انفتاح ماكرون على سوريا.. إعادة تموضع في مشهد معقد أم رسالة للداخل؟

بلغة محايدة، حاول الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون، صياغة سياسة جديدة لبلاده «تعكس تحولاً محسوبًا تجاه الأزمة السورية وتسعى لإعادة تموضع باريس في المشهد الإقليمي المعقّد».
هكذا رأى خبراء سياسيون فرنسيون متخصصون في الشأن السوري، تصريحات الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون خلال لقائه الرئيس السوري أحمد الشرع، التي قالوا إنها محاولة من ماكرون، للخروج من ثنائية «النظام مقابل المعارضة»، واعتماد نهج أكثر «احتواءً»، يكون السوريون في القلب منه، بصرف النظر عن انتماءاته السياسية أو الطائفية.
وكان ماكرون شدد خلال لقائه الرئيس السوري، على ضرورة «حماية جميع السوريين، بكافة اتجاهاتهم وانتماءاتهم السياسية والدينية»، في عبارة حملت في طياتها رسائل متعددة الأبعاد، سياسية وأخلاقية في آنٍ معًا، لا سيما في توقيتها وسياقها.
وبينما أكد ضرورة «ملاحقة ومحاكمة مرتكبي» أعمال العنف ضدّ الدروز في مايو/أيار الجاري، و«مرتكبي المجازر» بحق العلويين في مارس/آذار الماضي، رد الشرع قائلا إن «سلامة المواطنين السوريين هي أولويتنا القصوى، وقد أكدنا ذلك للرئيس ماكرون اليوم».
رسالة مزدوجة
ويقول الخبير الفرنسي في السياسات الشرق أوسطية جان كريستوف نوفال، والباحث في معهد العلاقات الدولية والاستراتيجية IRIS في حديث لـ«العين الإخبارية»: إن ماكرون «بهذه العبارة يوجه رسالة مزدوجة: داخليًا، بالالتزام بخطاب حقوق الإنسان الشامل، دون تمييز بين الطوائف أو الفصائل. وخارجيًا، بإرسال بإشارة إلى الحكومة الانتقالية السورية وأنصارها من تركيا، مفادها أن فرنسا لم تعد ترى الصراع السوري بصيغة أبيض وأسود».
نوفال، أضاف: «العبارة تحمل أيضًا تلميحًا إلى القلق الفرنسي من استمرار التهميش الذي يتعرض له بعض مكونات الشعب السوري، سواء من أنصار النظام السابق، او الحالي أو الأكراد»، مشيراً إلى أن ماكرون يحاول أن يتموضع كراعٍ محايد لحل شامل، لا كطرف منحاز».
وتابع: «رسالة ماكرون هي اعتماد نهج أكثر احتواءً، يضع المواطن السوري في قلب الاهتمام، بصرف النظر عن انتماءاته السياسية أو الطائفية».
فيما يرى فريدريك بيشون، الباحث المتخصص في الشأن السوري، أن لقاء ماكرون مع الشرع «يعكس تحولًا في السياسة الفرنسية تجاه سوريا»، مشيرًا إلى أن الرئيس الفرنسي سعى من خلال هذا اللقاء إلى «لعب دور الوسيط في إعادة إعمار سوريا، خاصة في ظل تراجع الدور الأمريكي بالمنطقة».
ويعتبر بيشون في حديث لـ«العين الإخبارية»، أن فرنسا التي تحاول استغلال الفراغ الدبلوماسي لتعزيز نفوذها، اتخذت خطوة نحو الانفتاح الدبلوماسي، لكن ذلك قد يكون على حساب مبادئها وقيمها.
ويرى الباحث المتخصص في الشأن السوري، أن «هذا اللقاء قد يكون خطوة نحو إعادة بناء العلاقات مع سوريا»، محذرا «من تجاهل ماضي الشرع المرتبط بجماعات متطرفة، مما قد يثير تساؤلات حول مصداقية فرنسا في مكافحة الإرهاب».
هل يمكن أن توازن فرنسا؟
وتابع: «يبقى السؤال المطروح: هل يمكن لفرنسا أن توازن بين مصالحها الاستراتيجية ومبادئها الأخلاقية في تعاملها مع الملف السوري؟».
إلا أن المؤرخ والمتخصص في الشرق الأوسط جان بيير فيليو رأى في حديث لـ«العين الإخبارية» أن «هذا اللقاء سيرتد سلبًا على صورة باريس»، مضيفًا: «ماكرون يغامر بشرعيته السياسية داخليًا، ويضعف الموقف الأخلاقي لفرنسا خارجيًا»، على حد قوله.
aXA6IDMuMjIuMTk0LjIyNCA= جزيرة ام اند امز