ماكرون في «جزيرة الثروات».. قبضة أخرى في حلبة صراع صيني أمريكي روسي

يعتقد خبراء وسياسيون فرنسيون أن زيارة الرئيس إيمانويل ماكرون لجزيرة مايوت الفرنسية في المحيط الهادئ، محاولة لتثبيت نفوذ بلاده في حلبة لصراع القوى الكبرى.
وجزيرة مايوت، وهي مقاطعة فرنسية فقيرة، تحظى باهتمام عالمي، وتتنازع عليها الولايات المتحدة والصين وروسيا، بالنظر إلى الثروات المحتملة من المعادن النادرة في أراضيها وموقعها الاستراتيجي.
والسبب المعلن لزيارة ماكرون هو دعم الجزيرة في إعادة الإعمار بعد تعرضها لإعصار مدمر.
لكن رومان مالياك، الباحث السياسي من معهد العلاقات الدولية والاستراتيجية الفرنسية، رأى أن الزيارة تحمل أبعادًا جيوسياسية تتجاوز السياق الإنساني، فجزيرة مايوت، التي تقع في قلب المحيط الهندي، أصبحت محط أنظار بسبب أهميتها العسكرية والاقتصادية، خاصة مع تصاعد التدريبات العسكرية الروسية في المنطقة، وتوسع المشاريع الصينية، وعودة الاهتمام الأمريكي بجزر الجنوب.
وأضاف مالياك لـ"العين الإخبارية" أن "مايوت تقع في قلب لعبة جيوسياسية معقدة، إذ تتقاطع فيها مصالح واشنطن وموسكو وبكين، ما يجعل أي تحرك فرنسي هناك ليس فقط إنسانيًا بل أيضًا ذا طابع استراتيجي وأمني".
من جانبه، قال جيوم فوريه، المحلل السياسي في مركز دراسات الأقاليم الفرنسية فيما وراء البحار، لـ"العين الإخبارية"، إن "الزيارة تُظهر رغبة باريس في الحفاظ على موطئ قدمها الاستراتيجي في المحيط الهندي، في وقت تتسارع فيه التحركات الروسية والصينية في المنطقة".
وأضاف أن "منطقة جنوب غرب المحيط الهندي تُعد اليوم نقطة التقاء استراتيجي، فمن جهة تقوم روسيا بإجراء تدريبات بحرية وجوية في مدغشقر والمياه الإقليمية القريبة، بينما توسع الصين استثماراتها البحرية والبنية التحتية عبر مبادرة الحزام والطريق، وتقيم الولايات المتحدة شراكات أمنية جديدة في موريشيوس وجزر القمر".
ومبادرة "الحزام والطريق" هي مشروع تنموي ضخم أطلقته الصين في عام 2013 بهدف تعزيز التعاون الاقتصادي والتجاري بين آسيا وأفريقيا وأوروبا. تستلهم المبادرة "طريق الحرير" التاريخي، وتسعى إلى تطوير شبكة من البنى التحتية، تشمل الطرق والسكك الحديدية والموانئ والمجمعات الصناعية، لربط الصين بالعالم.
كما اعتبر فوريه أن هذه التطورات، وفقًا للباحثين، تجعل من زيارة ماكرون جزءًا من سياسة "إعادة التمركز الفرنسي فيما وراء البحار، ضمن محاولة لاحتواء المد الجيوسياسي للدول الكبرى".
ووصل ماكرون إلى جزيرة مايوت، صباح الإثنين، في مستهل جولة تمتد خمسة أيام في منطقة جنوب غرب المحيط الهندي، تشمل أيضًا لا ريونيون ومدغشقر وموريشيوس.
وفي تصريح له من العاصمة مامودزو، قال ماكرون: "أود أن أحيي قوة وصمود شعب مايوت"، وذلك بعد مرور أربعة أشهر على الإعصار المدمر "شيدو"، الذي خلّف دمارًا واسعًا ما زال سكان الجزيرة يعانون من تبعاته حتى اليوم.
ورغم الجهود الطارئة التي بُذلت لإعادة خدمات المياه والكهرباء والاتصالات، لا تزال مشاريع الإعمار الكبرى معلقة، وسط استياء شعبي كبير من بطء التحركات الحكومية، بحسب ما نقلته وسائل إعلام فرنسية.
ويأتي ماكرون هذه المرة مصحوبًا بمشروع قانون يُعرف بـ"إعادة تأسيس الأرخبيل"، يتضمن تشديدًا في شروط منح الإقامة، وتوسيعًا لمساعدة العودة الطوعية، إضافة إلى إجراءات صارمة ضد السكن غير القانوني وتجارة السلاح في منطقة تعاني من انعدام الأمن بشكل متزايد.
واقتصاديًا، يقترح المشروع تحويل مايوت إلى "منطقة حرة شاملة"، مع إعفاءات ضريبية كاملة على كافة الأنشطة، بهدف إنعاش الاقتصاد المحلي الذي يواجه بطالة تجاوزت 37%، ومستوى معيشة يُعد الأضعف في فرنسا.
aXA6IDMuMjIuMjQyLjIxNCA= جزيرة ام اند امز