خطاب ماكرون يثير انقسامات في صفوف "السترات الصفراء"
خطاب الرئيس الفرنسي أثار ردود أفعال متباينة بين السياسيين وانقسامات بين متظاهري "السترات الصفراء".
أظهرت وسائل إعلام فرنسية تباين ردود فعل الشارع الفرنسي على الإجراءات التي أعلنها الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون خلال خطابه الإثنين، كمحاولة لتهدئة احتجاجات "السترات الصفراء" التي تجتاح البلاد منذ نحو 4 أسابيع.
- "السترات الصفراء" تواصل التصعيد.. والحكومة الفرنسية تدعو لحوار جديد
- طيف ألوان الاحتجاجات يجتاح فرنسا ليس آخره "السترات الصفراء"
وتباينت ردود أفعال السياسيين الفرنسيين حول جدوى الخطاب، فيما أثار حديث ماكرون انقسامات في صفوف متظاهري "السترات الصفراء"، يراه البعض "بادرة إيجابية"، أما آخرون فاعتبروه "غير مقنع"، داعين إلى احتجاج جديد في الأسبوع الخامس.
انقسامات "السترات الصفراء"
وفي أول رد فعل أصدرت حركة "السترات الصفراء" بيانا على مواقع التواصل الاجتماعي أعلنت فيه عدم اقتناعها بالإجراءات التي أعلنها ماكرون، ووصفتها بأنها "عار وإهانة".
وذكرت مجلة "لوبوان" الفرنسية أن محتجي "السترات الصفراء" وصفوا خطاب ماكرون بـ"الحفلة التنكرية"، حيث نقلت شهادات المتظاهرين، لأن بعضهم رأى تلك الوعود بأنها "غير كافية" أو "غير كاملة" لإيقاف التحركات الاحتجاجية التي لها مطالب متنوعة ومتعددة.
بينما قال متظاهر في مدينة مونسو لومين، ويدعى بيار جاييل، إن "ماكرون لم يعِ حجم ما يحدث"، مشيراً إلى أن "إعلان ماكرون يكشف استهجانه وأنه لا يبالي بنا".
في حين وصفها المتظاهرون في مدن مارسيليا ورين وبولو على الحدود الفرنسية الإسبانية بأنها "حفلة تنكرية" للسخرية من المتظاهرين، معربين عن غضبهم، وداعين إلى الأسبوع الخامس للمظاهرات، وقال أحدهم ويدعى جيتان (34 عاما) إن "الخطاب فيلم سينمائي"، كما أعلن المتظاهرون إغلاق حدودهم مع إسبانيا.
في المقابل، رأى أحد المتحدثين باسم "السترات الصفراء" في مدينة رين غرب فرنسا أن "هذه المرة هناك بالفعل تقدم، بينما كان ماكرون يمضي في الكلام كانت ابتسامتي تزداد اتساعاً".
بدورها، دعت جاكلين مورود إحدى القياديات البارزات للحركة في تصريحات لمحطة "إل سي إي" الفرنسية إلى "الهدنة"، مشيرة إلى أن "هناك تقدما، وبابا مفتوحا للحوار".
وتابعت مورود: "الآن نحن بحاجة إلى الخروج من هذه الأزمة، ولا يمكن عدم تمضية بقية حياتنا في الاحتجاجات"، مضيفة: "حان الوقت للخروج الذكي من تلك الأزمة".
رضا الفرنسيين
على صعيد متصل، أظهر استطلاع أجراه معهد "أوبنيون واي" لصالح محطة "إل سي إي" أن 54% من الفرنسيين يرون ضرورة وقف احتجاجات "السترات الصفراء" بعد خطاب ماكرون، كما يرى أكثر من 72% من الفرنسيين أن الإجراءات التي أعلنها ماكرون جيدة.
وأجري الاستطلاع على عينة قوامها 991 فرنسيا مما تتراوح أعمارهم 18 عاماً فأكثر.
المعارضة تسخر
بدورها سخرت المعارضة السياسية من التدابير التي أعلنها ماكرون، حيث اعتبر زعيم حركة "فرنسا الأبية" جون لوك ميلانشون الخطاب أنه "عديم الجدوى".
وقال، خلال مؤتمر صحفي بالبرلمان، إن "ماكرون اعتقد أن توزيع النقود يمكن أن يهدئ تمرد المواطنين الذي اندلع"، داعيا إلى خروج مظاهرات "السترات الصفراء" السبت المقبل للأسبوع الخامس، واعدا بأنها ستشهد تعبئة كبيرة.
من ناحيتها، قالت زعيمة اليمين الفرنسي المتطرف مارين لوبان، إن "في مواجهة الاحتجاجات حاول ماكرون أن يصلح جزءا فقط من أخطائه فيما يتعلق بالضرائب، وهذا أمر جيد، ولكنه يرفض الاعتراف بأن النموذج الذي تبناه قد انتهى".
وتابعت لوبان: "ما فعله إجراء للقفز على نحو أفضل".
في المقابل، رحب جيوم بلتيير نائب رئيس حزب الجمهوريين بالخطاب قائلاً: "إنه يشعر بارتياح من هذه التصريحات"، مضيفاً أن "ماكرون لم يكن أفضل بهذه الصورة من قبل، إذ تصرف عكس تماماً ما فعله خلال الأشهر الثمانية عشر الأخيرة الماضية".
وتابع: "ما حدث هذه الليلة يعد انتصارا للطبقات المتوسطة على الأراضي الفرنسية وأيضا لفرنسا المنسية".
تداعيات الإجراءات المعلنة
وعقب خطاب ماكرون أعلن قصر الإليزيه أن الرئيس الفرنسي يلتقي ممثلي البنوك وكبريات الشركات خلال يومي الثلاثاء والأربعاء، ليطلب منهم "المشاركة في الجهد الجماعي" لمواجهة الأزمة الناجمة عن احتجاجات "السترات الصفراء".
من جانبه، قال وزير العمل موريل بينيكارد إن "الحكومة سوف تعيد استعراض ميزانية عام 2019، لتمويل 10 مليارات يورو اللازمة للتدابير التي أعلنها الرئيس الفرنسي".
بدوره، أعلن رئيس البرلمان ريتشارد فيران أن "تمويل الإجراءات التي أعلنها ماكرون سيؤدي إلى اتساع نطاق العجز في الميزانية".
ماذا تريد الحركة؟
وردت حركة "السترات الصفراء" على خطاب الرئيس الفرنسي بتقديم بيان من المتحدثين باسمها إلى وسائل الإعلام تضمن نحو 40 مطلباً.
وجاءت أبرز هذه المطالب: زيادة الحد الأدنى للأجور 1300 يورو صافية بعد اقتطاع الضرائب، وألا يكون هناك فرنسي بلا مأوى أو منزل ثابت، وإلغاء ضريبة الدخل التصاعدية، وإنشاء أكشاك تجارية صغيرة في القرى ومراكز المدن، وعمل مواقف للسيارات مجاني في مراكز المدن.
كما طالبت حركة "السترات الصفراء" بألا تتساوى الشركات الكبيرة في دفع الضرائب مع الشركات الصغيرة، مطالبين بأن تدفع "ماكدونالدز، وجوجل، وكارفور، وأمازون" الكثير، فيما يدفع "صغار الحرفيين وأصحاب المشروعات الصغيرة" القليل.
ومن بين المطالب الـ40 أيضاً: إعداد خطة كبيرة لعزل السكن ومنع التكدس، وتطبيق التأمين الاجتماعي على الجميع، وتوحيد نظام التقاعد ووضع نهاية لارتفاع الضرائب على الوقود.