قمة قادة "الناتو" في مدريد لن تكون عادية في قراراتها، سيما وأن اشتداد المعارك في أوكرانيا يفرض نفسه على طاولة النقاش وخيارات المستقبل.
الرئيس الأمريكي جو بايدن وإدارته على وجه الخصوص يشددون على مسألة عدم قدرة روسيا على تحطيم هذا الكيان العسكري الكبير، ويتفق معه في ذلك رئيس وزراء المملكة المتحدة بوريس جونسون.
وبعيدًا عن الحروب الكلامية بين الغرب وروسيا، تبقى قمة الناتو في مدريد حاسمة من حيث الشكل والمضمون، حيث تضم أجندتها حسم طلب مملكة السويد وجمهورية فنلندا بالدخول في النادي الدفاعي الأكبر في العالم، حلف الناتو.
وهذان الطلبان المستعجلان يأتيان عقب العملية العسكرية الروسية الخاصة في أوكرانيا، فـ"هلسنكي" كما "ستوكهولم" خلعتا ثوب الحياد العسكري والسياسي رسميا.. وبات قادة البلدين، أو بالأحرى السيدتين اللتين تمسكان بدفة الحكم في الدولتين الاسكندنافيتين، ماجدالينا أندرسون وسانا مارين، رئيستي الوزراء، تريان في الانضمام مسألة داخلية وذات أثر مهم على الانتخابات البرلمانية المقبلة في كلا البلدين من حيث الاستحقاق الحزبي.
والمعروف الآن أن الطلب السويدي، كما الفنلندي، يصطدمان بفيتو تركي كبير، فنظام حلف الناتو الداخلي يقتضي التصويت بالإجماع على دخول أي دولة جديدة للحلف.
ومن وجهة نظر الرئيس التركي رجب طيب أردوغان، فإن أنقرة ترفض وبشدة الموافقة على ذلك، ما لم تلبِّ السويد وفنلندا الشروط التركية، التي تراها السويد "تعجيزية"، تراها فنلندا "غير منطقية".
ويرى قادة الحلف، كما أمينه العام النرويجي ينس ستولتنبرغ، أن السويد وفنلندا استوفتا كل شروط الانضمام، ويستشهد القادة بمشاركة البلدين في مناورات عسكرية عدة سابقة للحلف، وفي ذلك دليل على جهوزية القوات العسكرية بكل صنوفها في البلدين، فضلا عن السجل السياسي والإنساني المميز.
ومع أن تركيا تمسك العصا من المنتصف فيما يخص روسيا، عبر تدخلها للوساطة بين كييف وموسكو، وفتحها ممرا غذائيا إنسانيا في البحر الأسود، وصولاً إلى الاتصالات شبه الأسبوعية بين الرئيس أردوغان وزيلنسكي وبوتين، فإن مطلبين تركيين يكفلان موافقتها على انضمام السويد وفنلندا إلى الناتو.
مطلب تركيا الأول هو رفع حظر تصدير الأسلحة إلى تركيا من قبل السويد وفنلندا والولايات المتحدة وبريطانيا على وجه الخصوص، والمطلب الثاني هو الحد من أنشطة المنظمات الكردية في السويد وفنلندا، وتسليم من تسميهم تركيا بـ"المطلوبين" إليها.
السؤال الكبير هنا يتعلق بتقرير مصير الانضمام، هل سيكون هناك دخان أبيض يخرج في نهاية قمة قادة الناتو في مدريد؟ أم أن قطار الانضمام السويدي الفنلندي سينتظر محطة جديدة يتوقف بها إذا تم ترحيل الملف لقمة أخرى؟
الآراء والمعلومات الواردة في مقالات الرأي تعبر عن وجهة نظر الكاتب ولا تعكس توجّه الصحيفة