«العين الإخبارية» تلتقي أول عالم عربي يقود ثورة الطاقة النظيفة في أمريكا

من قاعة دراسية بسيطة بقرية ناهيا بمحافظة الجيزة، إلى مختبرات كاليفورنيا، ومن جامعة القاهرة، إلى منصات التتويج العالمية.
- بطاريات تخزين الكهرباء.. «ثورة هادئة» في قطاع الطاقة
هذه ليست مشاهد من فيلم ملهم، بل قصة حقيقية للباحث المصري الدكتور ماهر القاضي، الأستاذ المساعد في قسم الكيمياء والكيمياء الحيوية بجامعة كاليفورنيا في لوس أنجلوس، الذي تحدى القيود، وكسر الحواجز، ليصبح أحد أبرز العقول في علم تخزين الطاقة على مستوى العالم.
قبل سنوات، لم يكن اسم القاضي يتصدر عناوين الإنجاز، بل كان جزءا من جدل معقد بينه وبين مسؤولي وزارة التعليم العالي المصرية، انتهى بفصله من جامعة القاهرة، حيث كان يعمل مدرسا بقسم الكيمياء.
وبينما كانت اللوائح الصارمة في مصر تُجبره على ترك مشروع بحثي بموازنة 100 مليون دولار، لأن عليه العودة إلى مكتبه الجامعي قبل أن يُسمح له بالسفر مجددا بعد عامين، كانت مؤسسات البحث العلمي في الولايات المتحدة تفتح أمامه الأبواب وتوفر له كل سبل الدعم، ليحقق ما لم يحققه غيره من أبناء جيله.
وحصل القاضي حتى اليوم على أكثر من 200 براءة اختراع، وأصبح أول مصري وعربي يفوز في يناير الماضي بجائزة الباحثين الشباب التي تمنحها سنويا دورية "إنِرجي ستورِج ماتيريالز"، تكريما لأبرز الإسهامات العلمية في مجال تخزين الطاقة.
ورغم ما تعرض له ، لم تفتر محبته لجامعة القاهرة، ففي مكتبه المزدحم بالكتب، يعود بين الحين والآخر إلى مؤلفات نادرة عن تاريخ الجامعة، منها كتاب عمره قرن من الزمن يعود لأول رئيس لقسم الكيمياء بكلية العلوم، الدكتور إيجرتون جري.
يقول القاضي مشيرا إلى هذا الكتاب بحماس خلال حواره مع "العين الإخبارية": "لا أحد يعرف أن هذا الرجل هو أول من تحدث عن الميكرو كيمستري. وسأكشف قريبا عن إنجاز علمي مهم خرج من جامعة القاهرة يمكن أن يعيد كتابة تاريخ العلم في القرن العشرين".
البيئة تصنع الفارق
ما يعتبره القاضي سر تجربته الناجحة هو ببساطة "المناخ الصحي"، أو ما يصفه بأنه مزيج من الإدارة المرنة، وثقافة التصنيع، والدعم المؤسسي الحقيقي للبحث العلمي. ويقول: " يوجد الآلاف ممن يملكون قدرات عقلية مثل ماهر القاضي، لكن الفارق هو البيئة التي أعمل فيها هنا".
ويوضح أن غياب الثقة في مخرجات البحث العلمي يجعل أفكار الباحثين حبيسة الأدراج، بينما تتكفل الجامعات الأمريكية بتمويل تسجيل براءات الاختراع عالميا لحمايتها وتحويلها إلى منتجات قابلة للتطبيق الصناعي.
وكان القاضي من المؤسسين لشركة "نانوتك إنيرجي"، المتخصصة في إنتاج بطاريات الغرافين والمكثفات الفائقة، وهي التقنية التي نشأت فكرتها من بحث علمي نشره حول طريقة جديدة لإنتاج أجزاء من الغرافين القادرة على تخزين الطاقة، ولاحقا، جذبت هذه التقنية اهتمام شركات كبرى للاستثمار.
الانطلاق من نقطة الصفر
ما يزيد من إلهام هذه القصة هو بدايتها. فلم يكن القاضي متفوقا في سنواته الدراسية الأولى، بل يصف نفسه بأنه "أقل من المتوسط" حتى المرحلة الإعدادية، حين أشعل معلمه محمد حسنين شغفه بالعلوم. أما أسرته، فقد كانت من بيئة بسيطة بقرية ناهيا في محافظة الجيزة، لا تضغط عليه من أجل الالتحاق بكليات القمة، فكانت كلية العلوم وجهته، ومنها بدأت رحلة النجاح.
لكن التحول الجذري في مسيرته بدأ عندما اضطر إلى الاعتماد على التعلم الذاتي في ظل غياب الدروس الخصوصية، وهو ما جعله يعتمد على نفسه في التحصيل، ويقول: "هذا الاعتماد على الذات هو ما صنع الفارق لاحقا، في كلية العلوم، وفي مسيرتي كلها".
aXA6IDIxNi43My4yMTYuMjA4IA== جزيرة ام اند امز