ترابط البنية التحتية وتكامل الأنظمة عنصران مهمّان لدفع التنمية الإقليمية للصين، وكل بلد يريد تحسين معيشة مواطنيه عليه أخذهما بالاعتبار.
وقد طرحت الصين فكرة بناء منطقة خليج قوانغدونغ- هونغ كونغ- ماكاو الكبرى في عام 2017، كما وضعت "ترابط البنية التحتية" بهذه المنطقة في أولوياتها.
ومنطقة "الخليج الكبرى" بالصين تضم منطقة هونج كونج الإدارية الخاصة ومنطقة ماكاو الإدارية الخاصة، بالإضافة إلى تسع مدن بالبر الرئيسي، منها قوانغتشو وشنتشن وتشوهاي وغيرها في منطقة دلتا نهر اللؤلؤ، وتغطي المنطقة مساحة 56 ألف كيلومتر مربع، ويقطنها نحو 80 مليون نسمة.
ومنذ أصدرت الصين خطة تنمية لمنطقة "الخليج الكبرى" في فبراير 2019، ارتفع إجمالي ناتج المنطقة المحلي من أكثر من 10 تريليون يوان في عام 2018 إلى نحو 12.6 تريليون يوان في 2021.
وفي عام 2018، تم افتتاح جسر هونج كونج-تشوهاي-ماكاو رسميا، وهو أطول جسر عابر للبحر في العالم، وذلك لربط مدن المنطقة ببعضها.
ويبدأ الجسر شرقا قرب مطار هونج كونج الدولي، ويمتد 35 كيلومترا عبر البحر ليصل إلى ماكاو، ثم ينتهي في مدينة تشوهاي بمقاطعة قوانغدونغ.. حيث يقلص وقت السفر بالسيارة من هونج كونج إلى كل من ماكاو وتشوهاي من أربع ساعات إلى 30 دقيقة فقط.
كما تم بناء خط سكة حديد قوانغتشو-شنتشن-هونج كونج السريع وطرق سريعة عدة تصل البر الرئيسي بمنطقة هونج كونج مباشرة، وأصبحت شبكة المواصلات داخل المنطقة أكثر كثافة، الأمر الذي يعزز الترابط بين المناطق الثلاث ويشكل دائرة حياة جيدة للعيش والعمل والسفر.
وتعزز شبكة النقل المتكاملة خدمات الركاب والخدمات اللوجستية، ولا تساعد في تنمية هونج كونج فحسب، بل تساعد في التنمية الاقتصادية لمدن البر الرئيسي أيضا.
كما تحتاج منطقة "الخليج الكبرى" بالصين إلى آلية تنسيق لتعزيز التنمية.
وبدأت الصين تنفيذ سلسلة إصلاحات هامة في المنطقة، كإصلاح نظام التسجيل التجاري والاعتراف المتبادل بالمؤهلات المهنية، مع تطور ترابط الأنظمة والآليات.
وتتمتع هونج كونج وماكاو بالأسواق المالية الناضجة والاتصالات الدولية الوثيقة وصناعة الخدمات المتقدمة، والبحث العلمي المتطور، فيما مزايا قوانغدونغ متمثلة في أراضيها الواسعة وسوق استهلاكها الكبيرة، وصناعة متطورة وقدرة تنفيذية قوية، تشكل قدرة تنافسية شاملة، لتصبح منطقة "الخليج الكبرى" من المناطق الأكثر حيوية في الصين.
ويأتي مزيد من الشباب من هونج كونج وماكاو إلى مدن البر الرئيسي في منطقة "الخليج الكبرى" بالصين للدراسة والعمل والعيش.
فهناك أكثر من 85.1 ألف مواطن من هونج كونج وماكاو يعملون في قوانغدونغ.
وحتى نهاية عام 2021، شارك 279.2 ألف مواطن من هونج كونج وماكاو في المعاشات التقاعدية والتأمين ضد البطالة وإصابات العمل في قوانغدونغ.
أما في الإمارات، فتتكامل الميزات الفريدة، ثقافيا واقتصاديا، في ظل اتحاد قوي يحقق مصلحة شعبها.
فلربط مناطق دولة الإمارات ببعضها، ارتأت الدولة تأسيس منظومة نقل جديدة عام 2009، وهو مشروع "قطار الاتحاد"، الذي تم الانتهاء من مرحلته الأولى عام 2016.
ويربط المشروع مدن الإمارات ببعضها، كما يسعى أيضا إلى ربط المواني والمجمعات السكنية بمختلف المناطق والمراكز التجارية والصناعية، لتعزيز كفاءة وسائل النقل والمواصلات في الإمارات، وخدمة مصالح الشعب على أكمل وجه.
ولا يزال العمل جاريا لاستكمال خط قطار الاتحاد، والذي سيمتد في المراحل المتقدمة منه إلى دول مجلس التعاون الخليجي، ما سيعزز التكامل الاقتصادي والتعاون الإقليمي.
وقد ألهمت تجربة التطور العمراني في الصين ودولة الإمارات وخططهما في ترابط البنية التحتية وتكامل الأنظمة، غيرهما من دول العالم، ممن يرغبون في تحقيق هذا النموذج الناجح الذي يحافظ على الاستقرار والازدهار طويل المدى.
الآراء والمعلومات الواردة في مقالات الرأي تعبر عن وجهة نظر الكاتب ولا تعكس توجّه الصحيفة