أكاديمي أمريكي: ماكرون يرسم مستقبل مواجهة أوروبا للإرهاب
الكاتب أكد أنه رغم ضعف التدابير التي أعلنها الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون، فإن خطابه مهم لأنه يوضح وجهة النقاش بأوروبا لمواجهة الإرهاب
اعتبر أكاديمي أمريكي أن استراتيجية الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون الجديدة للتصدي لأيديولوجيات تنظيم "الإخوان" الإرهابي، وغيره من الجماعات المتطرفة ترسم مستقبل مواجهة أوروبا للإرهاب.
وقال لورينزو فيدينو، وهو مدير برنامج التطرف في جامعة "جورج واشنطن" في مقال نشرته مجلة "فورين بوليسي" الأمريكية، إن ماكرون أطلق استراتيجية حكومته ضد التطرف في خطاب تاريخي بمدينة ميلوز شرقي البلاد في 18 فبراير/شباط، قال فيه: "يجب ألا نقبل أبدا بأن تسبق القوانين الدينية قوانين الجمهورية".
وشدد ماكرون في خطابه على أن "الانفصالية تتعارض مع الحرية والمساواة، وتتعارض مع عدم قابلية الجمهورية للتجزئة، والوحدة اللازمة للأمة".
ويرى فيدينو، وهو مؤلف كتاب "الدائرة المغلقة: الانضمام إلى وترك جماعة الإخوان في الغرب"، أن خطاب ماكرون ولغته القاسية لم يكونا مفاجأة لأي شخص يتابع الجدل الفرنسي حول "الإسلاموية" و"الإرهاب" خلال السنوات القليلة الماضية.
ونوّه بأن مصطلحات مثل "الانفصالية الإسلامية" و"الجماعاتية"، التي شكلت خلال السنوات السابقة مفردات شبه حصرية لحزب "الجبهة الوطنية" اليميني المتطرف (أصبحت الآن التجمع الوطني بقيادة مارين لوبان) أصبحت تستأثر بانتشار كبير.
ووفقا للكاتب، أصبح مصطلح "إخواني-سلفي" شائعا أيضا، ويغطي كلا الاتجاهين للمتشددين الذين يتهمهم منتقدون بالترويج للانفصالية في البلاد، وهما "الإخوان" الذين يتبنون واجهة معتدلة وأجندة مثيرة للانقسام، والسلفيون برفضهم القوي للمجتمع الفرنسي.
وأكد أن الدافع وراء مخاوف فرنسا المتزايدة بشأن "الإسلاموية" هو الإرهاب بلا شك، فمنذ هجوم مجلة "تشارلي إبدو" الإرهابي في يناير/كانون الثاني 2015، كانت البلاد في حالة تأهب دائم تقريبا.
كما واجهت فرنسا هجمات كبيرة على غرار هجمات باريس في نوفمبر/تشرين الثاني 2015، وشاحنة نيس في يوليو/تموز 2016، وعدد كبير من أعمال العنف التي يرتكبها في الغالب أفراد مرتبطون بتنظيم "داعش" أو يستلهمون أفكارهم منه ببساطة.
ولفت فيدينو إلى أن فرنسا هي الدولة الأوروبية التي ساهمت بأكبر فرقة من المسلحين الأجانب في سوريا، وعددهم نحو 2000.
وفي هذا الصدد، كان تقييم العديد من الخبراء داخل وخارج الحكومة هو أن "أراضي الجمهورية المفقودة"، وهي مناطق تكون فيها سيطرة الحكومة ضعيفة حيث تزدهر الجريمة والتطرف، يشار إليها في بعض الأوساط بأنها أرض خصبة مثالية لانتشار هذه الظاهرة.
واستشهد بكتابين حديثين للكاتبين هوجو ميشيرون وبرنارد روجير، حظيا بتغطية إعلامية كبيرة، أظهرا جليا أنه بينما كان التهميش والجريمة والبطالة عوامل مهمة في التسبب في موجة التطرف في فرنسا، تمثل البيئة الانفصالية التي خلقها من يسمون "إخوان-سلف" عاملا أكثر خطورة.
وفقا للكاتب، لم تتبن أي دولة أوروبية نهجًا متماسكًا حتى ولو من بعيد للتصدي للإرهاب، وهي مهمة أصبحت معقدة للغاية؛ بسبب حقيقة أن معظم أنشطتهم غير العنيفة تقع ضمن حدود القانون.
وكانت عدة بلدان اعتمدت تدابير تهدف إلى مواجهة الإرهاب، منها حظر التمويل الأجنبي (كما فعلت النمسا) أو الحد منه (كما تناقش هولندا)؛ وتدريب الأئمة (كما تفعل ألمانيا) وترحيل المتطرفين (إيطاليا تفعل ذلك أكثر من أي بلد آخر)؛ وخفض التمويل العام للمنظمات المرتبطة بالشبكات المتطرفة من أجل أنشطة دينية أو اجتماعية أو مؤيدة للاندماج أو معادية للإسلام أو التطرف (كما فعلت السويد مؤخرًا مع شباب الإخوان الذين لم يفوا بمتطلبات الديمقراطية" اللازمة لتلقي مساعدات).
واستدرك قائلا: "إن هذه التدابير لا تمثل نهجا شاملا لمواجهة الإرهاب، حتى استراتيجية ماكرون لا تغطي سوى جوانب محدودة".
كما تدعو إلى مزيد من التدقيق الصارم بشأن تمويل أماكن العبادة، لهذا لم يأت إلقاء خطاب ماكرون بالصدفة في ميلوز، موقع المسجد الضخم الذي أثار تمويله القطري جدلا وطنيا.
واستدرك بالإشارة إلى أنه رغم ضعف التدابير التي أعلنها ماكرون، فإن خطابه مهم لأنه يوضح وجهة النقاش في أوروبا لمواجهة الإرهاب.
aXA6IDMuMTQ3LjY0LjE4NSA= جزيرة ام اند امز