قمة "الناتو" بمدريد.. هل ترفع تركيا "الفيتو" عن فنلندا والسويد؟
مقاربة صعبة تفرضها تركيا للموافقة على انضمام فنلندا والسويد لـ"الناتو" تضبط عقارب الغرب على قمة الحلف في مدريد.
قمة استهل حلف شمال الأطلسي (الناتو) أعمالها الثلاثاء بالعاصمة الإسبانية، محملة بأجندة شائكة تشكل ارتدادات بديهية للحرب الروسية الأوكرانية؛ أكبر أزمة أمنية في أوروبا منذ نهاية الحرب العالمية الثانية.
اجتماعات يؤكد خبراء أنها ستكون حاسمة وسط جهود غربية للضغط على أنقرة للموافقة على انضمام فنلندا والسويد إلى الحلف، فيما تتمسك أنقرة بأنها لن ترفع "الفيتو" إلا بعد معالجة مخاوفها الأمنية.
"نتائج وليس كلمات"
في تصريحات أدلى بها في المطار قبل مغادرته إلى مدريد لحضور قمة "الناتو"، تمسك الرئيس التركي رجب طيب أردوغان بموقفه تجاه فنلندا والسويد، وقال إن أنقرة تريد نتائج وليس كلمات ردا على مخاوفها.
وأضاف أردوغان أنه سيجتمع مع زعماء السويد وفنلندا والحلف لإجراء محادثات بشأن طلب الانضمام، مشددا على أنه يتعين على البلدين أخذ مخاوف أنقرة في اعتبارهما للحصول على عضوية الحلف.
وتابع: "سنعقد تلك المحادثات الرباعية وسنرى المدى الذي ستبلغه"، مؤكدا: "لا نريد كلمات جافة، وإنما نتائج".
"نتائج" تحمل في طياتها سيلا من التدابير التي ينبغي أن يتخذها البلدان كعربون حسن نية من شأنه أن يمنح أنقرة الضمانات الكافية لعدم التلويح بالفيتو ضد بلدين يؤكدان أن التهديدات الناجمة عن الحرب الروسية الأوكرانية أجبرتهما على التخلي عن سياسة حياد استمرت عشرات الأعوام.
لكن فنلندا والسويد تواجهان معارضة من تركيا بسبب ما تقول إنه دعم البلدين لجماعات تعتبرها إرهابية وفرض حظر أسلحة على أنقرة.
ويبدو أن مسار المحادثات التي عقدتها تركيا مع فنلندا والسويد وحلف الناتو لم تنجح في تبديد مخاوفها، خصوصا أن طلباتها المكتوبة التي قدمتها للبلدين المعنيين "لم يكن مرضيا".
وبناء على ذلك، لا تزال أنقرة ترفع ذات المطالب، مع أنه لا انفراجة تبدو في الأفق حتى الآن، كما لم يفلح اجتماع عقده، الإثنين، المتحدث باسم أردوغان ونائب وزير الخارجية مع مسؤولين سويديين وفنلنديين ببروكسل، في تحقيق حلحلة بالملف.
انسداد يخشى مراقبون أن تصيب عدواه أعمال قمة مدريد، معتبرين أن الاجتماعات الجارية ستكون مصيرية وستحدد وجهة "الفيتو" التركي والأهم أنها ستقدم كشف حالة عن تماسك الحلف ودرجة التنسيق بين أعضائه.
لحظة محورية
يأمل الغرب بإقناع أردوغان بقبول انضمام السويد وفنلندا للناتو، في لحظة محورية لحلف يسعى لإظهار تماسكه في واحدة من أشد المراحل صعوبة في تاريخه، وفي خضم الانقسامات السائدة بين زعمائه.
وعلاوة على الملفات الأخرى المطروحة على الطاولة، إلا أن مسألة إقناع تركيا تبدو الأهم بعد تقديم المزيد من المساعدات العسكرية لأوكرانيا وزيادة الإنفاق الدفاعي المشترك، ووضع المزيد من القوات في حالة تأهب للدفاع عن دول البلطيق.
فتمسك أنقرة برفضها يعني حرمان الحلف من توسع إستراتيجي وتاريخي يحتاجه أكثر من أي وقت مضى، في ظل الحرب الدائرة شرقي أوروبا، والتقدم الذي أحرزته موسكو في منطقة دونباس شرق أوكرانيا، مع ما يعنيه ذلك من نجاح مرتقب في تأمين حزام روسي سيكون بمثابة صمام أمان ضد أي توسع محتمل للناتو.
فالفيتو التركي من شأنه أن يمنح موسكو أريحية أكبر في عملياتها العسكرية الجارية شرق أوكرانيا، وسيجبر الحلف على الالتزام بحدوده التقليدية ما يجعله عاجزا إزاء أي تصعيد روسي محتمل خارج نطاق الحرب الراهنة.
سيناريوهات قد تبعثر خطط الناتو الذي يعول على آمال إقناع أنقرة، ويبدو أنه اختار تاريخ انعقاد قمة مدريد بالتزامن مع الذكرى الـ40 لانضمام إسبانيا، مفعما بآمال رمزية أرقام قد تتقلص إلى أدناها تحت ضغط حسابات الأمن التركية.
aXA6IDMuMTUuMzQuNTAg
جزيرة ام اند امز