اللوفر أبوظبي، بالترحاب الشديد، باعتبار أن المتاحف وما تقدمه أشبه بالإشعاع الثقافي الفكري الذي يضيء المعرفة للأجيال الحالية والمستقبلية، ويعمل على توارث القيم الإنسانية من خلال ما يعرضه من تنوع تراثي وفني، يستند إلى الماضي والحاضر البشري عبر العديد من السنوات، وينطوي على أفكار وخبرات واكتشافات صنعت أسساً وجذوراً للمجتمعات البشرية خلال قرون متعاقبة، يمتزج فيها الأثر التاريخي مع الطموح التقني.
ومن المؤكد أن النسخة الخاصة والاستثنائية من متحف اللوفر في العاصمة أبوظبي، سيجعل منها مدينة للسياحة الثقافية، من خلال ما يعرضه من مئات الأعمال الفنية التي تأمل في أن تجذب الزائرين في شتى أنحاء العالم، ليكون مركزاً للسلام والتسامح وقبول الآخر والتعلم، ويسهم في إحداث وهج واستثمار أفضل للإنسان المبدع على هذه الأرض.
وترصد بوابة "العين" الإخبارية، فيما يلي آراء مختلفة حول متحف اللوفر أبوظبي وما يعكسه من تمتع الدولة بثقافاتها المتنوعة، وما تشكله من نقطة التقاء بين دول العالم، كنموذج للربط بين مختلف الثقافات والتعايش بينهم.
يرى وزير الثقافة المصري الأسبق فاروق حسني الذي يحضر هذا الحدث المهم، بعد أن وُجهت له دعوة من قبل الشيخ عبدالله بن زايد آل نهيان، وزير الخارجية والتعاون الدولي، والدكتور أنور قرقاش، وزير الدولة للشؤون الخارجية، أن اهتمامه باللوفر أبوظبي يأتي امتداداً لعشقه متحف اللوفر في فرنسا، والتي قضى بها قرابة التسع سنوات عندما كان مديراً للمركز الثقافي المصري في باريس.
ويؤكد حسني أن متحف اللوفر أبوظبي سيؤدي إلى ثراء البرامج الفنية والثقافية في المنطقة، من خلال الإضاءة على الفروق المعرفية بين المدارس العالمية المختلفة، ويعد خطوة مهمة تختصر الجهد والزمن بالنسبة للمهتمين بالفن وعلم الآثار في الخليج والوطن العربي وجميع أنحاء العالم. وأن اختيار المكان والطراز الهندسي والتصميم الرائع للمتحف يعطي أهمية أكبر لهذا المعلم الثقافي الفريد الذي يربط بين الشرق والغرب.
ويشير حسني إلى أن اللوفر أبوظبي تجاوز قيمته كمفهوم للمتحف التقليدي، ويمكن النظر إليه كمركز إشعاع حضاري يعبر عن هوية سياحية ثقافية تليق بالعاصمة الإماراتية.
بينما يعبر الروائي والأكاديمي الجزائري واسيني الأعرج، خلال تواجده حالياً ضمن فعاليات معرض الشارقة الدولي للكتاب، أن المتحف من أهم المشاريع الثقافية، وسيكون منارة تواكب مثيلاتها عالمياً في الاكتشاف والتلاقي والتعليم، ورصد مسيرة تطور الفن في مختلف الحضارات حول العالم، وبما يحتويه من مقتنيات فريدة تعود إلى حقب تاريخية مختلفة، تؤدي إلى تبادل الأفكار والحوار الإنساني الذي نفتقده في زحمة تطور تكنولوجيا العصر، وهو يعد بالفعل أول متحف عالمي في الوطن العربي يترجم روح الانفتاح والحوار بين الثقافات.
ويعلق الكاتب والشاعر الفلسطيني سميح مسعود، والذي يشغل حالياً منصب مدير المركز الكندي لدراسات الشـرق الأوسط في مونتريال، قائلاً: "يعتبر المتحف صرحاً فنياً كبيرأ يمثل عصراً جديداً في عالم المتاحف، وهو إضافة ثقافية وفنية للمنطقة، ويشكل رصيداً حضارياً يضاف إلى الإمارات ويؤكد رعايتها لجميع الفنون، ويعطي أيضاً انطباعاً حول تطور الثقافات ضمن بيئة لها تأثيراتها الخارجية في تبادل الأفكار والاتجاهات والمعارف، وسيجعل من العاصمة الإمارتية مقصداً فنياً وثقافياً وحضارياً لمختلف الجنسيات من جميع أنحاء العالم".
وتقول الشاعرة العراقية المقيمة في الإمارات ساجدة الموسوي إن تشييد أبوظبي لهذا المتحف يعد بمثابة حلقة وصل بين الفن الشرقي والغربي، ويرسخ مكانتها على خريطة العالم كنموذج يحتذى في التسامح واحترام الآخر، وأيضاً كوجهة سياحية ثقافية رائدة، تنضم إلى أهم المعالم الرئيسية للعاصمة أبوظبي، كمنارة لإبراز الأوجه التي تتلاقى فيها التجارب الإبداعية الإنسانية.
ويعتبر المُؤرخ والأديب والشاعر السعودي علي إبراهيم سلمان الدرورة، أن كل متحف يضاف إلى المعارض والمتاحف، مؤسسة قائمة بذاتها من أجل الرقي الإنساني لكل شعوب العالم وليس فقط من هم على أرض الإمارات، وخدمة إنسانية جليلة يسعى القائمون عليها لتحقيق الهدف الأسمى وهو إشاعة وهج الفنون الإنسانية، واستكشاف سماتها الفريدة ومعانيها بأسلوب تحليلي، يعتمد على التاريخ الغني للتحف الأثرية والأعمال الفنية المعروضة.
ويضيف الدرورة، يأتي المتحف كصرحٍ ثقافي فني عظيم يمد جسور التواصل والمعرفة مع العالم، مما يجعله حدثاً فريداً ومعلماً ثقافيا بارزاً، في تناغم ثقافي وحضاري وإنساني. ومما لا شك فيه أنه سيكون وجهةً دائمة للزوار والسياح، حيث اجتمعت به عناصر الفن والإبداع والحداثة، وسيمثل نقلة كبيرة، وسيكون مصدر فخر واعتزازاً للعرب.
ويرى الروائي السوداني مهند رجب الدابي، أن اللوفر أبوظبي يعتبر تجمعاً للثقافة ورسالة تواصل بين شعوب العالم على أرض الإمارات، وعلامة فارقة بين المتاحف العالمية في القرن الواحد والعشرين، ودليل على الرغبة القوية للانفتاح على مختلف الثقافات، وهو فكرة غير مسبوقة في المنطقة، وإنجازاً حضارياً مهماً كونه يعرض التاريخ والفن كما يأخذنا بعيداً في حضارات الماضي ويرسم لنا رؤى مستقبلية لكل ما هو مقبل. ويعد ديوان حفظ للذاكرة الإنسانية، ضد الجهل والتطرف وتدمير الحضارة والثقافة والآثار الذي عانت وتعاني منه المنطقة العربية بشكل خاص.