لافتات الغزل بشوارع مصر.. حب في زمن الفيس بوك
وسائل التعبير عن مشاعر الحب بين المحبين تطورت بتطور وسائل التواصل والاتصال عبر الأزمنة المختلفة في مصر.
وسائل التعبير عن مشاعر الحب بين المحبين تطورت بتطور وسائل التواصل والاتصال عبر الأزمنة المختلفة على مستوى العالم، وفي مصر تطورت هذه الطرق على مدار حقبات زمنية مختلفة، وكعادة المصريين أضافوا لمسات مختلفة على هذه الوسائل ببعض الابتكارات.
وقديماً خلال الخمسينات والستينيات، الفترات التي اتسم فيها المجتمع المصري ببعض العادات القديمة والتحفظ في السلوكيات، كان المحبوبان يكتفيان بكتابة عبارات خجولة وبكلمات متحفظة للتعبير عن حبهم في خطابات مغلقة، خوفاً من وصولها لأسرهم.
ولكن ومع انفتاح المجتمع المصري اقتصادياً في حقبة السبعينيات، تغير المفهوم الاجتماعي لمعنى الحب وطرق التعبير عنه، للتحول المفاهيم وتصبح أكثر جرأة مقارنة بالفترات والحقبات الزمنية السابقة، لتأخذ الخطابات الغرامية شكل مختلف في طرق الكتابة وطرق إرسالها، فضلاً عن الاستعانة بالهاتف كطريقة للتواصل بين المحبوبين.
بينما في فترة الثمانينات، انشغل المجتمع في أمور وقضايا اجتماعية واقتصادية صعبة، وهي مرحلة بناء المجتمع ما بعد الحرب، لتعود معاني الحب وطرق التعبير إلى مرحلة التحفظ والخجل في العبارات المستخدمة بالخطابات.
ومع تطور الحياة ووسائل التواصل من الهواتف الأرضية إلى الهواتف المحمولة، أصبح مفهوم الحب وطرق التعبير عن المشاعر أكثر جرأة وتنوع، ومنذ التسعينيات وحتى الآن وضحت ظواهر مختلفة وقواسم مشتركة بين أبناء كل جيل، لتختفي الخطابات البريدية تماماً وتحل رسائل الهاتف المحمول بدلاً منها، لينتقل فيما بعد إلى مرحلة الرسائل الصوتية والمكالمات عبر الهاتف المحمول.
وخلال السنوات الـ 5 الماضية، ومع بروز دور وسائل التواصل الاجتماعي، من "فيس بوك، تويتر، أنستقرام، واتساب" التطبيقات الأكثر استخداماً في المراسلة، انطلقت طرق التعبير عن مشاعر الحب في اتجاه آخر، لتصبح الفترة التي وصفها أساتذة الاجتماع بـ المرحلة "الأكثر جرأة"، مناسبة لظهور تقاليع مختلفة، كان أبرزها في السنوات الأخيرة ظهور لافتات كثيرة بالشوارع المصرية، على اختلاف طبقاتها ومستوياتها، يعلن فيها الشباب والفتيات مشاعر الحب بشكل علني وأمام الجميع، لتثير حالة من الجدل في الشارع المصري.
دلائل التغيير
وعن هذه الحالة التي شوهدت في الفترة الأخيرة، يقول رشاد عبد اللطيف، أستاذ التنظيم المجتمعي بجامعة حلوان: "إن ظهور لافتات وسط الشوارع يعلن فيها المحبوب عن حبه، هي ليست بظاهرة، إنما حالة فكرية جديدة تدعمها مجموعة صغيرة"، واصفاً هذه الحالة بـ " الفقاقيع" التي توضح قصور واضح في شخصية الجيل الحالي.
ويقسم عبد اللطيف، في حديثه مع بوابة " العين" الإخبارية، الشباب المهتمين باستخدام هذه الطرق، إلى 3 أنواع، النوع الأول يعتبره ضعيف الشخص لا يمتلك القدرة على مواجهة الطرف الآخر، لذا يلجأ لطريقة غير مباشرة، خاصة وأنه يعتبر أن الحب هي علاقة خاصة جداً بين طرفين، وإذا تخطت بند الخصوصية إلى العمومية، افتقدت عنصر هام للغاية في تكوينها.
أما النوع الثاني وصفه بـ "المراهقين فكرياً"، ففي بعض الأحيان يلجأ بعض الشباب أكثر من الفتيات لاستخدام وسيلة أكثر جرأة لجذب الطرف الآخر، دون وجود دافع حقيقي لهذ الحب، مدللًا على هذا الأمر باستخدام البعض عبارات وألفاظ غير لائقة، أو الاستعانة بأسماء مستعارة وهمية.
بينما كان النوع الثالث من وجهة نظر أستاذ التنظيم المجتمعي، هو مجرد شباب باحث عن الشهرة وسط انتشار وسائل التواصل الاجتماعي، وقدرتها على تداول الوقائع الغريبة، فيكتسب شهرة ويحقق له رغبة التواجد في مجتمعه الصغير.
واعتبر عبد اللطيف أن هذه الممارسات من الجيل الحالي هي نتاج ظروف اقتصادية واجتماعية صعبة، فنتيجة الضغوط الاقتصادية وصعوبة الحياة بشكل عام، وتفكك بعض الأسر وتخليها عن دورها الاجتماعي والاقتصادي نحو أبنائهم، جعل وسائل التواصل الاجتماعي وفي مقدمتهم " فيس بوك" هو طريق للإزاحة عن النفس.
وفي الوقت نفسه، لم يجد عبد اللطيف أن هذه الحالة المنتشرة تدعو للقلق، بل هي فقط رسالة تحذير للآباء والأسر لمراقبة متطلبات وظروف هؤلاء الشباب.
لافتات بشوارع مصر
وخلال عامين 2014- 2015، انتشرت هذه اللافتات في شوارع مدينة المنصورة، الواقعة شمال شرق مصر، لتظهر لافتة تداولها رواد مواقع التواصل الاجتماعي وقتها، تحمل عبارة "كل سنة وأنت طيب وأرق زوج.. عقبال سنين كتيرة، بحبك" ليتبين أن اللافتة كتبتها سيدة لزوجها بمناسبة عيد ميلاده.
بينما انتشرت لافتة ثانية "زوجتي الحبيبة.. كل سنة وإنتي حبيبتي" لتشير العبارة إلى أن الزوج يحتفل بمناسبة خاصة موجهاً لزوجته هذه العبارة، بينما أعلن شاب مصري طلبه للزواج من محبوبتها في لافتة، قائلًا “كل سنة وإنتي طيبة يا قلبي، ربنا يقدرني وأسعدك". وفي 2016 تداول رواد "فيس بوك"، لافتة "بحبك يا هانيا" التي زعموا أنها كانت بإحدى أحياء القاهرة القديمة.
بينما أثار انتشار هذه اللافتات بشوارع الصعيد، وتحديداً بمحافظة المنيا، تعجب كثيرون، خاصة وأن هذه المجتمعات تتميز ببعض العادات والتقاليد، التي تتنافي مع هذه الحالة، ليقرر شاب طباعة لافتة كبيرة بإحدى الشوارع، يعبر فيها عن حبه.