فرنسا تعترف بالمشاركة في إبادة التوتسي برواندا
وعد الرئيسان الفرنسي والرواندي باستئناف العلاقات بين بلديهما بعد اعتراف إيمانويل ماكرون "بمسؤوليات" باريس في حملة إبادة التوتسي.
وقال ماكرون الخميس في كيغالي "بوقوفي بجانيكم اليوم بتواضع واحترام، جئت للاعتراف بمسؤولياتنا"، مؤكدا في الوقت نفسه أن فرنسا "لم تكن شريكة" في الإبادة التي أوقعت أكثر من 800 ألف قتيل.
ورحب الرئيس الرواندي بول كاغامي بخطاب ماكرون خلال مؤتمر صحفي مشترك، معتبرا أنه ينم عن "شجاعة هائلة" و"أهم من اعتذار".
غير أن إيجيدي نكورانغا رئيس المنظمة الكبرى للناجين من الإبادة "إيبوكا" أبدى أسفه لعدم قيام ماكرون بـ"تقديم اعتذارات واضحة باسم الدولة الفرنسية" أو "طلب الصفح". لكنه رأى في الوقت نفسه أن الرئيس الفرنسي "حاول فعلا توضيح الإبادة ومسؤولية فرنسا. وهذا مهم جدا، إذ يثبت أنه يفهمنا".
وبرر إيمانويل ماكرون موقفه بالقول إن "الاعتذارات" التي يرغب فيها سياسيون فرنسيون أيضا "ليست مناسبة" وأنه يفضل "الاعتراف بالوقائع". وأضاف أنه بالنسبة للصفح ف"لست أنا من أمنحه".
وألقى ماكرون كلمته التي كانت تنتظر ترقبا كبيرا في مستهل زيارته الأولى إلى رواندا، بعدما توجه إلى نصب الإبادة الجماعية على أحد تلال كيغالي، حيث يرقد رفات 250 ألف شخص من أصل أكثر من 800 ألف قتلوا في الإبادة. وقال أنه يأمل أن يتمكن "الذين عبروا الليل" من أن "يغفروا لنا".
وأعرب عن أسفه لأن فرنسا "فضلت لزمن طويل الصمت على النظر إلى الحقيقة".
كان الهدف المعلن لإيمانويل ماكرون "استكمال" تطبيع العلاقات مع رواندا بعد "27 عامًا من المسافة المريرة، من عدم الفهم والمحاولات الصادقة ولكن الفاشلة للتقارب".
وسبق أن أقر الرئيس الأسبق نيكولا ساركوزي، أول رئيس فرنسي زار كيغالي منذ الإبادة الجماعية، بـ"أخطاء جسيمة" و"نوع من التعامي" من جانب السلطات الفرنسية، كانت لهما "عواقب مأسوية تماما".
غير أن ماكرون أشار إلى أن فرنسا "لم تكن متواطئة" مع مرتكبي الإبادة، وهو ما أكده تقرير أُعد تحت إشراف المؤرخ فينسان دوكلير وصدر في مارس/ آذار.
وقال ماكرون "القتلة الذين كانوا يسكنون المستنقعات والتلال والكنائس لم يكن لهم وجه فرنسا، الدماء التي أريقت لم تكن عارا على أسلحة ولا أيدي جنودها الذين شاهدوا هم أيضا بعيونهم الفظائع التي لا توصف، وضمدوا الجروح وكبتوا دموعهم".
لكنه تابع "في اليوم التالي، بعدما وجد مسؤولون فرنسيون الوضوح والشجاعة لتوصيف ما جرى بالإبادة، لم تحسن فرنسا استخلاص النتائج المناسبة".
وكانت مسألة دور فرنسا قبل وخلال الإبادة الجماعية التي أوقعت أكثر من 800 ألف قتيل غالبيتهم الكبرى من التوتسي بين أبريل/ نيسان يوليو/ تموز 1994 بحسب الأمم المتحدة، موضع خلاف كبير على مدى سنوات بين البلدين، قادت إلى قطع العلاقات الدبلوماسية بينهما بين 2006 و2009.
لكن الأمور أخذت تتحسن مع بداية ولاية ماكرون الذي باشر سلسلة من المبادرات للخروج من الأزمة، وآخرها صدور تقرير دوكليري الذي خلص إلى "المسؤوليات الجسيمة والمروعة" لفرنسا و"تعامي" الرئيس الاشتراكي حينذاك فرنسوا ميتران ومحيطه حيال جنوح حكومة الهوتو المدعومة آنذاك من باريس، إلى العنصرية والإبادة الجماعية.